مراجعة لكتاب كونستانتين بوندارينكو (٢): "الجوكر: القصة الحقيقية لصعود فولوديمير زيلينسكي إلى السلطة" (2024)

لا بد من إضافة إسم كونستانتين بوندارينكو، البالغ من العمر 56 عاماً إلى قائمة المُنتقدين الأوكرانيين لحكم زيلينسكي. يحظى بوندارينكو كمؤرخ بتقدير كبير في أوكرانيا لأبحاثه. ومع ذلك، فقد تحقق بزوغ نجمه الآن، خلال الحرب، من خلال تحليلات قيّمة على يوتيوب، بصفته صوتاً إنسانياً مُنادياً بالسلام، ومن خلال هذا الكتاب الذي نُشر في عام 2024 (باللغة الروسية ثم الإنجليزية)، والذي كلَّفه النفي.

يتتبع الكتاب نشأة زيلينسكي ومسيرته المهنية كممثل كوميدي ناجح. إلى جانب مجموعة من فناني المسرح الموهوبين والمحامين ورجال الأعمال، حقق زيلينسكي مكاسب جيدة في روسيا وأوكرانيا قبل الحرب، وكوّن شبكة علاقات في دوائر الأعمال. وأصبحت هذه الشبكة قاعدته في الانتخابات الرئاسية لعام 2019. وبصفته رئيساً، انضم إلى الطبقة العليا الأوكرانية.

انقلاب

يتتبع بوندارينكو خيوط الحرب إلى أحداث الميدان عام 2014، والتي كانت، كما يَكتب، "مزيجاً غريباً من الثورة المُلونة والانقلاب". لم يكن استياء الغرب من الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش نابعاً من عدم رغبته في تلبية مطالب الغرب، بل من "عدم رغبته في معارضة روسيا بشكل كامل". كان الغرب بحاجة إلى أوكرانيا كـ "دولة معادية لروسيا" في صراع النفوذ العالمي.

الرئيس الجديد الذي سبق زيلينسكي، الأوليغاركي بيترو بوروشينكو أشادَ بـ "القيم الأوروبية" وانفتح على رأس المال الغربي. فاستجابت حكومته لمطالب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وقوّضت سيادة البلاد. ومع تراجع التصنيع، والتفاوت الاجتماعي، والخصخصة، بالإضافة إلى "إزالة الشيوعية"، أصبحت أوكرانيا "دولة دُميَة مُتخلفة على غرار دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا - مُتخفيةً وراء شعارات وطنية شوفينية".

أُنتُخب زيلينسكي عام 2019 من قِبل ناخبين غاضبين شعروا بالخيانة. كانَ قد شنَّ حملة شعبوية ضد بوروشينكو والنخبة السياسية.

بدعم من الأوليغارشية الأوكرانية، طوّر زيلينسكي علاقات وثيقة مع دوائر النفوذ الغربية. وأصبحت الولايات المتحدة تلعب "دوراً حاسماً في التعيينات في المناصب السياسية العليا، وتحديد السياسة الخارجية، ومكافحة الفساد، وتطوير صناعة الأدوية، والأمن القومي".

وصلَ زيلينسكي إلى السلطة بوعود، منها احترام اللغة الروسية، وترسيخ السلام، ومكافحة الفساد. لكنه اتَّبعَ التيار اليميني السياسي، وتجاهلَ الدستور الذي يضمن حرية استخدام اللغة الروسية في أوكرانيا، على الرغم من تصويت العديد من الأوكرانيين الناطقين بالروسية لصالحه.

رفضْ اتفاقية السلام

كانت إحدى أهم مَهامه السياسية هي التنفيذ التدريجي لاتفاقية مينسك، لكنه "وافق سِراً على مواصلة سياسة موالية للغرب"، والتي لم تكن تهدف إلى السلام في دونباس. يصف بوندارينكو كيف أن زيلينسكي في عام 2022 "استجابَ لضغوط البريطاني بوريس جونسون والغرب ككل" ورفضَ اتفاقية السلام التي أُبرمتْ في إسطنبول مع روسيا.

جرَّدَ البرلمان عمداً من سلطته، وحرَّك الأوليغارشية الأوكرانية ضد بعضها البعض. كلُّ ذلك بدعم من المحامي أندريه يرماك، رئيس أركانه، وشخصيته المرموقة. فأصبح بناء السلطة الاستبدادية ممارسةً في أوكرانيا، وهو ما لا ينسجم إطلاقاً مع الصورة المأساوية- الكوميدية الغربية لزيلينسكي.

كان من المقرر أن تُرَتِّبْ حوالي ٦٠ جماعة ضغط وَوكالة علاقات عامة غربية "منشوراتٍ فخمة في وسائل الإعلام الغربية، وتمنع التغطية الإعلامية السلبية".

كان الأمر يتعلق "بتقديمه كشخصيةٍ بين تشرشل جديد وتشي جيفارا جديد". وهذا ما أسعده، فهو مُعتاد على العروض المُبهرة والتصفيق. فأصبح جزءاً من "عالم الأناقة والثقافة الشعبية" في الغرب.

الفساد والفوضى

وفقاً لبوندارينكو، "غضَّ الغرب الطرف بتكتم عن الفوضى التي تشهدها أوكرانيا". تمَّ طرد الصحفيين غير المرغوب فيهم. ووُصفَ أي شيء يتناقض مع الرواية الرسمية بـ "اختلاقات الكرملين" و "بخيانة الوطن".

أدَّى خنق حرية الصحافة في عام 2023 أيضاً إلى هجرة الصحفيين والمحللين الأوكرانيين: "كانوا هؤلاء وطنيين، لكنهم لم يعودوا قادرين على تحمّل حكومة عديمة الضمير وغير كفوءة وفاسدة".

انضم إليهم بوندارينكو لاحقاً. ويضيف في الكتاب أنه "بحلول عام 2023، اتضح أن زيلينسكي قد حوّل نفسه إلى ديكتاتور مستبد ومُتعصب، ومُستعد لسجن المعارضين والمشتبه بهم، وإرسال آلاف الأوكرانيين إلى الجبهة".

في الأول من مايو/أيار من هذا العام، فُرضت على بوندارينكو نفسه عقوبات، وجُرِّد من حقوقه المدنية من قبل السلطات الأوكرانية لمدة عشر سنوات.

(١)) عالم اجتماع وكاتب، (مواليد 1945) أستاذ مشارك فخري، حاصل على دكتوراه في التاريخ من جامعة موسكو، ودكتوراه في العلوم السياسية من جامعة آرهوس/الدنمارك.

(٢) كونستانتين هو صُحفي أوكراني، وشريك أول في فريق مكافحة الاحتكار والمنافسة والتجارة في بروكسل.

 عن "الشيوعي" جريدة الحزب الشيوعي الدانماركي

عرض مقالات: