(لم يعان حزب سياسي من الاضطهاد ما عاناه الحزب الشيوعي العراقي فكبار زعمائه أما أعدموا أو ألقوا في غياب السجون..
فأن ما أبداه زعماء الشيوعيين من ثبات العقيدة أثار أعجاب الجماهير فاعتبرت صراعهم وطنية خالصة وبطولة فذة وأهم من هذا أن الشيوعيين يؤكدون في نشاطهم السياسي لا يقلون اخلاصاً وولاء ً للعراق عن الآخرين ثم أن عقيدتهم تجمع بين القومية والاشتراكية/ 165/ مجيد خدوري/ العراق الجمهوري)
(*)
مجيد خدوري (1909- 2007) عقل عراقي موسوعي وهو الأستاذ الدكتور رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز – واشنطن. من كتبه الثمينة انبهرت قراءتي بثلاثية عن تاريخ العراق السياسي (العراق المستقل) و(العراق الجمهوري) و(العراق الاشتراكي) في محاولتي هذه، قراءتي تتوقف عند كتابه الموسوعي (العراق الجمهوري) والأستاذ الدكتور مجيد خدوري – طيّب الله ثراه- يعزز نزهته المعرفية بالمصادر التاريخية غير المجروحة ويعززها أيضاً بالتحاور مع بعض الأشخاص الذين شاركوا بصناعة هذه الحقبة المحتدمة من تاريخ العراق في القرن العشرين. وقد تختلف وجهات النظر في بعض الجزئيات بين قارئ بسيط يسكن كينونتي وبين مؤرخ عظيم ومعرفي كبير بشؤون البلاد والعباد. فلا ضير في ذلك. فأن هذا القارئ ينحني إجلالا لهذا العراقي الجهبذ الأستاذ الدكتور مجيد خدوري طيّب الله ثراه
(*)
السطر الأول من الفصل الأول يخبرنا العلاّمة العراقية طيّب الله ثراه مجيد خدوري بالخبر التالي (كانت ثورة العراق العسكرية المفاجئة التي وقعت سنة 1958 ظاهرة اقليمية لحركة ثورية أعم وأشمل/ 8) يستوقفني هذا التوصيف(المفاجئة)!! في ص189 تخبرنا المناضلة ثمينة ناجي بالخبر اليقين: أتصل عبد الكريم قاسم بالحزب الشيوعي العراقي واقترح عليه العمل على تأمين دعم ومساندة الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية للثورة التحررية العراقية المقبلة ضد الاستعمار وضد حلف بغداد واقترح إرسال أحد قياديي الحزب إلى هذه الدول لهذا الغرض. استجابت قيادة الحزب لمقترح عبد الكريم قاسم وقررت ارسال عامر عبد الله للقيام بهذه المهمة في ربيع 1957 لكن خابت المحاولة.. وكانت المحاولة الثانية حين ترأس سلام عادل وفد الحزب الشيوعي العراقي للمشاركة في مؤتمر الأحزاب الشيوعية والعالمية بمناسبة الذكرى الأربعين لثورة أكتوبر.. وبجهود سلام عادل أثناء لقائه مع نيكتا خروشوف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي ، اقتنع السوفييت بمطلب الحزب ووعد خرشوف سلام عادل أن الاتحاد السوفيتي سيقف إلى جانب الثورة العراقية وكذا كان موقف الأحزاب الشيوعية الشقيقة وبتوقيت اندلاع ثورة 14 تموز(نظم الاتحاد السوفيتي مناورات أجراها على الحدود الإيرانية التركية وتم الاعتراف بالنظام الثوري الجديد بعد 24 ساعة من قيام الثورة و وأعلنت موسكو عن استعداد الاتحاد السوفيتي وحلفائه لتقديم الدعم العسكري للحكومة الجديدة، إذا ما تعرض العراق لأي عدوان خارجي تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا والشركاء في حلف بغداد.
وحول ثورة 14 تموز 1958 تخبرنا المناضلة نزيهة الدليمي(صباح 14 تموز سمعنا بيان الثورة الأول وخرجنا للشوارع لكي ننفذ تعليمات حزبنا التي تضمنتها النشرة الداخلية بعنوان(التوجه العام) إلى كافة منظمات حزبنا بتاريخ 12 تموز، خرجتُ أنا من بيتنا في شارع المغرب وتوجهت إلى الشارع العام، وبعد خطوات كنت في وسط التظاهرات القادمة من الأعظمية، وقبل أن تصل إلى البلاط، شاهدت سلام عادل وهو يرتدي سترة وبنطلونا وبالنسبة لي رأيته أول مرة بهذه الهيئة وليس بالملابس العربية التي كانت يتنكر بها../ 215/ ثمينة ناجي) كل هذه البينات تؤكد أن الحزب الشيوعي العراقي كان على علم بما سيكون ولم تكن الثورة للحزب وللجماهير مفاجأة بل هي ضمن المتوقع.. خلافا لما يقول مجيد خدوري في السطر الأول من كتابه ولا ما جاء في ص72(وما أن أعلن العقيد عبد السلام عارف سقوط الملكية وقيام الجمهورية حتى بادر الشعب إلى التعبير عن ترحيبه بالثورة. لقد كان الخبر في بادئ الأمر مفاجئا للناس..) من جانب ثان ٍ يخبرنا محمد حديد عن دور الحزب الشيوعي العراقي في الإعداد للثورة منذ 1956(كانت اللقاءات مستمرة مع سلام عادل في بيت محمود صبري، وكان تحديد الموعد عادة عن طريق عزيز الشيخ.. /302/ محمد حديد/ مذكراتي) في سنة 1957 التي كلّف عبد الكريم قاسم الحزب الشيوعي العراقي بمساندة موسكو للثورة حين تندلع، فقد كلّف محمد حديد بمفاتحة الحكومة السورية لمساندة ثورة العراق القادمة، والمهمة الثانية (مقابلة جمال عبد الناصر لمعرفة مدى دعمه العمل الحاسم الذي يعتزم الجيش القيام به من أجل تغيير النظام..) أولاً هذه المحاولات المشروعة تؤكد على عزم عبد الكريم قاسم. ثانيا تؤكد على قلقه من فشل الثورة كما فشلت كافة الانقلابات العسكرية في العراق وما سيكون كان العالم والدول العربية وحتى البلاط الملكي في العراق يتوقعه وهذا يبطل القول بأن ثورة 14 تموز كانت مفاجأة..
(*)
نلاحظ من خلال مذكرات محمد حديد ان موقف مصر وسوريا ليس معونة العراق في حال قيام الثورة بل الاستعانة بالاتحاد السوفيتي. وهذه حسمها الرفيق الخالد سلام عادل في مقابلته مع سكرتير الحزب الشيوعي السوفيتي خروشوف في السنة نفسها 1957
(*)
الأستاذ الدكتور مجيد خدوري هو أعلّم منا بأحداث العراق المحتدمة بالانقلابات والانتفاضات والاضرابات الجماهيرية مما يجعل هذه الثورة في إطار المتوقع عسكريا وجماهيريا، والسبب أن الطغمة الحاكمة وبشهادة خدوري في كتابه هذا (فشلت في تكييف نفسها وفق الاوضاع الاجتماعية الجديدة، بل حاولت تفكيك عرى الجيل الجديد بتوظيفها فئة من الشباب الانتهازيين وضمهم إلى صفوفها/ 17) ومن جانب آخر اصدرت الحكومة العراقية عدة مراسيم جائرة بحق الطلبة المشاركين بالتظاهرات/ص258/ كاظم حبيب/ الكتاب الثالث/ لمحات من عراق القرن العشرين.. وبشهادة خدوري أن عجز الزعماء الشباب في تولي الحكم دفع بالعسكريين للتدخل في الأمر، فضباط الجيش من الشباب كانوا يشاركون زملاءهم من المدنيين عقائدهم وتطلعاتهم، لكنهم عجزوا إلى قوة السلاح لينجزوا ما عجز الزعماء المدنيون عن انجازاته بالإضرابات والتظاهرات. ثم يصل الباحث إلى الحتمية التالية (وهكذا فأن الثورة العسكرية التي نشبت في 14 تموز سنة 1958 في العراق جاءت نتيجة ثورية اجتماعية كان الجيل الجديد يمهد السبيل لها منذ أمد بعيد/ 17) ما بين القوسين ينقض توصيف ثورة 14 تموز ب (الثورة المفاجئة) المذكور في السطر الاول من الفصل الأول من الكتاب
(*)
ترى قراءتي أن الأستاذ الدكتور مجيد خدوري يتعامل مع السلطة من خلال صراع الأجيال فهو يخبرنا(كان من الطبيعي أن يكتشف الجيل الجديد، أنه على الرغم من توافر رؤوس الأموال فأن الأوضاع الاجتماعية لم يكتب لها التقدم إلى درجة يستطيعون معها أن يلعبوا دورهم في الشؤون العامة ولكن بسبب توافر الامكانات التقنية لديهم التي زودتهم بها ثقافتهم الغربية كان في وسعهم أن يكونوا أداة تعمل في سبيل التقدم كما كان في مقدورهم أن يؤثروا في الجماهير/ 19) هذا الكلام لا يخلو من الصحة بنسبة معينة ولا الكلام التالي أيضا (إلا أن الجيل القديم بسبب احتكاره السلطة وتوليه المناصب العليا في الدولة كان هو المهيمن على شؤون البلاد) لا نختلف مع قول الأستاذ الدكتور خدوري حول صراع بين جيلين. لكن كلاهما ينتسبان إلى جهاز السلطة نفسها ولا يوجد تناقض رئيس بينهما بل حزمة من التناقضات الثانوية..(بدأ تباين في جبهة القوى الحاكمة وجبهة المعارضة ولكنها لم تكن شديدة/ 244/ كاظم حبيب/ الكتاب الثالث/ لمحات من عراق القرن العشرين) كان يجري الاختلاف بين الأطراف وليس الخلاف حول المسائل الجوهرية بين قوى المعارضة العراقية وبين الاحتلال البريطاني والحكومات العراقية المتعاقبة التي تم تشكيلها والتي كانت تمثل بشكل ملموس ومتباين نسبيا مصالح بريطانيا مع بعض المخالفين لتلك السياسات إلى الاستقالة من هذه الوزارة أو تلك دون أن يترك هؤلاء أثراً كبيرا.. من جانب آخر فأن الأستاذ خدوري يضع أصبعه على الخلل الكبير ويتجسد ذلك في المصالح الشخصية لكل الأطراف كان لها التأثير الكبير في الشأن السياسي للبلاد والديمقراطية محض خرقة تلوّح بها الحكومة العراقية ذلك لأن (النظام البرلماني الديمقراطي العراقي دمية في أيدي أصحاب الأراضي وشيوخ القبائل وفئة من السياسيين المحترفين الذين يطلق عليهم بحق لقب فئة الحكام المستغلين) ما بين القوسين مازال فاعلا في مصائرنا ومصائرنا ثرواتنا العراقية لحد هذه اللحظة من القرن الحادي والعشرين.. في العهد الملكي ومن خلال قانون تسوية حقوق الأراضي رقم 29 لسنة 1938 المعدل بالقانون 44 لسنة 1939 منحت الدولة للشيوخ المزيد من الأراضي الزراعية وقننت مقادير أرزاقهم من المياه لأجل ربط مصالحهم المعيشية والاقتصادية بمقدار ولائهم إلى الدولة. وقبل ذلك أصدرت الدولة قانون حقوق الفلاحين في 1933 ويتضمن 52 مادة تؤدي إلى إبقاء الفلاحين تحت سيطرة رؤساء عشائرهم وتهدد بعقوبات شديدة ضد كل من تسول له نفسه على التمرد/ حمود الساعدي/ دراسات عن عشائر العراق/ مكتبة النهضة/ بغداد/ 1988
(*)
أن انقلاب بكر صدقي الدموي في 1936 وحركة الضباط الأحرار في 1941 واضراب كاورباغي، وأضراب سجن بغداد وسجن الكوت وتعامل مع المضربين بالذخيرة الحية والحل نفسه مع وثبة كانون 1948 وانتفاضة 1952.. والفترة الوطنية الحرجة التي سبقت الثورة هي أربع سنوات كان نوري السعيد خلالها يهيمن على حياة العراقيين وعلى الوضع السياسي بشكل لا مثيل له قضى فيها على كل نشاط سياسي مستهينا بالغضب الجماهيري وهكذا تم القضاء على أبسط أنواع الحرية.. كما يخبرنا الأستاذ الدكتور مجيد خدوري في كتابه (العراق المستقل).. كل هذه الروح العراقية الثورية وبفعل التراكم الكمي نتج منها المتغير النوعي بصيغة ثورية تضامن فيها قوى الخير في العراق في جبهة الاتحاد الوطني وتحالف مع العسكر بوعيه الوطني واندلعت ثورة 14 تموز 1958..
(*)
حين يقوم القارئ بمسح عام لما كان يجري في المنطقة العربية، يلمس أن انفعالية الرومانسية الثورية هي القوة الدافعة مما جعل كافة الحركات الوطنية تستقوي بالعقيدة وتحرض الجماهير فاتساع مد القومية العربية ألهب حماس القوميين من الجيل الجديد فراحوا يثيرون الجماهير ويحرضونها ضد الاستعمار الغربي ولم يقف الحماس عند هذا الحد، فهذا المد تجاوز الحماس واعتلى يوتوبيا هي المستحيل بعينه( أنهم راحوا يطالبون بالوحدة العربية الشاملة/ 21/ مجيد خدوري/العراق الجمهوري) كل هذه الحركات السياسية للأسف لم تكن واقعية، بل مصابة بشعار (كل شيء أو لا شيء) والخاسر الوحيد هو الجماهير الباحث عن أسباب الحياة اليومية.. وأثناء الهجوم الثلاثي الغادر على مصر في تشرين الثاني 1956(راح الزعماء الوحدويون يطالبون بدعم مصر عسكريا، بل ذهبوا إلى حد نسف أنابيب النفط لشركة نفط العراق (أي. بي. سي) التي تمر من سوريا.. / 24)!!
(*)
من جهة ثانية، عن الضباط الأحرار قبل قيام ثورة 14 تموز، يخبرنا مجيد خدوري مستندا على (مذكرات عبد الوهاب الأمين) التي يسجلها مباشرة في أعقاب كل اجتماع أن هذه المذكرات( تترك في نفس المرء انطباعا بأن الاتفاق بينهم حول عدد من القضايا كان مفقودا) وبخصوص الحماس القومي المشدود نحو الوحدة العربية، أن اجتماعات الضباط الأحرار أكدت (لم يتخذ الضباط الأحرار قراراً بشأن الانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة(مصر وسوريا) بعد الثورة مع العلم بأنهم كانوا من دعاة الاتحاد العربي كما أن الضباط الذين كانوا يدعون إلى الوحدة العربية الشاملة لم يصروا على اتخاذ قرار فوري حول ذلك/ 43) ربما يكون السب يكمن في الضباط من ذوي الميول الاقليمية، لم يبدوا تحمسا نحو الوحدة والاتحاد وقد ارتأت الجماعة العسكرية أن مثل هكذا قضية تؤجل إلى ما بعد قيام الثورة. وبخصوص القضية الفلاحية فكانت لضباط الأحرار وجهة نظرة إصلاحية وليست ثورية
(دعوا إلى سياسة محافظة بدلا من سياسة ثورية تقدمية، فانهم قرورا إلا يؤمموا الأراضي الزراعية، حتى ولو كانت ملكا للإقطاعيين الكبار، بل يوزعوا الأرض الصالحة على الفلاحين الذين لا يملكون أرضا) بالطريقة هذه يبقى الاقطاعيون يتحكمون بمياه السقي وحصص توزيعها وبالسيطرة على القسم الأعظم من الانتاج الزراعي والريع المتحقق في الزراعة لصالحهم. وهكذا تواصل السياسة اللاعقلانية التي كانت مهيمنة على الريف العراقي في زمن الحكم الملكي والتي تسببت بفقدان 70- 80%من الأراضي الزراعية التي تسقى سيحا وتصاب بالتملح.. بعد قيام ثورة 14تموز صدر قانون الإصلاح الزراعي الذي استهدف إلغاء العلاقات الإنتاجية شبه الاقطاعية وهذا الاستهداف يجعل من الاقطاعيين رأسماليين يعملون على وفق أسس العلاقات الانتاجية، لكن إلغاء العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية من خلال قانون يصدر عن أعلى سلطة في البلاد، لا يعني بأي حال إلغاء العلاقات الأبوية القائمة على أسس قبلية لها ديمومتها الطويلة في التقاليد والعادات تلزم الفلاحين بالخنوع والعمل لصالح رئيس العشيرة والقبيلة والتي تجسدت في قانون دعاوى العشائر الصادر في 1918 عن سلطات الاحتلال البريطاني وقانون الإصلاح الزراعي اجتماعيا: لا يعني اجتثاث تأثير الإقطاعيين على الفلاحين، كما أن هذا القانون (ساهم في توسيع قاعدة أغنياء الفلاحين وصغار المزارعين وحقق عملية تحول بطيئة لأصحاب الأراضي الواسعة القدامى إلى رأسماليين زراعيين إلى جانب كونهم من شيوخ ورؤساء العشائر والقبائل الريفية../ 441- 442/ كاظم حبيب/ الكتاب السادس) وهكذا اتسعت قاعة الفلاحين الفقراء التي أصبحت مرشحة للهجرة من الريف إلى المدينة بسبب البؤس والتعسف وسيطرة القوى المناهضة لهذا الإصلاح الزراعي، يرى المفكر كاظم حبيب أن التنفيذ الجزئي لقانون الإصلاح الزراعي سدد ضربة موجعة لكبار الاقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية ووضع اللبنة الأولى لتحول هؤلاء إلى رأسماليين زراعيين في ما إذا عمدوا إلى استخدام الأراضي التي بقيت في حوزتهم بطريقة أخرى غير تلك التي مارسوها قبل ذلك. علما أن هؤلاء الاقطاعيين منذ العهد الملكي غادروا الريف وسكنوا المدن وتحولوا نحو الزراعة الرأسمالية ولكن ببطء شديد. وهكذا سيتم تذويب الإقطاع القديم وتحوّله إلى البرجوازية الزراعية وبالطريقة هذه ستضعف مواقع شيوخ العشائر الإقطاعيين، ولكن لم تلغها وكذلك تعزز ت مواقع البرجوازية الزراعية العراقية وهذه البرجوازية ذات توجهات يمينية وهي العدو اللدود لتوجهات عبد الكريم قاسم وستكون الحليف الدائم لقوى الشر في العراق..
(*)
والجزئية القانونية التي يقصدها كاظم حبيب هي، أن قانون الإصلاح الزراعي استولى على الأراضي الزائدة عن الحد الأعلى للملكية على وفق القانون وقام بتوزيع مساحات منها ومن الأراضي الأميرية على الفلاحين المستحقين..
(*)
ما قاله في الصفحة الأولى من كتابه عن مفاجأة الثورة العراقية 14 تموز 1958 يكرره الأستاذ الدكتور مجيد خدوري في ص79(جاءت ثورة تموز العراقية مفاجأة تامة للعالم الخارجي في الأوساط الرسمية وغير الرسمية)
وقبل هذا السطر يخبرنا الأستاذ خدوري(والواقع أن عواصم البلدان التي كان نوري قد ربط العراق بمعاهدات معها لم تحتج) أما بريطانيا التي كرّس عمره السياسي من أجلها فقد اكتفت بالقول التالي(كان نوري عجوزا طيبا) ويضيف الخبراء البريطانيون عن نوري السعيد (كان بمعزل عن سير الحوادث) ويضيف آخرون بلا مشاعر إنسانية (لقد نال نوري كل ما يصبو إليه من جاه) وضمن السياق نفسه نقرأ في ص52من كتاب (التاريخ لم يبدأ غدا) للكاتب نجم الدين السهروردي الذي قام بترتيب أوراق رشيد عالي الكيلاني وأصدرها في هذا الكتاب نقتبس المشهد التالي أثناء حركة رشيد عالي الكيلاني وكان الكلام بين الكيلاني والسفير البريطاني كورنواليس، حيث (يتم التعاون مع حكومة الكيلاني على أساس أن يغض النظر عن تواجد القوات البريطانية فوق أرض العراق مقابل موافقة بريطانيا على إلغاء النظام الملكي في العراق وأن يصبح رشيد عالي ملكا للعراق إذا أراد أو يصبح وصيا على العرش وتعهد السفير البريطاني بنقل عبدالإله ونوري السعيد إلى لندن.. فبريطانيا لم يكن يهمها شخص الحاكم أو شكل النظام تهمها مصلحتها فقط.. أجاب الكيلاني بأنه ليست لديه طموحات شخصية والدليل أن حكومته حافظت على الملك فيصل الثاني، بل أنه يقدس الأسرة الهاشمية لأنها من سلالة أسرة الرسول صلى الله عليه وسلّم/ 52).. وبخصوص ثورة 14تموز 1958 كقارئ لما يجري أسأل: هل يعقل أن منظومات التجسس الموالية لبريطانيا والولايات المتحدة والمزروعة حتى في الحكومات العربية لم تكن تعلم بتحركات الضباط العراقيين وهم ينشرون في موسكو ودمشق والقاهرة أنباء ثورتهم على القاصي والداني...؟! نوري السعيد يخاطب العقيد رفعت الحاج سري قبل أن يحيله إلى التقاعد: هل صحيح أنك متورط في تدبير مؤامرة ضد المملكة العراقية؟ أسمعني رفعت، إذا نجحت مؤامرتكم يوماً
سرعان ما تختلفون فيما بينكم ولا ينتهي الخلاف بينكم إلا بالدم أعني سيقتل بعضكم بعضا/ 123/ العراق الجمهوري/ هذه ليست نبوءة، هي خبرة العسكري الداهية الجنرال الباشا نوري السعيد فهو رجل العراق الأول استعمل كل أساليب العنف بهدوء واستعمل الليونة مع البعض. وقام بتصفية خصومه ولم تتلوث يداه. وما قال للعقيد رفعت الحاج سري جرى في عراق ثورة 14 تموز 1958 قتل.. سحل.. تخوين.. محاكمات.. ملاحقة اليسار العراقي وزجه بالسجون..
الدكتور مجيد خدوري/ العراق الجمهوري/ الناشر: انتشارات الشريف الرضي/ط1/ إيران/ 1418 هجري