بعد تعاقب الحكومات الضعيفة على العراق نتيجة الاحتلال الأمريكي عام 2003 وتدمير البنى التحتية له وترسانته الحربية وجيشه الذي كان يعد من أقوى الجيوش العالمية عدة وعديدا وتسلط حكومات بعيدة عن تطلعات ومتطلبات المواطن العراقي وفق دستور مهلهل ضعيف فيه الكثير من الهفوات ونقاط الضعف فيه مقصودة والتي تسببت في ضعف العملية السياسية للعراق حيث أنشأت دول الاحتلال حكومات مثقلة بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ما زال المواطن يعاني منها ومن تبعاتها .
حيث أن السياسيين المتصدين للمشهد السياسي لم يكن الكثير منهم أهلا لقيادة هذه العملية السياسية الجديدة في ظل صراعات داخلية وتبعية سياسية وفكرية لدول الجوار والإثراء الشخصي والحزبي على حساب المال العام وقوت المواطن وهمومه واحتياجاته اليومية. أن هذا الإهمال المنهجي من قبل السياسيين زاد من الهوة بين المواطن والحكومة وزادت النظرة التشاؤمية له في ظل هذا التردي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للعراق وفي خضم هذه السلبيات والوضع السياسي نشأت بعض الطبقات الفاسدة تسلقت المشهد وعبثت في مقدرات وواردات الحكومة العراقية وبرضا الحكومة ومباركتها كونها هي التي أنتجتها وفي ظل غياب الرقابة الحكومية الصارمة والمعاقبة وغض النظر في كثير من الأحيان عن الفاسدين من أعلى سلم الهرم السياسي إلى ما دون ذلك حتى بلغ مستوى الدوائر الحكومية ذات التأثير المباشر على مقدرات المواطن وفي غياب تطبيق القوانين الصارمة على المفسدين أصبحت ظاهرة علنية في المجتمع العراقي وعلى نطاق واسع وثقافة عامة في مؤسسات الدولة فأن قاعدة من أمن العقاب ساء الأدب بلغت ذروتها في مجتمعنا بعدما استشرى الفساد ورؤوسه الذين عاثوا في مقدرات الشعب وثروات البلاد أمام أعين الرقابة الحكومية والقانون حيث استشرى في جسد الحكومة والمجتمع بدون رادع قانوني ليصبح الفساد في جميع مفاصل الدولة وخصوصا في السنوات الأخيرة عندما وجد له البيئة الآمنة للتحرك فيها والمجال الواسع والحماية في العمل بمساحات واسعة وبدعم من بعض الجهات المعينة له وفق مصالح مشتركة بينهما وعندما نرى حادثة سرقة القرن التي قامت لها الدنيا ولم تقعد وتحركات الدولة والرأي العام أصبحت بعدها في طي النسيان والفاعل حر طليق بدون عقاب وكذلك عملية تهريب النفط من الجنوب والتلاعب بسعر الدولار وصعوده الملفت للنظر الذي أثر سلبا على قوت المواطن كل هذه السرقات كانت بغطاء سياسي آمن وحصانة من قبل بعض المتنفذين بدون رادع يُذكر للحد من هذه السرقات . فأن الذي يحز بالنفس أن يرى المواطن السارق حرا طليقا بعيدا عن العقاب والمساءلة والقانون والمال العراقي يُهدر ويُبدد على أيدي اللصوص والسارقين وثروات البلاد تُنهب هكذا وليس من العدل أن يبقى أكثر من ثلث سكان العراق تحت خط الفقر مقابل هذا الإثراء على حساب المال العام فمن سيمنع هذا النزيف الاقتصادي للدولة ومتى تكون ثروات العراق للمواطن وليس لجيوب الفاسدين والسارقين .