مجالس المحافظات اليوم موضع جدل ، فهناك من يريد إلغاءها وآخر يقول بتجميدها ، فيما فريق ثالث يدعو الى الإسراع في اجراء انتخاباتها وتهيئة المستلزمات.
من المؤكد ان الامور لم تصل الى هذه الحالة من الجدل المحتدمة بشان عمل مجالس المحافظات والحكومات المحلية، الا بعد ان تراكمت سلبيات وثغرات جدية في عملها، فضلا عن ان الناس لم تتلمس منها شيئا معتبرا. بعبارة اخرى هي عموما لم تبرر وجودها وما ينفق لادامتها من أموال او يوضع تحت تصرفها من أموال. اضافة الى مؤشرات الفساد التي ظهرت ووثقت على العديد من المتنفذين فيها ، حتى غدا الامر سيان بالنسبة للمواطن في ان تبقى او لا تبقى!
نعم هي تلكأت كثيرا، ولكن هل يكمن الحل في الغائها، او في اتخاذ إجراءات تؤدي في نهاية المطاف الى الغائها او تحجيم دورها وتصغيره الى ابعد الحدود؟
ان حلولا غير مدروسة تأتي كرد فعل على واقع عمل الحكومات المحلية بشقيها، لن تعالج الامر ، فيما بات مطلوبا الان دراسة عمل مجالس المحافظات وادائها بتروٍّ وبعيدا عن الانفعال.
ولو نظرنا الى الامر من زاوية اخرى، وقارنّا عمل الحكومات الاتحادية ومجلس النواب لدورات متعددة، ورغم التفاوت ، لوجدنا حالهما لا يختلف كثيرا عن حال مجالس المحافظات. فهل ان هذا الفشل يدفع الى الدعوة الى حلهما هما ايضا؟ وماذا بعد ذلك؟
الحكومات المحلية حالها حال السلطات التشريعية والتنفيذية الاتحادية شاب عملها الكثير. بل يمكن القول انها عموما لم تنهض بواجباتها المطلوبة تجاه المواطنين . وهي ومنذ مدة طويلة استحقت التوقف عندها بمسؤولية كبيرة وبهدف إصلاحها، كي تنهض بدورها ضمن منظومة الحكم التي رسمها الدستور العراقي النافذ .
وهذا يوجب البحث في الأسباب الحقيقية لهذا الإخفاق، وليس الهروب الى امام باجراءات مبتسرة ، او بشخصنة القضايا . فلابد من الإقرار اولا بما يواجه المحافظات من اشكاليات جدية، ثم البحث المعمق في الأسباب. وقد غدت عناوين هذه الأسباب معروفة ومشخصة بالنسبة الى القاصي والداني، وبضمنها المحاصصة ، الفساد المستشري ، النفعية وتغليب المصلحة الخاصة على قضايا الناس وحاجاتهم، سعي القوى المتنفذة الى الهيمنة والاستحواذ على القرار، وعدم الكفاءة، وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وغير ذلك.
وواضح الآن انه من دون معالجة هذه الامور وغيرها، يصعب تصور ان تقوم السلطات المختلفة على الصعيد الاتحادي وأصعدة الإقليم والمحافظات، بواجباتها على نحو مقبول، يبرر وجودها .
يبقى السؤال: من يقوم بهذا ؟ هنا لا يمكن التعويل على من جُرّب وفشل، وأبلى بلاء حسنا في سوء الإدارة والفساد والركض وراء السحت الحرام.
فِي نهاية المطاف يبقى الامر بيد دعاة الاصلاح والتغيير الحقيقيين، وعلى المواطنين ان يقولوا كلمتهم الفصل عبر مختلف الوسائل الشرعية والدستورية والسلمية.

عرض مقالات: