فرضت الولايات المتحدة الامريكية حزمة من العقوبات على ايران مما اضعف عملتها التومان في التعامل التجاري والسوق الداخلية ، وقد تشدد العقوبات بشمول تصدير النفط خلال الاشهر القليلة القادمة .

 وكان العراق قد خبر العقوبات الامريكية قبل اكثر من عقدين من الزمن وعانى الشعب العراقي من شظف العيش وانخفاض القيمة الشرائية لعملته النقدية حتى اصبحت لا تساوي قيمة الورق الذي تطبع به حينذاك .

ادعت الادارة الامريكية انها لاتبغي تغيير النظام الايراني ولكنها بهذه العقوبات تبغي تغيير سلوكه ، وهو ما كان ايضا مع نظام صدام اذ ظلت بلاد الرافدين تحت سيف العقوبات لعقد ونيف وظل النظام الصدامي يعيش في النعيم غير مكترث بفاجعة العوز والفاقة التي يعيشها الناس ، بل كان يستفيد منها في التظاهر بالاعلان عن وفيات الاطفال وشحة الدواء والغذاء .

تتخذ امريكا من قوتها العلمية وتطورها الصناعي  والزراعي سلاحا تحارب به الشعوب من اجل اخضاع  حكومات متمردة على ارادتها وكسر شوكة زعماء البلدان التي لا تتبع  رغبة البيت الابيض في السياسة المحلية والدولية او في التبعية المالية والاقتصادية وتجنح الى التحكم بثرواتها  او تحالفاتها السياسية . وهو ما حدث مع الاتحاد السوفيتي سابقا وروسيا حاليا كما في قضية تصدير وبيع القمح الامريكي لروسيا والتي ادت الى تطوير زراعة القمح في روسيا لاحقا ، لكن العقوبات التي طبقت على كوبا احاقت بالشعب الكوبي اضرارا بالغة ، و حرمتهم من  وسائل المدنية الحديثة مثل السيارات والاجهزة الالكترونية

حين اطبقت العقوبات الامريكية وقبضة النظام الصدامي  الوحشية على العراقيين ، وجدت القوى المناهضة لصدام في ايران ملاذا تحتمي فيه وتعيش فيه بامان وتعمل من هناك ضد نظام الحكم الذي حظي بمساندة عسكرية من لدن الولايات المتحدة الامريكية وسمحت لطائراته السمتية بحصد ارواح العراقيين وافشلت مقاومتهم في انتفاضة اذار 1991 وسقط الاف الشهداء ضحايا قسوة النظام الذي منحته امريكا فرصة جديدة للحياة بعد ان كانت تدعي معاداته وتدعو العراقيين الى التمرد عليه ، وكان نتيجة تلك القسوة انحسار المعارضة التي كانت تشكل الاحزاب الحاكمة اليوم وجماهيرها من وسط وجنوب البلاد والاحزاب الكردية في كردستان العراق عمودها الفقري .

تمتعت القوى السياسية العراقية المعارضة لنظام صدام بعيش رغيد في ايران لسنوات قاربت العقدين من السنين حتى جاءت لحظة التغيير الامريكية لنظام صدام وعودة الاحزاب المعارضة لتتسلم الحكم من الحاكم الامريكي بريمر بطيب خاطر وفق مخطط امريكي نحصد نتائجه اليوم من خير وشر ، خير تمثل بديمقراطية شكلية وانتخابات مهلهلة ، وشر تمثل بمعاناة المواطنين من سيطرة طغمة سياسية تتشبث بالحكم من اجل المزيد من  نهب الموارد المالية وترك الملايين تعاني قلة الخدمات والعيش في بؤرة الجهل والتخلف .

وبسبب طول الحدود المفتوحة بين العراق وايران ، سيكون من الصعب على الحكومة العراقية الانصياع للاوامر الامريكية وتطبيق العقوبات بتفاصيلها على ايران ، فالتبادل السلعي سيظل مستمرا بين الجارين ، وكذلك تبادل العملة وشراء الدولار مقابل البضائع الايرانية التي يحتاجها العراق . بالاضافة الى ان الاحزاب الحاكمة لن ترغب بتشديد قبضة الالتزام بالعقوبات الامريكية بسبب الميل العام لجمهورها ومصلحته في تبادل الزيارات والتجارة بين الجارين لارتباط مصالحهما وهو ما دعى تركيا الى الاعلان عن عدم التزامها بالعقوبات الامريكية ايضا .

الشعب الايراني  يستحق العيش برخاء وحرية فهو أحد اكبر شعوب الشرق الاوسط  التواقة الى التقدم والتحرر من سلطة القمع والتخلف التي يفرضها النظام الثيوقراطي الحالي ونأمل ان تنهض القوى التقدمية الايرانية بمهمة تغيير الواقع المر والمتخلف الذي يلف ايران وينعكس سلبا على العراق ايضا كونه الجار الاقرب لايران ولا نشجع مقاطعة الشعب الايراني وتعريضه الى اية عقوبات بسبب حكومته التي اطبقت منذ اربعة عقود على مقدرات الشعب الايراني الشقيق ، ولا يحق لامريكا او غيرها معاقبة الشعوب وفرض العقوبات الاقتصادية عليها لاي سبب  كان ، فهناك العديد من الطرق السلمية والدبلوماسية التي تحد من سلطة الحكومات التي لا تلتزم بمعايير الحرية والتقدم والسلام سواء مع شعبها ام مع شعوب ودول العالم الاخرى ، ورغم ما تدعيه امريكا من عدم القناعة بالاتفاق النووي مع ايران الا ان هذا الاتفاق الذي صادق عليه مجلس الامن وشاركت  في التوقيع عليه عدة دول كبرى يعد الاتفاق الاولي الناجح في كبح جماح سباق التسلح النووي في منطقة الشرق الاوسط ، لذلك يجب الاستناد اليه  في الوقت الحاضر ريثما يتم الاتفاق على تطويره في ظروف مؤاتيه في المستقبل وعدم استخدام سياسة العصا الغليظة مع شعوب ودول العالم الثالث التي بحاجة الى مزيد من الدعم وتطوير امكاناتها الصناعية والزراعية والحفاظ على البيئة التي اصبحت مشكلة كونية .

عرض مقالات: