ان الحملة العالمية بخصوص مخاطر تلوث البيئة من قبل أكثرية المختصين والتحذيرات من استمرار اللامبالاة من حدوث كارة بشرية ومخاطر لا حصر لها على الكرة الأرضية وما اعلن عن اليوم العالمي للبيئة في 5 / 6 / 2023 ثم واقع الحال على البيئة في العراق يتطلب ضرورة التعامل السريع للمعالجة الصحيحة للإصلاح بشكل علمي ومدروس لان مشكلة التلوث مشكلة عصية اذا اهملت او استخف بها حيث تواجهها أكثرية البلدان ، وبعد تردي الاوضاع أكثر فأكثر دق ناقوس الخطر واصبح التلوث عبارة عن وحش يتربص بالكوكب ويتطلب من الحكومات إيجاد الطرق والسبل لمعالجته وفق استراتيجية علمية مسؤولة باعتباره لايشكل خطراً جسيما على صحة الناس والبيئة المحيطة في القطر الواحد فحسب بل العالم، لهذا اخذت الإنذارات تتصدر واسائل الاعلام والمؤسسات الدولية والقطرية وبرامج الاحزب التقدمية وبرامج أكثرية الحكومات والمؤسسات ذات الاختصاص ومنظمات المجتمع المدني ولم تبخل منظمة الأمم المتحدة في توصياتها ، وكان وما زال العراق يحتل مكانة مميزة في وسائل الاعلام العالمية هذه المكانة خصت البيئة في العراق واشارت دراسات من قبل شركات مختصىة بان العراق يعتبر ثاني دولة في مجال التلوث، واشير الى قضية مهمة ما يصدر من حقول النفط التي تنتشر في البلاد وبخاصة الجنوب ثم ملايين الاطنان من انبعاثات حرق الغاز المتزامن مع انتاج النفط الذي بدون معالجة كارثة التلوث الناتجة عن الإنتاج الواسع مما أدى الى ارتفاع معدلاته حتى أصبحت بغداد من اكثر المحافظات تلوثاً على الرغم من صغرها مقارنة مع المحافظات الأخرى، بغداد وهي العاصمة كان المفروض الاهتمام بها اكثر علىى الرغم اننا نرى ان الاهتمام يجب ان يكون متساوياً وان يشمل العراق بشكل عام، وهنا نشير على ما يعتري المناطق السكنية الواسعىة التي تحيط ببغداد وكذلك المناطق السكنية العشوائية ومناطق التجاوزات التي أصبحت مأوى لمئات الالالاف من العائلات العراقية ،ولهذا لم يعد السكوت عن الحالات المتردية حتى صحياً واسباب الثلوث الذي اصبح بلا حدود، وبهذا فقد شُخِص ان أسباب الارتفاع الهائل لمعدلات الثلوث في بغداد هوالاهمال وعدم اتباع طرق حديثة لعلاج هذه الآفة القاتلة ومنها حلول سريعة منها لادارة الملف الذي اقترح بانشاء " مدينة إدارية جديدة " وركز مدير المركز العراقي الاقتصادي السياسي وسام الحلو باعتباره مهتماً بشؤون البيئة في بيان صادر في 12 / كانون الأول / 2022 " إن هناك ارتفاعاً كبيراً بمعدلات التلوث البيئي في بغداد وصل لمستويات خطيرة تناهز ( 173 ) وحدة في مقياس درجة تلوث الهواء ، وأضاف الحلو أن هذا الرقم يعادل ( 11) ضعفا عما كان عليه المؤشر أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بسبب توسع العاصمة وعدم إنشاء مشاريع اقتصادية جديدة، والاعتماد على الخطط البيئية التقليدية القديمة، فضلا عن غياب الاهتمام الكافي وقلة المخصصات المالية لملف البيئة، مع انتشار الفساد المالي والتخبط الإداري في جميع الحكومات السابقة التي أدارت الملف البيئي" وينطبق قول الشاعر أبو نصر عمر بن نباته " ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ـــ تعددت الأسباب والموت واحد"* نعم هناك العديد من الأسباب التي تجعل ن التلوث عبارة عن مشكلة سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية وبيئية...الخ كمشاريع الصرف الصحي وزيادة التعداد السكان بدون وضع خطط علمية لإسكانهم وإيجاد مؤسسات صحية لعلاجهم والتخلص من العشوائيات غير الصحية التي تساهم في تلويث البيئة ، تلوث المياه والأراضي وشحة المياه ثم العدد المهول لوجود ملايين السيارات في الشوارع بدون تخطيط مسبق للحاجة ولا يمكن نسيان قضية المولدات الاهلية الكهربائية وورش للصناعات الخفيفة المنتشرة في المناطق السكنية والمصانع ثم مشتقات الغاز الطبيعي وقد يكون التصحر وعدم الاهتمام بالتشجير وعدم الاهتمام بقضايا النفايات والازبال وانتشارها في الشوارع والازقة وغيرها وعدم وجود وعي صحي واهمال الحكومة لمثل هذه القضايا المهمة مثل التجاوز على الحصص المائية والنهرية وعدم مراقبة الإنتاج الزراعي ومنع المواد العضوية والمعادن الثقيلة وامام هذه الأوضاع المأساوية والتلوث المستمر لم تتخذ أي قرارات سريعة لمعالجات أولية كبداية نحو التخلص وفق مخططات حكومية ومشاركة المؤسسات المختصة، اليوم توعدنا امانة بغداد بانها اوشكت على "إتمام الصيغة النهائية للمخطط الإنمائي الجديد " لبغداد العاصمة حتى عام 2030 تشمل اكساء الطرق وإقامة العديد من المجسرات ثم معالجات جديدة لقطاعات المياه والصرف الصحي هذا الإعلان الصحفي اكد عليه عمار موسى الكاظم أمين عاصمة بغداد " إن الأمانة سبق وأن تعاقدت مع جهة استشارية عالمية لغرض إعداد مخطط إنمائي جديد لتحديث المخطط الانمائي الشامل القديم الذي انتهت صلاحياته عام 2000 " وأشار ايضاً حول المخطط الجديد الذي اقترح حسب قول امين العاصمة بعدة فعاليات لتوسيع العاصمة ثم نقل المناطق الصناعية من وسط المدينة الى حدودها والمعالجة المنهجية لمشاكل النقل ومشاكل الإسكان، نقول عسى ان يكون الإعلان قيد التنفيذ العملي وليس التصريحات والوعود كما هي الوعود التي لم تنفذ منها وأصبحت في خبر كان ويبقى التلوث سيد الموقف بدون اية معالجات جدية وذلك يظهر من تصريحات سابقة لجاسم الفلاحي وزير البيئة الذي قال " أن التلوث البيئي في بغداد وصل لمستويات لا يمكن السكوت عنها، بسبب التراجع الكبير بالبنى التحتية، مشيرا إلى ضرورة إنشاء مدينة إدارية جديدة".
نعم نحن نتفق مع رأي السيد وزير البيئة لكن نسأله
ــــ اليس هو الوزير في حكومة تقع على عاتقها مسؤولية المعالجة والتنفيذ؟
ـــــ وهل هناك جهات غير الحكومة تستطيع ان تنفذ المطلوب؟
ان العراق الذي حكم طوال عقود عديدة من قبل حكومات لم تكن بالمستوى المسؤول وابقته يراوح في مكانه سياسياً واجتماعيا واقتصاديا وبيئياً...الخ أصيب بمقتل الإهمال والتخلف بعد الاحتلال وسقوط النظام الدكتاتوري، والمسؤول الأول عن ذلك أحزاب الإسلام السياسي وبخاصة الأحزاب الشيعية وحلفائها في التفكير والمصلحة فبدلاً من دولة مدنية وطنية جاءت المحاصصة الطائفية والميليشيات المسلحة والتبعية وبهذا انتجت حكومات طائفية ومحاصصة حزبية وبدلاً من التقدم والبناء فقد حل التخلف والتراجع في جميع المجالات الا اللهم وجود السلاح المنفلت والميليشيات والمافيا والفساد، وبسبب هذه الحالة الشاذة فقد الامل في ضرورة إقامة الدولة المدنية التي تراعي قضاياه المصيرية بدءً من التخلص من تركات الماضي ومخلفاته السيئة ، وعندما نتحدث عن هذا التخلف ( تصور خلال عشرون عاماً لم تبن مدرسة نموذجية ولا مستشفى حكومي واصبح المواطن يحلم بالحرية ورغيف الخبز ويرتعب من الإرهاب والتطرف والمليشيات الطائفية المسلحة التابعة ) اما قضية البيئة فهي قضية يجب ان تكون في الصدارة وبالضد من المنافع الذاتية الخاصة ومن المؤتمرات الرنانة الفارغة، اما حكومات المحاصصة فقد بقت مشغولة ولم تقف وقفة جادة ضد التلوث في التربة والهواء واحتراق الغاز وانبعاثاته الكربونية وما ينثره من سموم ، وامامنا مثال صارخ ما تقوم به دولتي الجوار ايران وتركيا من الاستيلاء على الحصص المائية للعراق والمتعارف عليها دولياً وهو امر غير مقبول يحتاج الى وقفة جادة مسؤولة واتخاذ إجراءات قانونية ودفاعية عن حياة المواطنين وسلامة البيئة، هذا الإهمال وعدم التحرك الحكومي يبشر بمخاطر كثيرة على العراق وحياة المواطنين ( مثال الارتفاع الكبير في الإصابات بالسرطان ) واكد فلاح الاميري في تصريح نقلته جريد طريق الشعب " ان اليوم العالمي للبيئة يمرّ كل عام مرور الكرام، من دون اي تغيير بالسياسات العامة للدولة، على الرغم من عقد مؤتمرات وندوات.. والخ، لكن لا اذان صاغية للأصوات المنادية بموضوعات البيئة وحمايتها والحد من الملوثات البيئية والقضاء على مصادرها" انها الحقيقة المرة ان لا اذلان صاغية للنداءات والمناشدات فيما يخص أوضاع البيئة والحماية من التلوث، كما نشرت طريق الشعب مقالاً في 3 / 6 / 2023 حول حماية الارض من التغيرات في البيئة وكارثة التلوث تزامناً مع اليوم العالمي للبيئة حيث اكدت سيليستي ساولو المديرة الجديدة ( لوكالة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية والمناخ ) " أن بعض البلدان ما زالت غير مدركة للعواقب الوخيمة لارتفاع تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي" وأشارت في مقابلة صحفية حول ضرورة الاهتمام بقضايا البيئة وحماية المواطنين " إن الأوان لم يفت بعد لتغيير مجرى التاريخ، ليس لدينا خطة بديلة، فهل ننتظر نهاية مأساوية أم نقاتل من أجل أطفالنا ومستقبلنا؟"
هكذا تبدو اللوحة في العراق أكثر تراجيدية مأساوية فيما يخص التلوث واضراره على البيئة وحياة الناس، وقياساً لهذه الصورة البائسة يحذر فلاح الاميري مدير معهد نيسان مؤكداً " واقعنا البيئي ينذر بكارثة خطيرة جداً تهدد الأمن الوطني" ويستمر في التوضيح لكشف الواقع المرير أن " بيئتنا الاجتماعية اليوم غير واضحة المعالم ومشوهة، فسابقاً كانت لدينا بيئة اجتماعية في الريف والبادية وبيئة خاصة بالناس الذين يسكنون بقرب الأنهر والبحر. أما حاليا فنحن نفتقد هذه البيئات ونواجه تغييرا ديموغرافيا كبيرا" لقد تم الكشف عن المآسي المتنوعة التي تصيب البلاد والمواطنين بمقتل خراب ودمار الأرض والمناخ وقتل المواطن البريء الذي ينتظر من الحكومات والقوى المتنفذة ان تقوم بواجبها الوطني المسؤول والتخلص من المراوحة والفساد والفاسدين في الدولة.
هل ستعي الحكومة والقوى المتنفذة ان الفساد المنتشر بشكل أوسع ايضاً كان السبب الرئيسي في تعطيل الوجهة لقيام الدولة المدنية وفق مفهوم وطني !