لقد مر عام على الهجوم الفلسطيني المضاد في 7 أكتوبر 2023. ماذا شهدنا خلال هذا العام؟
تماماً كما يتوقعه أي شخص لديه حد أدنى من المعرفة بتاريخ دولة إسرائيل، فقد شهدنا إبادة جماعية وحشية لسكان يزيد عددهم قليلاً عن مليوني نسمة، ويعيشون منذ عام 1967 تحت احتلال قاس في منطقة بحجم لانجلاند (2). ومُحاطة منذ عام 2007 بأسوار وجدران عالية مع عدد قليل جداً من نقاط التفتيش الخاضعة لحراسة مُشددة - والمعروف أيضاً باسم أكبر سجن خارجي في العالم - ومن دون إمكانية إطعام السكان ولكنهم يعتمدون كلّيا على المساعدات الغذائية ونظامهم التعليمي والصحة من الأمم المتحدة. مع قيادة مُنتخبة، يتم "الحكم" عليها من قبل إسرائيل وكل إمبريالية العالم الغربي كإرهابيين.
لقد رأينا إسرائيل الفاشية، المُسلحة والمدعومة سياسياً من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغنية التي تعتبر نفسها حامية الديمقراطية، تُطارد سكان غزة في جميع أنحاء القطاع إلى "المناطق الآمنة"، التي بعد بضعة أيام يتم قصفها.
غزّة مُدمّرَة بالكامل. ويتم قصف المناطق السكنية وإمدادات المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات وحتى الخيام، وتبقى الجثث والأطراف المقطوعة في الأنقاض، حيث يتجول الأطفال بحثاً عن عائلاتهم.
قُتِلَ أكثر من 50 ألف شخص وأصيب مئات الآلاف، بما في ذلك ما لا يقل عن ثلثي هذا العدد من النساء والأطفال، وتحوّلَ بقية السكان تقريباً مرة أخرى إلى وضع اللاجئين بسبب الجوع ونقص المياه والأوبئة.
وهذه ليست المَرة الأولى التي تشهد فيها غزة هذه الهجمات العنيفة. فمنذ عام 2007، عندما سحبتْ إسرائيل مستوطنيها من القطاع وأحاطتها بسياج، تقع هجمات بالقنابل كل عامين لمدة أسبوع، يُزعم أنها ناجمة عن إطلاق صواريخ من داخل القطاع باتجاه القرى الإسرائيلية، ولكن بشكل أكثر دقة فإن الهدف من هذه الهجمات هو لاختبار أسلحة جديدة، يتم تسويقها باستمرار في معارض الأسلحة الدولية على أنها "تم اختبارها في المعركة".
لقد تم إثبات استخدام القنابل الفسفورية والقنابل العنقودية وغيرها من أسلحة الحرب المُحرمة دولياً عدة مرات في غزة.
وتحت غطاء القتال في غزة، تزايدت أيضاً الهجمات على سكان الضفة الغربية، وارتفع عدد القتلى هناك إلى أعلى رقم منذ عدة سنوات، على الرغم من أنه قبل 7 أكتوبر كان بالفعل رقماً قياسيا لعام 2023.
ولكن أصبح من الصعب على نحو متزايد التعايش مع رد فعل ساستنا (المقصود السياسيين الدنماركيين) ووسائل إعلامنا على الفظائع التي ترتكبها إسرائيل، ساستنا وإعلامنا الذين يواصلون وصف كل من يدعم الفلسطينيين وقضيتهم العادلة بمعاداة السامية ودعم الإرهاب.
لقد وصفتنا ميتي فريدريكسن (3) بأننا بلا تاريخ!
ألم تعلم فريدريكسن بأمر إنشاء إسرائيل عام 1948 وما صاحبه من تطهير عرقي؟
ألم تعلم باحتلال إسرائيل غير القانوني للأراضي الفلسطينية عام 1967 والمستوطنات غير القانونية بموجب القانون الدولي؟
على أي شُجيرة كانت تقف هي ووسائل الإعلام برؤوسهم طوال هذه السنوات؟
ولحسن الحظ، شهدنا هذه المرة حشداً هائلاً من الاحتجاجات ودعماً للفلسطينيين، وهذا أمر جيد. ورأينا الكثير من الشباب، بما في ذلك العديد من ذوي الخلفية الشرق أوسطية، ينخرطون في تنظيم مظاهرات واجتماعات كبيرة في نهاية كل أسبوع. لم يسبق لنا أن رأينا هذا العدد الكبير من الناس في الشوارع، وأن اختيار وسائل الإعلام لمقاطعتهم والتعتيم عليهم هو أمر مُخز.
لكن المُظاهرات مستمرة، ويمكن على أقل تقدير رؤيتها في الشوارع، والشباب هم الذين يبذلون الكثير من الجهد العظيم فيها.
حرصتْ جنوب أفريقيا على رفع قضية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وكسبتها. ومن المؤلم، أن لا حكومتنا ولا الولايات المتحدة، ولا أي دولة في الاتحاد الأوروبي، ردَّت بعقوبات أو مقاطعة للأسلحة. هناك دعم كامل للإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل!
لكن الشباب في الجامعات الدنماركية منخرطون بقوة في المقاطعة الفكرية والأكاديمية لإسرائيل، وهو ما يتماشى تماماً مع طلاب الجامعات الأمريكية، الذين انخرطوا لسنوات عديدة بقوة في المقاطعة الرياضية والأكاديمية للجامعات الإسرائيلية.
وقد أدركوا شيئاً مهماً: الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها حمل إسرائيل على التخلي عن أعمالها غير الشرعية تجاه فلسطين هي العزلة التامة! إسرائيل يجب أن تقف وحدها في العالم مع ما تمارسه من إبادة جماعية وحشية وقمع وتدمير للأرض التي احتلتها منذ عام 1967.
لقد فعلنا ذلك في جنوب أفريقيا، وسقطَ نظام الفصل العنصري. وبوسعنا، بل وينبغي لنا، أن نفعل نفس الشيء مع إسرائيل، بحيث يتعين عليها أيضاً أن تتخلى عن سياسة الفصل العنصري التي تنتهجها.
ولذلك: ادعم كافة المنظمات والإجراءات المُقاطعة لإسرائيل. طالِبْ بمقاطعة الأسلحة الدنماركية (تيرما)، وأبلغ الصيدلية الخاصة بك أنَّك تريد مقاطعة الأدوية المُقلدة من شركة تيفا (4)، والتوقف عن شراء البضائع الإسرائيلية (صودا ستريم، والفواكه، وما إلى ذلك).
وادعم التظاهرات!
*عن جريدة الشيوعي الشهرية التي يصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي.
(1) قيادية في الحزب الشيوعي الدنماركي وعضو لجنة العلاقات الخارجية
(2) جزيرة صغيرة تقع في جنوب الدنمارك
(3) رئيسة وزراء الدنمارك حالياً وتنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي
(4) شركة تيفا للصناعات الدوائية هي شركة عالمية لصناعة الأدوية وتعتبر من كبريات شركات تصنيع الدواء في العالم ومقرّها الرئيسي في إسرائيل