مثلا يتداوله العرب للتدليل على وجوب أن تتفحص جيدا ...للشخص أو الجماعة التي تروم طلب المساعدة أو المشورة أو التبصر في أمر من أُمور الحياة .

وهناك مثل يقول [ لا تطلب من الحافي نعل !.. ولا من الأكرع شعر‎]...
أو فاقد الشيء لا يعطيه !...
قبل يومين .. التقيتها مصادفة !.. حينها كنت أنوي الذهاب الى ساحل البحر ، للترويح عن النفس والاستجمام في هذا الجو القائظ .
بالحقيقة كنت سعيدا لهذا اللقاء ، فقد وجدت رفيقا خفيف الظل ويتمتع بالكياسة واللباقة وحسن المنطق وروح الدعابة والمرح !.. 
ولا أُخفي عليكم فإنها لم تتمالك الصبر في إخفاء مشاعرها وغبطتها العارمة !.. 
فجاءت إلي وكأنها رضيع قد تم فطامه وأُبعد عن رضيعته فترة ، ثم التقيا ثانية !.. 
فقد طوقتني بذراعيها !.. ووضعت رأسها بين جوانحي مع زفير وحشرجة وتأوه وحسرات دافئة رقيقة حنون !.. 
أين أنت ؟.. ولم لم نلتقي ؟.. وكيف أنت ؟.. وما هي مشاغلك ؟... والى أين وجهتك الأن ؟.. 
تعالي معي !.. سنجلس في تلك الكازينو المطلة على البحر ، وسأُحسن ضيافتك كما عودتكِ دائما !.. 
وأنا من دواعي سروري أن أقضي بعض من الوقت مع من أُحب وأعشق !.. فأنا قدرك المقدر !.. هكذا بادرتني !.. بعد أن عبرت لها عن سعادتي بهذه الصدفة التي أشعرتني بالنشوة والانشراح ، ومقدار حبي وتعلقي بهذا المخلوق الذي لا يخلو من جنون المحب !..

ضيافتك اليوم أنا من سيقوم بذلك !.. وسأذهب لأطلب لنا نحن الإثنين ما لذ وطاب ، من طعام وشراب !..
فقلت لها كما قال نبي الشعر وربه !.. المتنبي [ عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ ... وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ ، وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها ... وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ ] .

جلسنا متقابلين نتجاذب أطراف الحديث ، في أُمور خاصة ، والحنين والشجن الذي سببه تباعد الزمن في لقاءاتنا ، ولأسباب مختلفة .
قالت هلا سألتك في أُمور السياسة ؟ 
قلت بلا !.. لكِ ذلك .. اسألي !.. 
قالت .. أنا لا أفقه في السياسة ومصائبها وحيلها وكذبها !.. ولا أثق في الساسة بشكل عام ، وبالساسة العراقيين بشكل خاص !.. 
فبادرتها بتعليق ظريف وحتى لا أُعكر صفو جلستنا الحميمة هذه [ تذكرت مسرحية باي باي لندن .. والحوار بين الراحل عبد الحسين عبد الرضا مع صديقه عندما تحدث على ما اعتقد عن ( البدون !.. ) 
فبادره عبد الرضا بقوله .. كام يغلط على الأهل ! ] ...
فقالت حسب علمي ( احترام الرأي والرأي الأخر وتعميق الديمقراطية هي سمة من سمات الساسة اليوم !!.. ) .. 
تفضلي غاليتي واسألي كما تريدين وتشتهين !..

الشعب منذ سنوات يخرج بالتظاهر ، ويطالب بأُمور حياتية أساسية ، ومن دون تلك الشروط لا تستقيم الحياة من [ أمن وماء وكهرباء وتعليم وصحة وطرق وسكن وفرص عمل وعدل ومساوات !! ] .. 
يطالب من الحاكمين منذ خمس عشرة سنة ، من أحزاب الإسلام السياسي ، بتلبية هذه المطالب المشروعة ، والتي لم ينفذ منها شيء !.. 
فهل تعتقد هذه الجماهير الثائرة اليوم ، بأن هؤلاء سيوفون حتى بجزء من هذه المطالب ؟ 
وأين كانوا كل هذه السنوات ؟ 
وهل يقبل هذا المنطق عاقل !.. وربما حتى المجنون ؟ 
ألم يكن من الغباء والسذاجة والوهم ، بأن هؤلاء في نيتهم أو بمقدورهم الوفاء بتلك المطالب للناس ؟...

والسؤال الأخر هو [ قالوا للحرامي تعال احلف !!.. اقسم يمين !.. فقال لهم !.. لقد جاءني الفرج !! ].
سؤالي هو؟... هؤلاء يريدون أن يجتثوا الفساد والفاسدين والمفسدين ، والتصدي للميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة ، ومكافحة تجارة المخدرات والسلاح وتجارة البشر وغير ذلك !! 
ما هي الأدوات التي ستتم من خلالها ؟.. ليقوموا بهذه المهمات الوطنية العاجلة ؟.. ولماذا تركوها مؤجلة لليوم ؟.. واليوم يشمروا عن سواعدهم لتبدأ الخطوة الأولى من ألفها حتى اليائ ، لقطع مسافة الألف ميل ؟...

هل الفاسدين والطائفيين ، وساسة المحاصصة وتقاسم المغانم وأصحابي المشاريع الوهمية وتجار العملة والمهيمنين على التجارة الخارجية وعلى الحدود والجمارك والمطارات !..
هل هؤلاء من سيقوم بالوفاء بمطالب الجماهير ، وسيقومون بإعادة بناء دولة ناجحة وعادلة ؟ ..

السؤال الأخر !... منظومة الدولة والقائمين عليها ومفاصلها من قمة الهرم حتى قاعدته ومن قاعدته حتى قمته ، فاسده ومرتشية ، وتفتقر لأبسط مقومات وشروط الوطنية والنزاهة والكفاءة والمهنية والحرص ، ناهيك عن غياب القانون والنظام والعدل والمساوات في شغل وظائف الدولة المختلفة !..

سؤال يا سيدي الكريم ؟..

من سيشكل الحكومة القادمة ؟ ..

ومن سيعين الوزراء والمدراء العامين ، وأصحابي الدرجات الخاصة والسفراء والسلك الدبلوماسي ؟

من سيعيد بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وعلى أساس الوطنية والاستقلالية والمهنية والكفاءة واللياقة البدنية والعقلية ، وتعيين قادتها والأمرين والمراتب ؟...

ألم يقم بكل تلك المهام الكبيرة والمصيرية ، والتي تقرر مصير وطن وشعب يريد أن يعيش مثل بقية البشر .. هم الفاسدون والمرتشون والسارقون والطائفيون ؟؟...

سؤال ؟.. هل هناك دولة ناجحة قديما وحديثا ؟؟... ، وحتى يومنا هذا ، وبصرت النور، قامت على فلسفة ونهج ومنظومة الدين السياسي وكتب لها النجاح ؟..

بالله عليكم أرشدوني على تلك الدولة ؟..

الجميع يعلم علم اليقين ، بأن الدولة لا يمكن أن تقوم ، وتكون ناجحة وتساوي بين مواطنيها وترسي العدل والأمن وتكون مستقلة ، بغياب ( الدولة الديمقراطية العلمانية ، وفصل الدين عن الدولة ، ومنع المؤسسة الدينية ورجال الدين من التدخل بالسياسة ، ومنعهم من التدخل في شؤون الدولة وبناء منظومتها وتحت أي ذريعة !.. أم العراق استثناء ؟؟.. ) ..

سؤال أخير ؟..

لماذا القوى التي لها مصلحة حقيقية بالتغيير ، تتجنب الإفصاح عن خطابها الواضح ، من خلال تبني التغيير الشامل ، وابعاد قوى الإسلام السياسي وأحزابه عن الاستمرار في تدمير الدولة واضطهاد الجماهير المنتفضة ، واستخدام القمع والاعتقال والقتل ومنعهم من الاعتصام والتهديد والوعيد ، ومحاولات تسويف نضال هذه الملاين وبطرق مختلفة ، ولتمزيق وحدتهم الكفاحية !... لماذا ؟؟ ...

كما قلت في بداية حديثي معك !.. أنا لست سياسية وبعيدة عن السياسة ، ولكني قريبة منك ، بل لصيقة بك وبالكثير من الذي تؤمن به !..

أقول شيء أخير!...

هذا النظام يجب على الجميع أن يدرك حقيقته !..

كل ما يعد به فهو كذب وهراء وخداع !..

ومحاولة لإيهام الناس بخطاباتهم ولقاءاتهم الديماغوجية الواهية ، وكل غايتهم العودة ليحكموا العراق لسنوات أربعة أخرى !
كل ما حققوه من نتائج ليس رغبة من الناخبين !.. بل نتيجة لانتخابات غير سليمة من ألفها الى يائها ، التي شابها التزوير والتحريف وما ارتكبته المفوضية الغير مستقلة ، وما أفرزته من نتائج ، لتعيد للفاسدين حظوتهم وسطوتهم على مقاليد السلطة ، فأمست هذه القوى الفاسدة ، لها الأغلبية في مجلس النواب ، وستتمكن من فرض رؤيتهم على الجميع ( وبديمقراطية الأكثرية !! ) وهذا سيعيدنا الى المربع الأول .

على قوى شعبنا ، والملايين المنتفضة أن تضيق الخناق على هذا النظام الفاسد وأحزابه الطائفية ، وأن تطالب بقيام نظام ديمقراطي علماني في دولة المواطنة وقبول الأخر ، وعدم تصديق وعود هؤلاء الفاسدين ، الذين باعوا ضمائرهم وخانوا شعبهم وتنكروا لقيم دينهم الحنيف ، وعملوا بالضد من مصالح الشعب والوطن !,,,,,

الوطن وطن الجميع وما على أرضه وفي باطنها لعموم هذا الشعب ، بكل القوميات والأعراق، وأديانه وطوائفه ومناطقه ، ناضلي يا جماهير شعبنا لاستعادة ثرواتكم التي نهبت ، على أيدي السارقين والفاسدين ، ودافعوا عن استقلال العراق وكرامته ، لتنعموا بالحرية والرخاء والعيش الرغيد .