هكذا تتجلى الفوارق الطبقية في المجتمع العراقي بصورتها التي غدت ليست بحاجة الى الاستعانة بتكنيك سياسي متقدم للتعامل مع وقائعها اليومية، من اجل الوصول الى حقيقة ما يعتمل في مجريات الموازين الاجتماعية، ففي عراق ما بعد سقوط النظام المستبد في عام 2003. صارت تُشاهد مسيرة الحراك السياسي كالتي تمشي على عكازة معوق في طريق حلزوني عكر، وليس منبسطاً على غير ما يراه كبار القابضين على دفة الحكم، الذي ولد هو الاخر يأكل أطرافه، وصولاً الى ان أمسى يجتر ذاته لأنه استمرأ الرقص على حافة هاوية الضياع والرحيل الابدي.

ان الشواهد على صخب التمايز الاجتماعي غدت تستفز الم المواطن العراقي حقاً، المبعدة اغلبيته عن حاضنات الحكم. حيث تُرك لا يأخذ ولا يعطي، كما و حصرت حقوقه " بنعمة " التفرج فقط. بل ويحرم عنوة من التمتع بحرية التعبير عن الرأي المُكتّفة بسلاسل الطغمة الحاكمة .. ويُرى تنمّر طبع رفس القانون الذي صار سائداً، اذ نؤشر على التجاوزات فيما يتعلق بجزئية العملية الانتخابية المتمثلة بالدعاية الانتخابية.. فالصرف الباذخ يشي بالغنى سحتاً حراماً من قبل الفاسدين، سيما اذا ما قورن بتواضع دعاية الاحزب النبيلة من اصحاب الايادي البيضاء " تحالف البديل  ".. وهذا ما تتجلى فيه الفوارق الطبقية بصورة مأزومة.

              ان التمايز الطبقي في هذه المرحلة لا يتوقف عند الصرف على الدعاية الانتخابية، انما في شراء الاصوات بل وشراء المرشحين وبعض الاحزاب السياسية ذات الجذورالرخوة، التي راحت تهرول مأسورة امام المغريات للاسف الشديد، الامر الذي دفعها الى التجافي مع المبادئ والقيم السياسية التي طالما تغنت بها، وسرعان ما تغيّر نغمة صوتها الديمقراطي الى ان يصبح نشازاً يخدش مسامع جماهير بيئتها، وهنا لابد من تبيان اثر غمامة المغريات التي جعلت البعض"  المتغير " يتصور ان الاصوات التي كان يعول عليها في بيئته الديمقراطية، ستهرول خلفه وتمسك بعربة رهطه الاخيرة. غير انه لم ولن يدرك بان هذه الاصوات ارتبطت به لكونه ديمقراطي الهوى فقط، اذ انها لم تكن فاقدة لحواسها، وستسارع الى رفع علامة نقطة نظام. معلنة تشبثها بحواضنها الديمقراطية الاصيلة. وبالمناسبة نشير الى عالم الديمقراطية الذي يؤكد ان الاكثرية هي التي تحكم، ولوحة الشعب العراقي تنطق بان الاغلبية هم الفقراء ولا احد يمكنه نكران ذلك، وان الاقلية جداً جداً، هم الاغنياء الحاكمون. اذاً  من الذي سيحكم ؟.. نترك الامر للغد القريب.

عرض مقالات: