سيأتي الوقت من اجل التحليل الدقيق لهذه الأحداث ولكن في الوقت الحالي نطرح بعض الاستنتاجات والملاحظات الملحة حول أحداث يومي 24 – 25 حزيران/ يونيو في روسيا.

1 – الصراع يحمل طابعا فوقيا داخل النخبة الروسية الحاكمة. وبالنسبة الى الأوليغارشية ومن حيث المبدأ من المعتاد أن تعيش هذه الفئة في ظل نظام الصراع السري والدسائس المستمرة حيث تستخدم فيها القوة العسكرية بين فترة وأخرى، ولكن في هذه المرة وصل استخدام القوة الى مستوى جديد.

2 – بما أن صراع النخب الأوليغارشية أمر غريب بالنسبة لسكان روسيا، ولأن أيا من طرفي النزاع لا يمثل المصالح الطبقية للأغلبية العاملة، فان الشعب لم يبد دعمه العملي النشيط لأي من طرفي النزاع.

3 – لم يقم بدور زعزعة النظام الحالي اولئك الذين سحقتهم السلطات بدرجات متفاوتة من الحقد طيلة هذه السنوات، لم يكن الشيوعيون والوطنيون اليساريون من قاموا بذلك ولا حتى المعارضة الليبرالية الزائفة، انما المقربون من الرئيس الروسي وعمليا أناس أقرباء له.

4 – أظهر الرئيس بوتين مرة اخرى أنه سيد كلمته، إذا أراد – أعطى وإذا امتنع – استعاد. وأولئك الذين تم وصفهم بالخونة صباحا واتهموا ثانية بتوجيه "طعنة في الظهر" ورفعوا ضدهم قضايا جنائية، أصبحوا بحلول المساء شركاء سالمين للتفاوض وحصلوا على المغفرة ووعدوهم بغلق قضاياهم الجنائية.

5 – وعلى ما يبدو فان مثل هذا التغيير الحاد في موقف الرئيس كان يكمن في خطر فقدان السيطرة على جزء من الترسانات النووية، الأمر الذي يهدد بنسف هيبة رئيس الدولة نهائيا في نظر قادة العالم، وكان بإمكان ذلك أن يؤدي الى عواقب وخيمة.

6 – وجهت ضربة قوية الى هيبة السلطة العليا، وأظهر النظام السياسي ضعفا كبيرا للغاية وجرى فضح السلطة الروسية.

7 – أصبحت القوة الرئيسية التي تتبجح بها السلطة والسمة المميزة للنظام منذ فترة طويلة، وهي الاستقرار المزعوم، بمثابة عبارة فارغة تقريبا. وأظهر عمود السلطة ارتخاء شديدا، وعدا ذلك لم يبق هناك تماما أي أثر للإحساس بالاستقرار المقوض مسبقا بالفعل.

8 – أظهرت اعمال التنظيم العسكري للمتمردين، عن قصد او غير قصد، أن نظام الدولة في روسيا الرأسمالية شديد التأثر باحتمال قيام انتفاضة مسلحة. وان مبدأ ماو تسي تونغ " البندقية تلد السلطة" تؤكده التجربة السياسية بالكامل.

9– يجب على الأحزاب السياسية ان تختار أصدقاءها بشكل أفضل والا تتسرع بمدح اجندة الوطنية. فالمبدئية السياسية، كما اظهر مثال الجنرال سوبوليف، تؤكد في النهاية صواب هذه الأحزاب.

10 – ان احتمال حدوث تغييرات كبيرة في حياة روسيا قد ازداد بعد التمرد. وبما ان حقيقة الوضع لا يمكن ان تبقى على حالها فان هذا الأمر يجب أن يصل الآن حتى الى عقول البيروقراطيين المتحجرة أنفسهم والأثرياء الشرهين الجدد.

 

  25 / 6 / 2023.

*مداخلة عضو مجلس الدوما الروسي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي دينيس بارفيونوف 

 

عرض مقالات: