وافقت الحكومة الألمانية في اجتماعها في 25 تشرين الأول الجاري على مشروع قانون " تحسين العودة إلى الوطن"، والذي نشرته وزارة الداخلية قبل أسبوعين. وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر من الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحاكم: "نحن نعمل على ضمان مغادرة الذين لا يحق لهم البقاء في بلادنا بسرعة أكبر". وفي الوقت نفسه، فإن الهدف هو توفير الإمكانية لأولئك الذين يحتاجون حقا إلى الحماية. وهذه الإجراءات ضرورية "حتى نتمكن من الاستمرار في الوفاء بمسؤوليتنا الإنسانية تجاه الأشخاص الذين يتعين علينا حمايتهم من الحرب والإرهاب، مثل 1,1 مليون قادم من أوكرانيا". لكن الوزيرة تجنبت الاشارة ضحايا الحروب والمتضررين منها في الكثير من البلدان مثل العراق، أفغانستان، سوريا، ليبيا، وفلسطين، بالإضافة إلى عدد أكبر من البلدان الأفريقية وبلدان جنوب العالم الأخرى.
طبيعة المشروع
وينص مشروع القانون، الذي يجب مناقشته وإقراره في البرلمان الاتحادي، على تمديد مدة الاحتجاز في سجون الترحيل من 10 إلى 28 يوما، لمنح السلطات وقتا أكبر في انجاز معاملات المرحلين قسرا. ويتضمن المشروع صلاحيات أوسع لقوات الشرطة في اقتحام وتفتيش مجمعات طالبي اللجوء مقارنة بسابق الأيام. وكذلك، عدم ضرورة الإعلان، في ظروف معينة، عن عمليات وإمكانية طرد أعضاء المنظمات الإجرامية والمجرمين بسهولة أكبر في المستقبل، واعتماد مصطلح "التهديدات"، أي اتخاذ إجراءات مسبقة على أساس قراءة النوايا، وهو ما ينتقده المحامون باعتباره فضفاضا وقابلا للتأويل، لأنه يشمل الأشخاص الذين تعتقد السلطات الأمنية أنهم سيرتكبون أعمال عنف خطيرة، بما في ذلك الهجمات الإرهابية. ويتضمن المشروع أيضا، اتخاذ إجراءات مشددة ضد المهربين. وقد بدأ الإعلام الألماني التقليدي بالإشارة إلى المبالغ التي يتلقاها المهربون، في محاولة لتبرير سياسات غلق الحدود، وعدم وجود طرق شرعية للباحثين عن الحماية في أوربا. وتسعى الحكومة عبر هذا التشديد إلى الحد من عمليات الترحيل الفاشلة في الماضي. ومع ذلك، تتوقع وزارة الداخلية الاتحادية، إمكانية زيادة في ترحيل طالبي اللجوء تقدر بـ 600 سنويا.
ووفقا للمعلومات التي قدمتها الحكومة الألمانية، إجابة على استفسار كتلة حزب اليسار الألماني، تم ترحيل 7861 من طالبي اللجوء في الفترة من كانون الثاني إلى حزيران الفائت. وفي نفس الفترة من عام 2022، كان هناك 6198، وفي 30 حزيران، طُلب من 279 ألف مغادرة البلاد، ولكن أغلبهم تم استثناؤهم لحصولهم على إقامة مؤقتة، بسبب المرض أو الحصول على عقد التدريب أو عدم امتلاكهم لوثائق ثبوتية تتيح تسفيرهم.
معارضة وترحيب
في الوقت الذي يعارض فيه حزب اليسار، وعدد من نواب حزب الخضر المشارك في الحكومة، مشاريع القوانين والسياسات الرامية إلى التضيق على حق اللجوء وحقوق الانسان والحريات الشخصية التي تتعارض حتى مع القوانين الأوربية السارية المفعول. تتلقى، سياسات الحكومة الدعم والترحيب من أحزاب الاتحاد المسيحي اليميني المحافظ، بل تطالب هذه الأحزاب بمزيد من إجراءات تضييق الخناق على طالبي اللجوء. يذكر أن وزيرة الداخلية قد أعلنت موافقة جميع وزراء حزب الخضر على مشروع القانون الجديد.
من جانبها انتقدت منظمات الدفاع عن اللاجئين، عملية تفكيك وإلغاء الكثير من الحقوق، ارتباطا بالتشديد الذي يتضمنه مشروع القانون الجديد. وانتقدت متحدثة الشؤون القانونية لمنظمة " برو ازيل" جوديث الحكومة الألمانية لتضحيتها بالحقوق الأساسية للمتضررين لصالح "الخطاب الشعبوي اليميني". وان "كل ثاني احتجاز في انتظار الترحيل غير قانوني، وقد تم بالفعل فصل العائلات، ويضطر الأطفال إلى الاستيقاظ في الليل". وتنتهك الإجراءات المقترحة، من بين أمور أخرى، حق التمتع بالحرية، وحرمة المنزل، وتقرير المصير بشكل غير قانوني، وكذلك الخصوصية التي يكفلها الدستور الالماني.
ويقول خبراء في قوانين اللجوء، إن عدد المرحلين من طالبي اللجوء الذين لم يتم الاعتراف بلجوئهم لن يرتفع بشكل كبير حتى لو تم تشديد قوانين الترحيل مرة أخرى. لأن الشرط الأساس لتحقيق لذلك هو موافقة البلدان الأصلية، او البلدان الثالثة على إعادة طالبي اللجوء. ولا يوجد سوى عدد قليل من هذه البلدان أبرمت اتفاقات بهذا الشأن مع الحكومة الألمانية. ووفق تقارير قنوات التلفزيون الألماني: (ان دي ار) و (في دي ار) فان العراق أحدها.
التجمع الديمقراطي العراقي يرفض
في بيان له في 25 تشرين الأول، أكد التجمع الديمقراطي العراقي في المانيا رفضه لمشروع القانون السيء، الذي سيؤدي اقراره إلى تعرض حياة مئات الآلاف، بما في ذلك الأطفال إلى خطر جدي. وطالب التجمع الحكومة الألمانية بسحب هذا القانون المجحف، وان مشكلة إيقاف تدفق اللاجئين لا تحل بإصدار مثل هذه القوانين الظالمة، وانما بالكف عن تصدير السلاح، وعمليات التدخل في شؤون البلدان الفقيرة واستغلال خيراتها. وان ترحيل اللاجئين العراقيين سيعرضهم للملاحقة والاعتقال وربما التصفية الجسدية، وخصوصا الناشطين السياسيين وأصحاب الرأي، لذا طالب التجمع الحكومة الألمانية بسحب مشروع القانون وعدم الكيل بمكيالين. والتوقف من دعم الأنظمة الدكتاتورية والرجعية.