السياسة الخارجية هي عملية  واعية تنطوي على السعي لتحقيق أهداف قوامها الحفاظ على سيادة الدولة وضمان أمنها القومي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وهو ما يصعب على أية دولة بمفردها توفيره، مما يتطلب سياسة خارجية فَعَّالَةٌ ودبلوماسية نشطة تستطيع من خلالها الحصول على الإمكانيات المطلوبة إمّا عن طريق إقناع الآخرين بالموافقة على ما تطلبه الدولة من سلع وخدمات للمحافظة على أمنها أو الدخول معها في تحالف أو تعاون يضمن بقائها وتماسك كيانها. فالسياسة الخارجية هي أحد العناصر الرئيسة المكونة للسياسة العامة للدولة، ومن ثم فهي تحتل موقعا مركزيا في السياسة العامة. والسياسة الخارجية للدولة ذات الحجم الكبير لا بد أن تكون مختلفة عن السياسة الخارجية لدولة صغيرة الحجم. إن صانعي السياسة العامة والخارجية للدول ذات الحجم الكبير يحكمون بالتأكيد رغبتهم في أن يكونوا قوى كبيرة في العالم. وحجم الدولة كان وما زال يُمثل عاملاً في السياسات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية ، روسيا ، الصين ، الهند ، البرازيل ، فرنسا وغيرها. الدول ذات الحجم الكبير ، مع بعض الاستثناءات القليلة ، تقوم دائمًا بصياغة واستخدام سياسة خارجية نشطة ، ومن خلال هذه تلعب دورًا نشطًا في العلاقات الدولية. ومع ذلك ، الحجم وحده ليس محددًا مستقلًا للسياسة الخارجية.

لا تعتمد موارد الدولة وقدراتها دائمًا على الحجم. مثلاً  دول الشرق الأوسط ، ذات أحجام صغيرة ولكن بأكبر كمية من الموارد النفطية ، تلعب دوراً نشطاً في العلاقات الدولية. اليابان دولة صغيرة الحجم نسبياً ، ومع ذلك فإن دورها في العلاقات الدولية نشطاً ومؤثراً.  وإذا كان النظام يستطيع استغلال السياسة الخارجية لتدعيم شرعيته سواءً بتعبئة موارد خارجية من أجل التنمية أو بتأكيد هيبة الدولة ومكانتها في المجتمع الدولي أو بتعبئة الجماهير خلف قضايا خارجية وتحويل اهتماماتها عن القضايا الداخلية. فإن السياسة الخارجية، يمكن أن تكون مصدراً لإهتزاز وتدهور شرعية هذا النظام. وهنالك  الفساد السياسي الناتج عن اقتران المال بالسياسة أو السلطة بالثروة قد يأخذ طابعاً اخلاقيا كالفضائح الجنسية لمسئولين كبار في الدولة كما جرى مع الرئيس كلنتون من مونيكا لوينسكي والفضائح الاخلاقية للرئيس ترامب أيضا فضائح الاغتصاب لرئيس إسرائيل السابق موشيه كاتساف والتي تم الحكم عليه بالسجن سبع سنوات وفضائح أخرى لزعماء ومسئولين في أكثر من بلد، وقد يأخذ الفساد طابعا ماليا عندما يتم توظيف المواقع السلطوية أو سلطة المال لتحقيق أهداف خاصة بعيداً عن القانون وخروجا وتحايلا على مقتضياته، كما هو الحال اليوم مع فضائح فساد نتنياهو، إلا أن أخطر وأسوء اشكال الفساد السياسي المقترن بالمال عندما يتصرف سياسيون بوعي منهم ضد مصالح أوطانهم من أجل المال والمصالح الشخصية، في هذه الحالة نتحدث عن الخيانة الوطنية.

 وتطوير فهم السياسة الخارجية يُعَد نشاطا مهما يماثل في أهميته أهمية السياسة الخارجية ذاتها، وعلى الرغم من أن التغيرات التي شهدتها العلاقات الدولية قد أدت إلى زيادة وتنوع الفاعلين والقضايا وتعقد العمليات التي ما تنطوي عليها، فإن الكثير مما يجري في الساحة الدولية هو في الحقيقة نتاج سلوك السياسة الخارجية لدولة أو مجموعة من الدول. إن العلاقات الدولية تتكون على الأقل في أحد مستوياتها من شبكة متفاعلة من السياسات الخارجية، كما أن النتائج التي يصل إليها الدارسون يمكن أن تساعد في عملية صنع السياسة. وتوجهات السياسة الخارجية تحكمها عدة محددات ،تنقسم إلى محددات داخلية وأخرى خارجية. والمحددات الداخلية تتعلق بالبيئة الداخلية للدولة، وتتنوع هذه المحددات بدءاً من الجغرافيا ودور الموقع الجغرافي في تحديد أهمية الدولة، إلى تنوع الموارد الطبيعية وتوفرها والذي يعطي للدولة قوة اقتصادية في حال استخدامها بشكل جيد،يعطيها القوة والثقة في النفس .ما يجنبها المساومات التي تواجهها في حال الضعف.كما تلعب المحددات الشخصية والمجتمعية والسياسية الدور الهام في توجيه السياسة الخارجية وفقا لأطر فكرية أو إيديولوجية وحتى ثقافية وحضارية وتاريخية.أما المحددات الخارجية فهي في الأساس تتمحور حول النسق الدولي من خلال تعدد الوحدات الدولية والذي من شأنه أن يربط هذه الوحدات ببعضها البعض أكثر، كلما زاد عدد هذه الوحدات .كما أن تفاعل البنيان الدولي وترابط الوحدات الدولية من خلال المؤسسات الدولية وما ينتج عنها من التزامات قانونية وأدبية ،كل ذلك يساهم في توجيه السياسة الخارجية للدول. 

ورغم تعدد تعاريف السياسة الخارجية إلاّ أنها لا تخرج عن إطار سلوكيات الدولة وأنشطتها الخارجية التي تسعى إلى تحقيق أهداف مُسطَّرة سواءً كانت أهدافاً قريبة أو بعيدة الأمد، وتتميز السياسة الخارجية بالطابع الرسمي والواحد الذي يحدد من يقوم بوضع هذه السياسة كما أنها تتميز بالطابع الخارجي والذي يحدد الجهة التي توجَّه إليها السياسة الخارجية والتي دوماً تكون خارج حدود الدولة وتتنوع هذه الجهات وفقا لتنوع الفواعل في العلاقات الدولية. السياسة الخارجية للأمة يتم صياغتها وتنفيذها من قبل صانعي السياسة، وبذلك تأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية للأمة، والبيئة الداخلية والخارجية ، والقيم الوطنية ، وأهداف السياسة الخارجية وقرارات الدول الأخرى وطبيعة هيكل السلطة الدولية ،هذه تُشكِّل عوامل / عناصر السياسة الخارجية.السياسة الخارجية هي الإطار السياسي الذي يحكم علاقة دولة ما بالدول الأخرى، وهي تعكس المصالح الوطنية للدولة وكيفية تحقيقهاً. السياسة الخارجية من أهم مجالات البحث في العلاقات الدولية،لأن من خلالها تتبلور العلاقات بين الدول، والسياسة الخارجية ترسم من قبل أفراد يسمون بصناع القرار السياسي، وهم رؤساء الدول أو رؤساء الحكومات، وصانع القرار السياسي قبل أن يرسم أهداف السياسة الداخلية والخارجية لبلده يضع نصب عينيه إمكانيات دولته الدينية والمادية والمعنوية والاقتصادية والبشرية، والسياسة الخارجية كمصدر للشرعية في ضوء المصادر الأخرى، كالقيم والتقاليد السائدة في المجتمع والتوجه الأيديولوجي السائد وفاعلية النظام في مواجهة المشكلات الاقتصادية، والاجتماعية في الداخل. فمتى كانت السياسة الخارجية تعبيرا عن قيم المجتمع وأيديولوجيته السائدة، ومتى كانت امتدادا لسياسة داخلية فعالة ونشطة، فإنها ستضيف إلى شرعية النظام السياسي، خاصة عندما تحقق بعض النجاحات الملموسة. ثم يقوم بإعلان أهداف السياسة الخارجية.  

 ومما لا شك فيه أن السياسة الخارجية لأي دولة تظهر من خلال تعبيرها عن سلوكها الخارجي، وتتأثر بالحالة أو الوضعية التي تفرزها عليها تطورات النسق الدولي، الذي تتفاعل فيه الدولة مع غيرها، وتتحدد الصورة التاريخية لهذا النسق الدولي تبعاً للتفاعلات السائدة في إطار هذا النسق، والتي تتمثل في القواعد السلوكية التي تحكم العلاقات بين أعضائه. وقد مثَّلت العلاقات مع القوى الدولية عاملاً مهماً فى السياسة الخارجية لاعتبارات عديدة فى مقدمتها الحسابات الأمنية والاقتصادية لصانع القرار للدولة  إذ أن تعزيز العلاقات مع القوى الدولية يضمن، بشكل أو بآخر، للنظام تأمين مصالحه فى سياق إقليمى محتدم بالأزمات، ناهيك عن المكاسب الاقتصادية المتحققة من وراء العلاقات مع هذه القوى.وتشكل وزارة الخارجية ، عبر سفاراتها وإداراتها المختلفة وبعثاتها الدبلوماسية المنتشرة حول العالم، ومن خلال سفرائها وممثليها ودبلوماسيها، صلة الوصل بين القيادة للدولة وشعوب العالم بكافة أطيافه . وتعمل وزارة الخارجية والتعاون الدولي على تعزيز أواصر الصداقة والتعاون بينها وبين دول العالم على مختلف الصعد والمجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتتبنى الوزارة مبادئ قيادتها التي تهدف إلى الحفاظ على الإنسان ورفع مستواه الفكري والحضاري، وتطوير قيم التنمية والحضارة الإنسانية، وتعزيز مقومات النهضة الاقتصادية والثقافية، وإرساء دعائم السلام والإخاء في العالم، وهذا الأمر يُكسب المواطن احتراما وتقديرا كبيرين أينما حل خارج دولته، ويعزز مكانة الدولة على الساحتين الإقليمية والدولية.

قرارات السياسة الخارجية التي تتصف بالنجاح هي تلك القرارات التي تخطط وتبنى على أسس عملية لكي تصل إلى أهدافها وهي تحقيق المصلحة العامة ورفع رفاهية المواطن وتحقيق الأمن للدولة. السياسة الخارجية هي سلوك صانع القرار، ومن أهم رواد هذا الاتجاه “تشارلز هيرمان” الذي عرَّف السياسة الخارجية بقوله “تتألف السياسة الخارجية من تلك السلوكيات الرسمية المتميزة التي يتبعها صانعوا القرار الرسميون في الحكومة أو من يمثلونهم والتي يقصد بها التأثير في سلوك الدولة الخارجية".  والسياسة الخارجية للدولة تُعبِّر عن مجموعة  من الأهداف السياسية التي تتحدد من خلالها كيفية التواصل بين هذه الدولة ومحيطها، وتتمحور هذه الأهداف بشكلٍ عام حول حماية أمن الدولة وتحقيق مصالحها الوطنية، والفكرية، والإقتصادية، ويمكن تحقيق هذه الأهداف عبر الطرق السلمية والتعاون مع الوحدات الدولية الأخرى، أو عبر الحروب والاستغلال واستخدام القوة. حاولت عدة مدارس وضع مفهوم السياسة الخارجية موضع التحليل والدراسة منذ عدة قرون، وإلى يومنا هذا وقد توصل الباحثون إلى فهمه وتحديد الطرق والكيفية التي يجب اعتمادها لتطبيقه كنظرية لكن بطرق فلسفية مختلفة، واختلفت وجهة النظر إلى السياسة الخارجية باختلاف وجهة نظر المدارس الفكرية. وينبغي تمرير السياسة الخارجية تحت الصرامة والإحتياج في آن واحد، وفق التشخيص الإقليمي والدولي ، بتوظيف الرؤى الأمنية القومية والعسكرية على حد سواء، بوصفهما الأداتان الكفيلتان بتحديد معالم الخطر وكيفية مواجهته.  وتتنوع علاقات الدولة  الخارجية وتمتد على طول الاتجاهات ، منفتحة على جميع الأطراف الدولية متخطيةً حدود الاستقطاب الحاد  بين القوى العظمي المتناحرة في العالم، لتنطلق إلى عالم متعدد الأقطاب تستطيع من خلاله صياغة سياسة خارجية لها استقلاليتها ورؤيتها المنفردة.                  

وتتم عملية صنع القرار في السياسة الخارجية داخل بيئة يؤثر فيها الاعلام بشكلٍ كبير حيث تعكس وسائل الإعلام أحداث السياسة الخارجية  وما يتم من تفاعل بين الدول وبالتالي فالافراد قد يكونوا علي عِلِم بكل هذه الاحداث مما يؤثر على صنّاع القرار ويجبرهم على الاستجابة لتفضيلاتهم وأرائهم حول هذه الاحداث ، لذلك فان وسائل الاعلام قد  يكون لها تأثير له شقين علي صانع  القرار ، فوسائل الإعلام كمصدر مدخَّلات لصنع القرار اي مصدر لمزيد من المعلومات  والبيانات، ووسائل الإعلام كبيئة يجب على الزعماء أخذها في الاعتبار للانها تعتبر اداة اساسية لمراقبة الزعماء وما يتخذونه من قرارات  وتعكس هذه القرارات للجمهور  وبالتالي يجب استخدام القنوات المناسبة وصياغتها بعبارات مناسبة للوصول إلى الجمهور لإضفاء الشرعية، والاّ فينقلب  الجمهور علي القائد السياسي واحتمال اقالته كما حدث مع العديد من الزعماء ، كما يتأثر سلوك العلاقات الدولية إلى حد كبير بكيفية إدراك العلاقات بين البلدان ، والتي تعتمد على الاتصالات بين البلدان. ولكن هناك العديد من العوائق الرئيسية أمام حقيقة العلاقات الدولية الجيدة فأحياناً  قد يكون تدفق الأخبار بين الدول غير متوازن  كما يميل احياناً  إلى تجاهل المهم وتشويه الواقع الامر الذي قد يؤدي في بعض الاحيان الي مزيد من التوتر في العلاقات فنقص المعلومات  احيانا قد يكون سبباً في النزاع   نتيجة لسوء فهم سلوك اتبعته دولة اخرى او ادراك نصف الحقيقة وتجاهل النصف الاخر، ولقد أصبحت قوة لا يستهان بها خاصة في ظل الثورة الرقمية التي نقلت الإعلام التقليدي الي الإعلام التفاعلي. في العلوم السياسية هناك مسؤولية تقع على عاتق الدولة وأخري علي عاتق مراكز الفكر الإستراتيجي وذلك في إطار سبل التعاون وتطوير مراكز الفكر والنهوض بها ،إذ يجب على الدولة أن تقوم بمساعدة مراكز الفكر الإستراتيجي في التغلب على التحديات والعقبات التي تواجهها وزيادة محيط الثقة بين الطرفين كما يجب عليها أن تقوم بالإعلان عن مراكز الفكر الإستراتيجية على أنها مؤثر وصانع مهم من صنّاع السياسة العامة لأن ذلك يدفع الأفراد بالثقة في مراكز الفكر والبحث، وعلي الجانب الآخر يجب على مراكز الفكر أن تكون على قدر من الثقة والثقافة التي تمكنها من مشاركة الدولة في صنع السياسة العامة والتأثير في قراراتها.