صوت مجلس النواب بجلسته المنعقدة بتاريخ 6/6/2018 على مقترح قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب رقم (45) لـ 2013 (المعدل) خلال جلسة استثنائية وبحضور (172) نائب بعد ان انجز القرأتين الاولى والثانية لمقترح القانون.
و قد طرحت العديد من الطعون والتساؤلات بخصوص الية تشريع هذا القانون ومدى الالتزام بالنصوص الدستورية في مضمون والية التشريع ونتصدى لاحقا لأبرز هذه الطعون من وجهة نظر قانونية مستقلة.
ابتداء نناقش الطعن الذي يرد على تعارض القانون مع نص المادة (19/ تاسعا) من دستور جمهورية العراق التي تنص على (ليس للقوانين اثر رجعي مالم ينص على خلاف ذلك، ولا يشمل هذه الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم)
و من خلال قراءة هذا النص يبين لنا ان النص الدستوري تبنى مبدأ عدم جواز وجود اثر رجعي للقوانين لكنه اورد استثناء بهذا المبدأ بجواز الاثر الرجعي للقانون من خلال النص على ذلك في متن القانون ثم عاد الدستور وقيد هذا الاستثناء بعدم جواز سريان الاثر الرجعي لقوانين الضرائب والرسوم حتى في حالة النص على ذلك في متن هذه القوانين وبذلك يتضح لنا سلامة التشريع موضوع بحثنا من هذا الجانب وبالدخول في التفاصيل يرد الطعن بعدم جواز تشريع القوانين في جلسة استثنائية وليس جلسة اعتيادية ويتم دعم هذا الرأي بان المادة (58 / اولا) من الدستور نصت على (لرئيس الجمهورية او لرئيس مجلس الوزراء او لرئيس مجلس النواب او لخمسين عضوا من اعضاء المجلس دعوة مجلس النواب الى جلسة استثنائية ويكون الاجتماع مقتصرا على الموضوعات التي اوجبت الدعوة اليه) وذلك يعني ان هذه الجلسة تخصص لدراسة موضوعات محددة وليس الى تشريع قانون ويدعم هذا الراي بان النظام الداخلي لمجلس النواب افرد المادة (28) منه للحديث عن الجلسة الاستثنائية في حين خصص المادة (136) منه الحديث عن الية تشريع القوانين.
وبالانتقال الى الطعن الاخر بعدم دستورية القانون وهو تعارض مع نص المادة (14) من الدستور التي تتحدث عن المساواة بين العراقيين والمادة (16) من الدستور التي تتحدث عن تكافؤ الفرص لجميع العراقيين اضافة الى المادة (20) من الدستور والتي تنص على (للمواطنين رجالا ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح) الا انه وبالرجوع الى المادة (3) من قانون التعديل نجد انها حرمت شرائح كثيرة من المشاركة في الانتخابات من خلال الغاء اصواتهم وتشمل هذه الشرائح تصويت الخارج والتصويت المشروط في مخيمات النازحين والحركة السكانية لمحافظات الانبار، صلاح الدين، نينوى، ديالى واصوات النزلاء في السجون وانتخابات التصويت الخاص في اقليم كردستان. وذلك بالرغم من عدم وجود دليل ان جميع تصويتات هذه الشرائح هي مزورة مما يعني حرمان مئات الآلاف من المشاركة في التصويت وفقا للنصوص الدستورية.
وأخيرا يرد الطعن على المادة (4) من قانون التعديل بانتداب قضاة لإدارة مجلس المفوضية حيث حضرت المادة (98 / اولا) من الدستور على القاضي الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفتين التشريعية والتنفيذية او اي عمل اخر مما يجعل هذا القانون محلا للطعن بعدم الدستورية
وفي الختام ففي الوقت الذي نؤكد فيه على وجوب التصويب والتصدي بقوة لجميع عمليات التزوير التي شابت انتخابات الدورة البرلمانية الرابعة وبأساليب وصيغ تنم عن مستوى هابط لمن مارسوا هذه العملية. وهذا يضع الدولة العراقية بكافة مكوناتها محل طعن، حيث ان مجلس النواب هو الذي يتم من خلاله تشكيل مجلس الوزراء وانتخاب رئيس الجمهورية، وهو حامي الشعب من خلال ممارسته للرقابة على اجهزة الدولة. وان وصول الفاسدين الى هذا المجلس وبهذا الحجم من التزوير، سيضع علامة استفهام كبيرة يستمر تأثيرها على كل انتخابات قادمة، مالم يتم اتخاذ اجراءات رادعة بحق كل المفسدين، ولكن بطرق قانونية تنسجم مع الدستور والقوانين النافذة.

عرض مقالات: