كما كان متوقعا المشكلة الخاصة بالدولار وارتفاع سعر الصرف في السوق العراقية لم يكن لها علاقة بسعر الصرف الرسمي. وقد اتخذت الحكومة قرارا بتخفيض سعر الصرف بعد اقتراح البنك المركزي العراقي لذلك اذ جرى التخفيض من سعر 1470 إلى 1320 دينار للدولار، في اعتقاد بأن ذلك سيعالج المشكلة بصورة سريعة. ولكن رغم ذلك لم ينخفض السعر بل بدأ بالارتفاع، ويصل إلى سعر 1560 دينار للدولار ما يعني فرقا يقارب 24 ألف دينار لكل مئة دولار. وهذا ساهم في زيادة مساحة الارباح المتاحة للمتلاعبين بالدولار.
الغريب أنه مع كل جيش المستشارين الخاصين برئيس الوزراء والبنك المركزي يتم الذهاب إلى حلول حتى المواطن البسيط يعتقد بانها غير مجدية. اذ يجب البحث أولا بأسباب ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية والذي من الواضح يرجع إلى ارتفاع حجم الطلب على الدولار بعد الاجراءات والعقوبات التي فرضت على التحويل الخارجي للتقليل من عملية تهريب الدولار. ولتعويض هذا النقص الذي حصل يتم سحب الدولار من السوق مما يؤدي إلى ارتفاع سعره ويتسبب بالضرر إلى المواطنين اذ ترتفع أسعار السلع والخدمات.
وباعتماد السعر الجديد للدولار لتغطية الاعتمادات المستندية وتغطية تكاليف الواردات للعراق من السلع والمنتجات يفترض أن تنخفض أسعار هذه السلع في السوق، ولكن مع ذلك لم يحصل اي تغير. حتى أسعار المنتجات التي تكون عراقية الصنع أو جزء منها عراقي لم تنخفض. لذلك يجب البحث في الاسباب التي لا يخفى ان يكون لها علاقة بمافيات ومجاميع مسلحة وجهات لها انشطة اقتصادية وليس لها مصلحة بانخفاض الاسعار في السوق. في الوقت الذي يجب فيه على الدولة القيام بإجراءات جادة وليس اتخاذ قرارات لها علاقة بسعر الصرف. بل يجب ان يكون هناك تدخل في مراقبة انشطة السوق والاسعار ومحاسبة المتلاعبين. ولكن ليس ببعيد ان يكون هناك مصالح مشتركة لبعض المحسوبين على مؤسسات الدولة مما يعيق عملية المراقبة والمحاسبة.
كما بدأت تظهر طرق جديدة للاستفادة من هذا الوضع الخاص بسعر الدولار عبر قيام شركات سياحية ومجاميع بالتحايل على النظام المصرفي واستغلال موضوع بيع الدولار للمسافرين اذ يقومون بشراء الدولار و إعادة بيعه عبر اغراء المواطنين بسفرات مجانية فضلا عن استغلال موضوع التحويل عبر خدمة الويسترن يونين ايضا لنفس الغرض. وقد لاحظت كما الكثيرون طوابير المواطنين منذ الصباح اما ابواب بعض المصارف للتحويل وشراء دولار المسافرين.
إن آثار هذا الفرق بين سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي تساهم في خلق مافيات فساد اضافية وتسبب الضرر للاقتصاد العراقي وتستنزف العملة الصعبة وتسهم في تدهور وضع ذوي الدخول المحدودة وتساهم في اعادة توزيع الثروة لصالح الفاسدين وبالأخص من المشتغلين بالقطاع المالي.
المطلوب اليوم حلول شجاعة تبتعد عن القرارات الترقيعية وتبحث في منافذ تهريب العملة ومن يقوم بشرائها ولصالح من ومراقبة الاسعار كما يجب النظر بموضوع شراء الدولار للسفر والسياحة والعلاج ومحاولة قطع الطريق امام من يشتغل هذا الباب عبر اجراءات اضافية.
كما على الجهات المعنية من غرف تجارية واتحادات خاصة برجال الاعمال والصناعات والتجارة وغيرها من النقابات والاتحادات والمنظمات والمختصين ان يقدموا حلولا ويساهموا في الضغط على الدولة لإيجاد معالجات سريعة وفعالة تسهم في استقرار الاقتصاد العراقي.