مع وضع الصين في الاعتبار، تعمل العديد من الدول في منطقة المحيط الهادئ الهندية على تسليح نفسها. إنهم متحدون بفكرة أنه لا يمكن تجنب الحرب إلا بمساعدة جيش قوي. مع عدم التقليل من دور صناعة الرقائق في تايوان. الذي يمكن أن يردع الصين عن الهجوم.
قائمة التسوق طويلة: الصواريخ الاعتراضية، وطائرات الهجوم والاستطلاع بدون طيار، والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وطائرات الشبح، والمروحيات، والغواصات، والسفن الحربية.
الحكومة اليابانية تريد إنفاق مامجموعهُ 320 مليار دولار على الجيش حتى عام 2027. وهذا أكثر من ثلاثة أضعاف ما تخطط الحكومة الفيدرالية الألمانية لتجهيز جيشها من أجل "نقطة التحول".
إن الخطر الذي تدركه الدولة الجزيرة، الواقعة في شرق آسيا من الصين والدولة النووية كوريا الشمالية، كان الدافع وراء إتخاذ هذه الخطوات. ويتحدث رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا نفسه عن "نقطة تحول" بالنسبة لبلاده، التي التزمت بالسلمية منذ الحرب العالمية الثانية وفرضت على نفسها عدم إنفاق أكثر من واحد في المئة من الناتج الاقتصادي السنوي على التسلح. لكن الأوقات مختلفة الآن. وتخشى الحكومة اليابانية أن يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا إلى دفع الصين إلى التصرف بشكل مماثل مع تايوان. ولذلك فهي تُنفق الآن على الجهاز العسكري ضعف ما كانت تنفقه من قبل.
واليابان ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي تُسلح نفسها بكثافة. أعلنت القيادة الصينية في بكين أن بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً هي من أراضيها. وتشعر الدول المجاورة مثل الفلبين وفيتنام بالقلق وتتزايد الحوادث. ولأن أكثر من ثلث التجارة العالمية يمر عبر بحر الصين الجنوبي، فقد شاركت الولايات المتحدة أيضاً حيث تقوم بتسليح المنطقة. وبالإضافة إلى قواعدها العسكرية في كوريا الجنوبية والفلبين وقاعدة غوام، تريد الولايات المتحدة إعادة فتح المطار العسكري في تينيان، وهي جزيرة في جزر ماريانا الشمالية، والتي تم إخراجها من الخدمة في عام 1946. حيث أقلعت منها الطائرات التي أسقطت القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاكي من هناك عام 5194.
والصين نفسها هي الأكثر تسليحاً في المنطقة. في عام2009 أستثمرت الصين 137 مليار دولار في الجيش، وبحلول عام 2022 زادت بالفعل إلى أكثر من 270 مليار دولار. وفي صيف عام 2022، أطلقت الصين حاملة الطائرات "فوجيان" التي طورتها ذاتياً بالكامل، وهي أكبر سفينة حربية في العالم خارج الولايات المتحدة. وفي الجو، سيحصل جيش التحرير الشعبي الصيني قريباً على أول طائرة من طراز20 H-،قاذفة القنابل الاستراتيجية. وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام( Sipri)، تحتل الصين المركز الثاني بين الدول التي تنفق أكبر قدر من الأموال على جيشها في العالم.
وتشعر تايوان على وجه الخصوص بالتهديد. وتعتبر القيادة في بكين الجزيرة "مقاطعة إنفصالية". وقد أكد زعيم الدولة والحزب شي جين بينغ عدة مرات أنه سيضم تايوان خلال فترة ولايته. وينظم مناورات عسكرية في مضيق تايوان أسبوعيا تقريباً.
معظم دول العالم لا تعترف بتايوان كدولة مستقلة. ومع ذلك، فإن الجمهورية الجزيرة ذات سيادة، ولا تريد أن تتعرض للترهيب، ويبلغ عدد سكانها حوالي 23 مليون نسمة، ولديها 2.58 مليون عسكري وجيش حديث. وفي عام 2023، مددت الحكومة في تايبيه (عاصمة تايوان) الخدمة العسكرية الإجبارية من أربعة أشهر إلى سنة واحدة.
وفيما يتعلق بالصين، فمن الصعب أن تتسائل أية حكومة في المنطقة، عن السبل الكفيلة بنزع سلاحها النووي. تقول أنغيلا ستانزيل، الخبيرة في السياسة الأمنية في شرق آسيا في مؤسسة العلوم والسياسة، إن المرء قد يشعر بالسعادة إذا كانت الصين على إستعداد للحديث عن برنامجها النووي ونزع السلاح النووي. وهي تعتقد أن نزع سلاح الصين أمر غير واقعي على الإطلاق - على الأقل طالما أن بكين مقتنعة بأن الولايات المتحدة تريد إحتواء صعود الصين.
لقد أثبتت تايوان والجمهورية الشعبية أن التعايش السلمي ممكن على الرغم من المصالح المتعارضة. ورغم أن الجانبين يرفضان الاتصالات الحكومية الرسمية، إلا أنهما حافظا على علاقات أقتصادية مُكثفة لأكثر من 30 عاماً. كانوا المستثمرون التايوانيون على وجه الخصوص في التسعينيات وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كمساهمين بشكل كبير في الصعود الاقتصادي للجمهورية الشعبية. منذ عام 2010، كان هناك أيضاً اتفاق بين تايوان والصين لتقليل الحواجز التجارية من خلال إتفاقية إطار التعاون الاقتصادي (ECFA).
ربما يكون التبادل الاقتصادي المكثف أحد الأسباب التي جعلت الصين لم تُنفذ تهديدها بعد. بإنهاء الاتفاق الاقتصادي لعام 2010، رغم أنه متفق عليه حتى نهاية عام 2020 فقط، ولم يتخذ أي من الطرفين هذه الخطوة بعد.قد يكون هذا علامة على أن الصين لا تزال مهتمة بعلاقات أقتصادية فعالة.
جزء من إستراتيجية تايوان الدفاعية هو الخبرة الواسعة التي تتمتع بها صناعة أشباه المُوصلات. وتستورد الصين أيضاً العديد من المكونات المهمة من تايوان ـ وليس أقلها أنها تحتاج إليها من أجل تطويرها التكنولوجي. الاقتصاديون عبروا بالمكانة المتميزة لصناعة أشباه الموصلات التايوانية في جميع أنحاء العالم وكضمان ضد أي هجوم من قبل الصين. إنهم يتحدثون عن "درع السيليكون"، وهو درع وقائي مصنوع من السيليكون لأنه كلما زاد إعتماد العالم على رقائق تايوان، كلما زاد الاهتمام بضمان عدم تسبب أي حرب في فرار الخبراء إلى الخارج وتدمير المصانع والعمليات والمنشآت المتخصصة للغاية. سلاسل الإنتاج.
*عن كراس من مؤسسة روزا لوكسمبورغ عن التسلح في العالم.