يشير الفكر السياسي المعاصر الى ان المرحلة الراهنة من تطور الرأسمالية تتسم بنزعتها الاستعمارية الجديدة.
لترصين ذلك التوصيف نسعى الى تأشير السمات الاستعمارية الجديدة في نهوج الرأسمالية المعولمة عبر المحاور التالية –
أولا - تطور النزعة العسكرية والتدخل في الشؤن الوطنية.
ثانيا - بناء نظم سياسية موالية للتبعية والتهميش.
ثالثاً- اتساع الحركة الاممية المناهضة للحرب والعدوان.
اعتمادا على المحاور المثارة نعمد الى دراستها بتكثيف بالغ.
أولا - تطور النزعة العسكرية والتدخل في الشؤن الوطنية
مرت الرأسمالية المعاصرة بمراحل عديدة من تطورها الاقتصادي – السياسي بدأً من مرحلة المنافسة مروراً بمرحلتها الاحتكارية وصولا الى مرحلتها المعولمة.
- جهدت الرأسمالية كمنظومة اقتصادية سياسية الى تكييف بنيتها السياسية مع الأزمات الاقتصادية المتعددة.
- خاضت الرأسمالية صراعات دولية مع خصومها في الدول المناهضة متخذة - الصراعات - اشكالا كثيرة منها تشكيل الحكومات الموالية وحمايتها فضلا عن تشجيعها للحروب الاهلية بين القوى الوطنية المتصارعة وانتهاء ببناء (شراكة) اقتصاديه مع الدول الوطنية لصالح التكتلات الكولونيالية.
- انتقال العالم الى نظاميين اجتماعيين ترافق وانتقال سياسة المراكز الرأسمالية واحتكاراتها الدولية الى خنق النظم الاشتراكية عبر أساليب كثيرة منها –
- تطوير النزعة العسكرية وتشكيل الاحلاف العسكرية.
- التدخل في النزاعات الوطنية وتشجيع القوى اليمينية المتطرفة.
- اعتماد الدعاية السياسية الهادفة الى تبشيع نظم الاشتراكية وأهدافها الإنسانية.
انتقال العالم بعد انهيار خيار التطور الاجتماعي الى وحدانية أسلوب الإنتاج الرأسمالي ترابط وحدة النزاعات الدولية والاجتماعية الهادفة الى تأبيد هيمنة الرأسمالية على السياسية الدولية.
ثانيا - بناء نظم سياسية موالية لنهوج التبعية والتهميش.
- انتقال العالم الى وحدانية التطور الرأسمالي أحدث تغيرات سياسية جذرية في مضامين العلاقات الدولية والوطنية يمكن تحديدها في المؤشرات التالية -
1 –التناقض الرئيسي في مرحلة المعولمة الرأسمالية أمسي بين التبعية والالحاق وبين تعزيز سيادة الدولة الوطنية واستقلالها.
2-سعي المراكز الرأسمالية المعولمة الى تعميم الروح الكسموبولوتية المناهضة للوطنية الديمقراطية والسعي الى تخريب الدول الوطنية بهدف الحاقها بمصالح التكتلات الدولية.
3- تفكيك التشكيلات الاجتماعية وتحجيم طبقاتها الاجتماعية الفاعلة في الكفاح الوطني – الديمقراطي.
4- تحويل سلطة الدولة الوطنية الى سلطات إقليمية بهدف تفكيك وحدة النزاعات الطبقية وكفاحها المناهض لسياسة العولمة المتسمة بالتبعية والتخريب.
5 -تعمل المراكز المعولمة على تفكيك الكفاح الوطني المناهض للتدخل في الشؤن الوطنية وسياسة العسكرة والعدوان.
6- تسعى المراكز الرأسمالية المعولمة الى تفكيك الدول الوطنية وتخريب تشكيلاتها الاجتماعية باعتباره هدفا استراتيجيا في الفكر السياسي المعولم.
7- تتناقض سياسة المراكز الرأسمالية المعولمة المتسمة بالتبعية والالحاق ومرحلة المنافسة المتسمة ببناء دول (وطنيه) تابعة لغرض حمايتها من المنافسة الرأسمالية.
8- تهدف الرأسمالية المعولمة الى تفكيك الدول الوطنية وإلحاقها بالتكتلات الدولية فضلا عن تهميش طبقات تشكيلاتها الاجتماعية المناهضة للهيمنة الدولية.
9-- تسعى الدول الرأسمالية الكبرى الى سلطة الدولة الوطنية وتحويلها الى سلطات إقليمية ذات نزعة استبدادية معادية لمصالح البلاد الوطنية.
ان تحويل سلطة الدولة الى سلطات إقليمية يتلاقى والفكر السلفي الاسلامي الهادف الى تفكيك التشكيلات الاجتماعية الوطنية واندلاع الإرهاب والنزاعات الاجتماعية المتجاوبة وسياسة الهيمنة الدولية للرأسمال المعولم.
تكثيفاً يمكن القول ان نهوج الرأسمالية المعولمة المناهضة لبناء الدول الديمقراطية تتناقض ومرحلة المنافسة الرأسمالية التي ساهمت الدول الاستعمارية فيها ببناء دول وطنية وتشكيلات اجتماعية طبقية الامر الذي وسع من مديات الصراعات الوطنية – الطبقية المناهضة للهيمنة الخارجية.
ان اختلاف مرحلة المنافسة الرأسمالية عن مرحلة الرأسمالية المعولمة يكمن في تشابك الاحتكارات الدولية المتعدية للسمات الوطنية وبهذا الإطار تتركز الصراعات الدولية الراهنة بحقلين أولهما-
نزاع المراكز الرأسمالية الكسموبوليتية مع الوطنية الديمقراطية الناظمة لكفاح شعوب الدول الوطنية.
وثانيهما نزاع المراكز الرأسمالية مع الدول الرأسمالية الناهضة الرافضة لوحدانية الهيمنة الدولية.
ان سمات الوضع الدولي الراهن المتسم بالتعاون والتعارض يتطلب بناء سياسية وطنية -ديمقراطية تنبثق من مضامين تغيرات السياسية الدولية.
ثالثاً- اتساع الحركة الاممية المناهضة للحرب والعدوان.
ان عالمية راس المال وهيمنته الدولية تشترط وحدة فصائل الحركة الديمقراطية المناهضة للهيمنة والعدوان.
- استناداً الى ذلك أرى ان بناء حركة اممية ديمقراطية تجمع بين الكفاح الاممي المناهض للهيمنة الدولية وبين الكفاح الوطني الهادف الى بناء دول وطنية ديمقراطية كفيل بالحد من نزعات راس المال الهادفة الى التخريب والالحاق.
استنادا الى الرؤية المشار اليها أرى–
أولا –بناء حركة ديمقراطية وطنية - دولية تعمل على بناء نظم سياسية ديمقراطية مكافحة للهيمنة الكسموبولوتية.
ثانياً –بناء دول وطنية يتطلب وحدة وطنية والتخلي عن المصالح الحزبية الضيقة واعلاء شان الوطنية الديمقراطية.
ثالثاً– بناء نظم سياسية وطنية ديمقراطية قادرة على الحد من فاعلية قوانين الرأسمالية الهادفة الى التبعية والتهميش.
رابعاً–مكافحة الهيمنة الرأسمالية تتطلب التصدي لمساعي الطبقات الهامشية الراغبة بربط مصالح البلاد الوطنية بمصالح الاحتكارات الدولية.
خامساً – بناء وحدة وطنية مناهضة للعسكرة والعدوان تتطلب رؤية وطنية -دولية مشتركة لمناهضة روح الهيمنة وتفكيك الدول الوطنية.
سادساً –بناء ديمقراطية وطنية هادفة الى موازنة المصالح الوطنية – الأممية.
سابعاً– موازنة المصالح الأممية – الوطنية تنبثق من موازنة المصالح الطبقية في التشكيلات الوطنية.
ان الافكار والأراء المثارة تشكل رؤية سياسية قادرة كما ازعم على مواجهة التخريب الرأسمالي المعولم الهادف الى تحويل الدول الوطنية الى أقاليم متناحرة تدخل البلاد وتشكيلاها الاجتماعية البلاد في حروب عبثية دائمة.