
قال الحكيم الصيني (ديكور تنز) في القرن الخامس قبل الميلاد إذا كنت تخطط لسنة فأغرس بذرة. وإذا كنت تخطط لعشر سنوات فأزرع شجرة. وإذا كنت تخطط لمئة عام فعَلم الناس)
وهنا قد حسم المهمة الجليلة الكبرى للتعليم وأثرها غير المحدود في جميع جوانب الحياة ، والمجتمعات الانسانية المختلفة ، فالتعليم باختصار هو اكتساب المعارف والمعلومات والمهارات ينتج عنه تطور متواصل لعالم المتعلمين ويشمل جميع جوانب شخصياتهم وينمي أفكارهم ويطور قابلياتهم ويقوي إمكاناتهم ويثري تكويناتهم ويكسبهم أساليب سلوكية حميدة تساعد في بناء علاقات طيبة وثمرة مع الأخرين أساسها الحب والاحترام المتبادلان بينهم وبين افراد مجتمعهم ويصبح موقفهم إيجابيا تجاه أمور الحياة ويزيد إمكانات المتعلم وطاقاته وخبراته، وترتفع كفاءاته وتزداد انتاجياته كما ونوعا ويتحول إلى رأس مال بشري كبير،
والدراسات الحديثة قد أثبتت الأثر الفاعل للمستويات التعليمية المرتفعة للإنسان في رفع مستواه الاقتصادي والمعيشي، وقد ظهر أن عائدية التعليم لا تقتصر على الفرد، فحسب بل تتعداه إلى المجتمع بكامله، وارتفعت أهمية العنصر البشري المؤهل وأثره في المشاريع التنموية.
ويعد قطاع التربية والتعليم أحد القطاعات الوطنية المهمة التي تستحق من المسؤولين في الدولة كل الاهتمام والرعاية ومن قبل أصحاب القرار السياسي وكل الساعين إلى التغيير المنشود نحو الأفضل نحو بناء دولة المؤسسات الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي الذي تحقق في الدول الصناعية المتقدمة، يعود إلى تطور ذكاء الإنسان وقابلياته ومعارفه ومهاراته في الانتاج والإدارة والتنظيم، فذكاء الإنسان وقدراته قد أخذت المكانة الأولى في التنمية، وأعطت لرأس المال المكانة الثانية، وبذلك أصبح التعليم يشكل العنصر الانتاجي الأول والاداة الفاعلة الرئيسية في تقدم الدول ونموها.
.. والتربية تصون كرامة الانسان وتؤمن له حقه في العيش الكريم الذي يقوم على حق العمل وتفسح له المجال أمام قدراته ومواهبه وتتيح له وللآخرين من أقرانه الفرص المتاحة بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه وانتمائه السياسي والفكري.
إن الإنسانية التي تؤمن بحق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة.. إنها انسانية معطاء لآنها تحتقر وتمقت الاستبداد والعنصرية والطائفية وتؤمن بالتعاون بين الشعوب وبإقامة مجتمع بشري إنساني تسوده العدالة والقيم الانسانية ويسودهم السلام والأمان وينعمون بالعيش الرغيد
وأما م المعنيين بشؤون القطاع التربوي والتعليمي طريقة واحدة ليرفعوا بها مستوى النظم التربوية إلى مستوى عال من الرقي والتقدم.. هي اعادة تشكيل هيكلية هذا القطاع في ظل الاحتياجات المستقبلية المتوقعة. فالهدف السامي للتربية هو تعلم الجميع تعليما عاليا يساعدهم إلى تخليصهم من الفقر والجهل والمرض ويحقق مطالب التنمية المستدامة، فالتربية هي الوسيلة الاساسية لإغناء الانسان بالمستوى الاقتصادي واغنائه بمفاهيم الأخوة والعلاقة الطيبة بين الجميع من أفراد المجتمع وباحترام الرأي والرأي الآخر بالقيم الديمقراطية والتشبع بروح المسؤولية والارتباط بالوطن وتمسكه بحريته وكرامته.
وعلى الرغم من ضخامة المشكلة وتعقدها فان حلولها ليست بعيدة المنال. لهذا نرى أن نقطة الشروع في إصلاح العملية التربوية والتعليمية تكمن في اعادة التفكير في فلسفة التعليم ومدى تناغم مخرجاتها مع سوق العمل عبر ربطها بمجمل خطط التنمية والتطوير المتوازن لكافة القطاعات.. أي أنها تتطلب دون شك جهدا كبيرا ووقتا ليس بالقصير لترسيخ قيم وتقاليد تربوية ثابتة ومحترمة قائمة على أسس علمية تربوية لا تخضع للنزوات والآراء الفردية ولا لأهواء بعض المسؤولين ...ولابد لكي نصل إلى هذا الهدف من خطوات أساسية أهمها:
وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ووضع الإدارات التربوية في أيد أمينة قديرة الامكانيات لها خبرتها العلمية والعملية بصيغ تربوية، بالإضافة إلى الالتزام بالهدف العام والحرص على الديمقراطية والمهنية في حل مشاكل التعليم برمتها، لآننا نرى أن التعليم في بلدنا يمر بأزمة خطيرة وخانقة ومرحلة من الفوضى والاضطراب. ومن الأولويات الاهتمام الكبير بالتلاميذ لكافة مراحلهم الدراسية ولأنهم الاساس الرصين للتعليم والعناية بتكوينه الخلقي والنفسي والعلمي والاجتماعي وعدم التفريط بوقته وجهوده ومعالجة مشاكله بالأساليب التربوية الديمقراطية، كذلك العناية بالأساتذة والمعلمين والمدرسين لأنهم ثروة الوطن ورمز تقدمه وتهيئة الظروف الملائمة للتطور والنمو ورفع مكانتهم الاجتماعية والمعنوية ومستواهم المعيشي والمادي والتعامل معهم على اسس موضوعية تأخذ بعين الاعتبار خبرته العلمية ووضعه الصحي والنفسي والظروف العامة التي تحيط به وعدم التفريط به باي حال من الأحوال.
ومن هنا نترقب نحو جيل قادر على النهوض بالمسيرة التربوية والعلمية في بلد مثل العراق ذي الإمكانيات المادية الهائلة إضافة إلى الثروات الطبيعية والميزانيات الانفجارية، لهي الكفيلة بتحقيق كل ما يمت بصلة بالتربية والصحة والخدمات التي يتطلع نحوها الشعب العراقي بكل أطيافه. لأن أية مشكلة في كل محافظة هي نفسها في باقي المحافظات.. وفي بلد مثل العراق لا يمكن له التدني في مستواه العلمي والمعرفي والمهني وبما يمتلكه من إرث حضاري عميق وعريق، حيث أصبح من غير المقبول، أن تتخرج الأجيال من الجامعات الحكومية والأهلية غير محصنه بالإدراك العلمي وحتى اللغوي والطالب لا يهمه سوى النجاح والتخرج لمنحه شهادة جامعية، مجهولة المنشأ والدراسة، (فما زال قطاع التربية والتعليم في آخر سلم أولويات القوى المتنفذة، التي وجهت بوصلتها منذ أعوام في اتجاه تدمير التعليم الحكومي وسد المنافذ امام الطلبة وعوائلهم لإجبارهم على التوجه نحو التعليم الاهلي والخاص الذي اريد له منذ اعتماده ان يكون بديلا للتعليم الحكومي ) إلى جانب ارتفاع أجور الدراسة الأهلية، ولا يختلف الحال في هذا القطاع الذي يعاني من تهالك البنى التحتية مما يزيد من تفاقم مشكلة الدوام الثنائي والثلاثي، فالحكومة لم تستطع سد النقص في الأبنية المدرسية حيث تبلغ الحاجة الفعلية إلى أكثر من ذلك من الأبنية المدرسية بالإضافة إلى قدم المناهج التعليمية وقلة المتوفر من المختبرات المدرسية وعدم مواكبتها للتطورات العلمية والتكنولوجية ونقص كبير وحاد في القرطاسية والمواد الدراسية.
ولعل أسباب كثيرة تقع على الطالب فحسب وإنما على المعلم والاستاذ أيضا فالبداية تكون لطالب الابتدائية وهي اهم مرحلة إذا ما قورنت بالمراحل الأخرى، ومن هذا المنطلق نشد على أيادي التربويين بان يكونوا على قدر عال من المسؤولية والتحمل، والمهمة الأخرى تقع على الطالب وأسرته.
(إن قطاع التربية والتعليم خاصة الحكومي، يجب أن يحظى بالاهتمام الكافي وان تخصص له الأموال الضرورية وان تضمن مجانيته في جميع المراحل الدراسية).
وأخيرا نتمنى لطلبتنا الأعزاء عاما جديدا لكل المراحل وأجواء دراسية مفعمة بالحب والتسامح مكللة بالنجاح والمثابرة لتخطي الصعاب.