- النقابي آرا خاجادور ولد في 8 ايلول 1924 في كمب الأرمن في بغداد، وانضم منذ وقت مبكر عامل النفط إلى الحركة الوطنية العراقية، وكان له دور مشهود في التجمعات والإضرابات والتظاهرات في سنوات الاربعينيات. دافع المناضل أبو اسكندر عن المثل والقيم وقضية الطبقة العاملة العراقية ومصالحها، ألقي عليه القبض في عام 1949 وحكم بالسجن المؤبد، وتنقل في أغلب سجون النظام الملكي (بعقوبة ونقرة السلمان والكوت وبغداد)، وأطلق سراحه بعد ثورة 14 تموز 1958. عاد إلى عمله في مصفى الدورة عامل نفط وساهم في تشكيل نقابة النفط وانتخب رئيسا لها ثم تولى سكرتارية أول اتحاد عام لنقابات عمال العراق بعد الثورة، ومثل الاتحاد في اتحاد نقابات العمال العالمي في اوائل الستينات.

كان أحد المنظمين لمسيرة الاول من ايار 1959 المظاهرة المليونية. وخلال مسيرة عمله كان يؤكد على فصل العمل النقابي والمهني عن الحزبي والسياسي من خلال التوجهات والتوصيات التي قدمها في مؤتمرات النقابات. لقد واصل النضال بالدفاع عن الطبقة العاملة العراقية ومصالحها، ومصالح العراق الوطنية، ومصالح كل الكادحين العراقيين بكل أعراقهم وأديانهم وطوائفهم. أصدر عدة كتب عن العمل النقابي منها تجارب شخصية في العمل النقابي العمالي في العراق ايار 1984.

ويشير إلى حادثة مع الجواهري الكبير (في احتفال الاول من ايار عام 1960 الذي جرى في قاعة الشعب الصيفية، كان علينا ان ندعو قاسم لحضور الحفل، وقد حضر فعلا، وكنا نريد تبيان موقفنا حيال أساليب حكمه تجاه النقابات. فهاجمت كلمة الاتحاد هذه الاساليب. وكنا قبل يوم واحد من الاحتفال نشعر بحاجة إلى سند قوي ضد عبد الكريم قاسم. ذهبنا مع مجموعة من القادة النقابيين إلى الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري. وطلبنا منه الإدلاء بصوته جهرا إلى جانب النقابات في حفل الاول من ايار. شرح لنا الجواهري انه استاء من الوضع وسبق له ان اصطدم مع قاسم وان حضوره للاحتفال بوجود قاسم سوف يسبب مشكلة. قلنا للجواهري، نحن بحاجة إلى سند، فأين يقف الجواهري؟ في حفل الأول من ايار حضر الجواهري وكان قاسم هو الآخر يجلس في القاعة. وانطلقت عاصفة من التصفيق البروليتاري الحار والحماسي حين بدا رنين كلمات الجواهري:

بكم نبتدي – واليكم نعـود                ومن سيل افضالكم نستزيد

ومن فيض ايديكم مانقيت                وماتستجد ...وما تستعيد

بكم تبتني شرفات الحياة                وينشق للفجر منها عمود

اذن انتم الدهر من حقكم                 اذا حان يومكم ان تسودوا

أرى غدكم، زاحفا، فوقه              ترف مروج و تزهى ورود

مطارقكم هن جرس الزمان           يدق ..فيسمع حتى الحديد

ومنكم سيمد الكفاح جيل عـــتيـــد شـــديـــد ، مــريـــــــــــــــد

وثار قاسم وخرج من القاعة بعد القاء القصيدة، لكنه لم ينس اكف العمال وهي تصفق للجواهري وهو يخاطب العمال، إذا حان يومكم ان تسودوا (آرا خاجادور من تجارب شخصية في العمل النقابي العمالي، ص 41). توفي في 4/12/2017 في احدى مستشفيات براغ.

الشهيد الشيوعي والقائد العمالي هندال جادر حاجم

الشهيد (هندال جادر- ابو عيدان) من مواليد 1923 -1983 ولد في محلة الخندق في مدينة البصرة، عمل في الكيل والحمالة في الميناء. وعلى الصعيد السياسي انتمى في وقت مبكر إلى الحزب الشيوعي العراقي كونه يجسد احلامه في الدفاع عن العمال. واصبح من النقابيين المدافعين عن حقوق العمال ومطالبهم حيث كان يشعر بالاستغلال والبؤس الواقع عليهم من قبل ارباب العمل، وواصل لسنوات طويلة العمل الحزبي والنقابي خدمة للطبقة العاملة العراقية.
في أواخر عام (1959م) اعتقلته أجهزة الأمن بتهمة تحريض العمال، فكان ذلك اليوم يوماً تاريخياً في مدينة البصرة، لا زال أبناء البصرة يعيدون ذكرياتها لحد الوقت الحاضر، فأصبحت منطقة الخندق محرّمة على كل مسؤول يدخلها، وأعلن العمال إضرابهم البطولي، وساروا بتظاهرة كبيرة، قُدّرت بحوالي خمسة آلاف متظاهر، بدأت من جسر الخندق القديم، فشارع دينار وصولاً إلى متصرفية البصرة (المحافظة). وكان المتظاهرون يرددون الهتاف التالي: (يمصيرف حي ميّت هندال انريده)، (وتعني كلمة (مصيرف) أي المتصرف حاكم المدينة، وهو المحافظ حالياً.

.. وبهذا الإصرار الطبقي للعمال أذعنت السلطات وأطلقت سراح هندال جادر، وعاد إلى بيته، لكنه لم يستكين لإرهاب السلطات، فغادر البصرة صباح اليوم التالي إلى بغداد لمقابلة الحاكم العسكري العام إبان سنوات ثورة تموز (أحمد صالح العبدي) آنذاك، وأطلعه على الوضع في مدينة البصرة بكل تفاصيله، وطالب بإطلاق سراح قادة التظاهرة الذي بلغ عددهم خمسة عشر عاملاً نقابياً، فتم إطلاق سراحهم بأمر من الحاكم العسكري العام. عاد الشهيد إلى البصرة مرفوع الرأس، وقد احتضنته جموع العمال الغفيرة وهم يهتفون بحياته.
بعد عام 1963 حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات وأُودع سجن (نقرة السلمان). وهناك تعلم مبادئ القراءة والكتابة، وتعمقت لديه المبادئ الشيوعية، وخلال وجوده في السجن صدر عليه حكم آخر لمدة سنتين لم تُعرف أسبابه. بعد انقلاب (17 تموز 1968م) أطلق سراحه بموجب قرار العفو العام عن السجناء السياسيين.
في عام (1978م) تلقى الشهيد دعوة من قبل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، لحضور المؤتمر الرابع والعشرين للحزب، وسافر إلى موسكو عن طريق كردستان، وبقي في الاتحاد السوفياتي مدة شهرين، وعاد إلى وطنه، ولم تمض مدة طويلة إلا وتم اعتقاله ولم يطلق سراحه إلا في أيلول عام 1979م. وبعد إطلاق سراحه عاد إليه الأوباش وفلول البعث المنهار في نيسان (1980م) واعتقلوه مرة أخرى، وفي هذا الاعتقال غُيِّبَ الشهيد، حاله حال الآلاف من الوطنيين. ولم تُعرف أخباره إلا بعد سقوط صنم بغداد في (9 / 4 / 2003)، حيث عثر أهالي البصرة على وثيقة إعدامه في بناية أمن البصرة، من قبل محكمة الثورة المقبورة مع مجموعة من رفاقه الأبطال بعد أن اجتاحت جماهير البصرة دائرة الأمن سيئة الصيت.

المناضل العضو السابق اللجنة المركزية للحزب الشيوعي جاسم الحلوائي كتب عن الشهيد هندال:

 في مقر الجريدة، وفي نفس تلك الفترة القصيرة، قابلت عددا من الرفاق الذين أطلق سراحهم بالعفو العام. أحدهم الرفيق هندال جادر حاجم، الحمال والكادر الحزبي ( عضو عمالية البصرة) والنقابي المشهور، وهو الذي كسر شوكة الجلاد عبود الكرخي مدير أمن البصرة عام 1967، وخرج من التوقيف بعد أكثر من شهر من التعذيب، دون أن يعطي براءة. (وقد كنت آنئذ سكرتيرا للجنة المنطقة الجنوبية ومقيما في البصرة). كان هندال مثالا للمناضل الصلب. وقد شاهدت بأم عيني آثار التعذيب الوحشي على جسده الطاهر عند مقابلتي له في الجريدة. لقد إستشهد هندال تحت التعذيب في بداية الثمانينات عن عمر يناهز السبعين عاما(الستين عاما –الكاتب). وقد إطلعت على وثيقة المصادقة على تنفيذ حكم إعدامه موقعة من قبل المخلوع صدام حسين ومؤرخة في 8 ايلول 1983، ضمن عشرين كادرا حزبيأ جميعهم من البصرة من بينهم محمد جواد طعمه (ابو زيتون) والرفيقة فريال أحمد حسن الاسدي وزوجها محمد القريشي وهاشم حاتم. لقد كانوا ابطالا حقيقين في مقاومة أعتى دكتاتورية على الارض.

*لدي طلب من جميع القراء الأعزاء بالكتابة لي عن اي نقابي عمالي، يرفدها بالمعلومات الشخصية للنقابي ومكان العمل والمحافظة، واي شيئ مهم على الايميل التاليhotmail.com @skjler

المصادر

-آرا خاجادور من تجارب شخصية في العمل النقابي العمالي في العراق ايار 1984

-جاسم الحلوائي الحقيقة كما عشتها 2006

-عبد القادر احمد العيداني- من اعماق السجون نقرة السلمان قيود تحطمت-الشهيد هندال جادر ابن الطبقة العاملة العراقية

عرض مقالات: