في حال وجود تمييز متواصل يخلق ويُعمِّق طيلة الوقت فجوات اجتماعية هائلة بين مجموعات مختلفة في المجتمع ، من المهم أن نستخدم عندها مصطلحات : تمييز خفي في المجتمع، والحديث عن التمييز المؤسساتي كنوع من التمييز العلني في المجتمع، مصطلح آخر هو فجوات اجتماعية، أي أن المعاملة المغايرة لا تُشكل دائماً مساساً محظوراً بالمساواة، إذا كانت هذه المعاملة ناجمة عن عامل موضوعي، يكون المَس بالمساواة، عندها، مباحاً، تكون المعاملة المغايرة في بعض الحالات ضرورية من أجل تكريس المساواة، فعلى سبيل المثال إعطاء تمديد في وقت الإمتحان لطالب يعاني صعوبات تعليمية يُشكّل تحقيقاً للحق في المساواة، على الرغم من أننا أمام معاملة مغايرة تختلف عن معاملة الطالب العادي، وإن إعطاء معاملة متساوية يصبح في هذه الحالة بالذات مساً بالطالب الذي يعاني صعوبات تعليمية، على المستوى الاجتماعي، فإن المعاملة المساوية لمجموعات مختلفة عبر تجاهل الفجوات لنقطة الانطلاق لدى كل منها، قد يقود إلى تمييز غير مبرر، فالقانون يلزم الشركات العامة بتكريس مواقع للنساء في مجالس الإدارة كخطوة في سياق التمييز المُصحح الذي يهدف إلى تحقيق مساواة بين الرجال والنساء في الدولة، وحقوق الإنسان هي التي تثبت للبشر لمجرد الصفة الآدمية وهي لصيقة بالانسان لانها من الحقوق الطبيعية الثابتة للانسان قبل وجوده مهما كانت ديانته او قوميته او جنسه او لونه او معتقداته وسواءً كان الشخص وطنياً او اجنبيا، وقد أرغمت هذه الإنتهاكات التي مارستها وتمارسها الدول الاستبدادية في انشاء محكمة جنائية دولية خاصة للنظر في محاكمة المجرمين الدوليين الذين غالبا ما يفلتوا من العقاب والعدالة الدولية، الانظمة السياسية التي تعتمد في البقاء في السلطة وتتبع اساليب قمعية وهدر الحريات وعدم التزامها بالدستور الذي كتبته كواجهة ليس إلاّ ، ومن هنا تحدث الاعمال الارهابية وتشتعل الحروب الاهلية التي تهدد السلام الدولي، الامر الذي دفع الامم المتحدة في بعض الحالات الى التدخل العسكري لانهاء الحروب الاهلية، كما حدث في الصومال وانجولا وافغانستان وغيرها من الدول، وازاء فرض السلام وزيادة التضامن الانساني العالمي اصبح المجتمع الدولي يتجه نحو تدويل قضية الديمقراطية وحقوق الانسان التي تشهد انتهاكات في العديد من الدول، فلم تُعَد شأناً داخلياً لا يجوز التدخل فيه، وهذا يفسح المجال امام المجتمع الدولي ان يفرض التزامات واجبة التنفيذ على الدول لإقرار الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية ولايتعارض هذا الاتجاه مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والسيادة الوطنية، لان هذه السيادة ليست مطلقة في ظل الطلب المتزايد للشعوب لحرياتها وحقوقها ،كما ان التطورات الدولية جعلت الامم المتحدة مسؤولة عن انهاء الصراعات الداخلية والقضاء على اسبابها ،مما يوجب على الامم المتحدة ان تولي اهتماما خاصا بجميع ممارسات الدول التي تنطوي على انكار للديمقراطية، وانتهاك صارخ لحقوق الانسان والحريات الاساسية التي تولد الارهاب وتعرض الامن والسلم الدوليين للخطر، وقد تضمن النظام الدولي لحقوق الانسان نصوصا تتعهد بمقتضاها الدول الاطراف في هذا النظام حماية الحريات المنبثقة من الديمقراطية (3)، وهذه النصوص تفرض التزاما على عاتق كل دولة بتوفير الديمقراطية بمقتضى دستورها وتكفل حماية الحقوق والحريات الاساسية لجميع مواطني الدولة والتي ترتكز في ان ادارة الشعب هي مصدر السلطة التي يعبَّر عنها من خلال الانتخابات الحرة النزيهة او اي تنظيم ديمقراطي.
فاذا خلا النظام الاساسي للدولة من تنظيم لممارسة الحرية السياسية او لجأت الدولة الى اساليب غير ديمقراطية لحكم البلاد رغما عن ارادة الشعب فان من واجب المجتمع الدولي التدخل لضمان تمتع الشعب بحريته وخلق مجتمع ديمقراطي تسوده المساواة امام القانون وحرية اختيار الحكام، وقد يكون هذا التدخل عن طريق فرض عقوبات اقتصادية اوعسكرية على الدول المنتهكة لمبدأ الديمقراطية كأحد مبادئ حقوق الانسان، ولكن هذا التدخل يثير الكثير من الاشكاليات، فالعقوبات الاقتصادية تضرب المواطنين الابرياء اكثر من اضرارها بالقيادة السياسية المسؤولة عن انتهاك مبدأ الديمقراطية، كما ان التدخل العسكري قد يودي بحياة الكثيرين من الابرياء بسبب عدم تقيد الجيوش باساليب القتال والابتعاد عن الاسلحة المحظورة، فضلا عن ذلك فان بعض الدول كالولايات المتحدة الاميركية تسيء استخدام حق التدخل الانساني وترسيخ الديمقراطية بان تعمل لتحقيق مصالحها وفرض سياساتها على الدول وتبرر تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية في شؤون الدول بحجة انتهاكها للديمقراطية وردع الدولة المخالفة ،لهذا ينبغي ان يقوم مجلس الامن بتدعيم سلطاته فيما يتعلق بحماية حقوق الانسان، وترسيخ الديمقراطية بنهج سياسة ثابتة وموحدة في معالجة انتهاكات مبدأ الديمقراطية والاّ يسمح للدول الكبرى ان تتدخل في شؤون غيرها من الدول من خلالها باسم المجتمع الدولي لتسوغ تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية في شؤون الدول الاخرى، والاّ يصبح ستارا قانونيا لاطلاق يد الدول الكبرى في التدخل بدعوى حماية الديمقراطية او اعادتها كما حدث في هايتي عام 1993م، اذ ان الكثير من قرارات مجلس الامن بشأن فرض عقوبات على الشعب الهايتي كانت من ورائها امريكا التي كانت تسعى للاطاحة بالنظام الحاكم ، كذلك الحصار الذي فرضه مجلس الامن الدولي على العراق بين عام 1990 الى عام 2003 و راح ضحيته مليون طفل عراقي لم يكن لإسقاط صدام بل لتجويع الشعب العراقي .
من هنا رأت الدول أعضاء الجماعة الدولية ضرورة وضع قواعد لحماية الاقليات باعتبارها من الحقوق الاساسية للانسان وخشية ان يؤدي ظلم واضطهاد بعضها الى تعريض السلم العالمي للخطر (4)، لذلك اصبحت حماية الاقليات وحرياتها تأتي في مقدمة اهتمامات المجتمع الدولي بأن انشأت لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة لجنة فرعية لمنع التمييز وحماية الاقليات سنة 1947 ،وتناول الاعلان العالمي لحقوق الانسان تصاعد افعال التفرقة العنصرية ضد الاقليات في العديد من الدول وارتفاع جرائم العنصرية والصراعات العرقية بين فئات الشعب وتنامي الاضطرابات الاجتماعية واحداث الاعمال الارهابية من جانب الاقليات باعتبارها مقاومة مشروعة في مواجهة ارهاب الدولة لذلك ادركت الجماعة الدولية بان مشكلة الاقليات كانت من اهم الاسباب المؤدية الى الارهاب والحروب الاهلية ،بسبب الظلم والاضطهاد في الدول التي وصل اليها مصير الاقليات الى هذه الحالة ، ان يكون الدافع من وراء ذلك هو حملها على احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية(5)،
وهناك من الجرائم تُستخدم فيها القوة ويفضي ذلك الى الرعب والخوف ومع ذلك لاتُعتبر جريمة ارهابية انما تنطبق عليها اوصاف جريمة اخرى كالاعتداء المسلح وغير المبرر الذي تقوم به دولة ضد دولة اخرى وما يتضمنه الاعتداء من قتل واستعمال لمختلف انواع الاسلحة وما ينجم عنه من بث الرعب والخوف في نفوس ابناء الدولة المعتدى عليها،هذه الاعمال وان تشابهت مع الارهاب في الوسائل والنتائج الاّ ان المشرع الدولي اعتبرها جريمة مستقلة تمثل عمل غير مشروع يفترض ايقاع الجزاء على الدولة المعتدية واطلق على هذه الاعمال (العدوان)،اضافة لوجود اعمال يستخدم فيها العنف لتحقيق اهداف سياسية الاّ ان الشرائع الدولية قد اقرت هذه الاعمال كالكفاح المسلح لتقرير المصير والدفاع عن استقلال البلاد سواءً كان ذلك بدافع من حكومة البلد المحتل او بدافع الوطنية للشعب المحتل، تعد حقوق الانسان من المواضيع المهمة والحيوية في المجتمعات الانسانية التي فيها انظمة حكم ديمقراطية قائمة على احترام القانون والتعددية السياسية ونظام المؤسسات الدستورية، ذلك لان للانسان قيمة عليا في المجتمع وتسخّر كل الامكانيات لراحته ،وتزداد هذه الاهمية في العالم يوما بعد يوم حتى اصبح مقياس رقي الشعوب والدول في مدى الاحترام الطوعي للقانون والالتزام بهذه الحقوق وفي توفير سبل الحياة والاحترام للبشر، واصبحت مسألة وجود الاحترام لحقوق الانسان في الواقع العملي قضية مهمة تتابعها الاطراف الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية ونشأت المحاكم المتخصصة في العديد من الدول وبخاصة في اوروبا لهذا الغرض ،بسبب الانتهاكات البليغة لحقوق الانسان واهدارها من مختلف الانظمة السياسية وبخاصة المستبدة منها حيث اصبح عدد البشر الذين يعانون من هذه الانتهاكات حوالي25 مليون نسمة بفعل الحروب والاستبداد والظلم من الانظمة الديكتاتورية التي لم تحترم التزاماتها القانونية حتى ان البعض من هذه الدول صارت معروفة بسجلها السيء في ميدان اهدار حقوق الانسان،(1) ولاشك ان وضع حقوق الانسان في ظل النزاعات المسلحة والاحتلال والصراعات الداخلية تتدهور بصورة كبيرة ويصبح من الصعب الزام الاطراف باحترام المعايير الدولية خاصة في المناطق التي يحصل فيها التطهير العرقي اوالتمييز الطائفي اوالاقليمي اوالقبلي اوالصراع على النفوذ(2)،
وجرائــم الكراهيــة كل فعــل جرمي مقصــود يقــع علــى الأشــخاص أو ممتلكاتهــم ؛ بســبب انتمائهــم الفعلي أو المفتـرض لفئـة اجتماعيـة معينة، حيــث يســتهدف الجاني ضحيته بســبب الديــن أو المعتقــد أو اللــون أو العـرق أو الأصــل القومي، وهــذا الفعــل الجرمي يمكــن أن يكــون قتـالا ً أو إيــذاء ً أو ســرقة أو تخريبـاً أو اغتصابـاً أو تهديــداً أو غيــر ذلــك مــن الأفعــال، فجريمـة الكراهيـة هـي بالأصـل سـلوك مُجـرَّم ومعاقـب عليـه قانونـاً؛ ولكـن الـذي يميزهـا عـن غيرهــا مـن الجرائـم المشــابهة لهــا أن الدافـع إلــى ارتكابهــا هــو الكراهيـة لفئــة اجتماعيـة معينــة، أو التعصــب ضــد هــذه الفئــة، فالجانــي فــي أغلــب الأحــوال لا يعــرف المجنــي عليــه معرفـة شـخصية، وليـس بينـه وبيـن الضحيـة أي علاقـة أو عـداوة سـابقة، ولكنـه متحيـز ضـد الفئـة الاجتماعيـة التـي ينتمـي إليهـا الضحيـة أو التـي ظـنَّ أنـه ينتمـي إليهـا(6)،
من الموضوعات التى تشغل البال وتحتل الصدارة هو التناقض الذى تحمله التطورات العلمية والتكنولوجية بين ثناياها ، فنجد لها أضراراً تقف جنباً إلى جنب مع فوائدها، فعلى سبيل المثال نجد أن التطورات العلمية والتكنولوجية رفعت من مستوى المعيشة، إلى جانب أن الأسلحة التكنولوجية أصبحت تُمثِّل تهديداً على السلم والأمن الدوليين ، وإضافة على ذلك إنها ساعدت على تنامى خطاب الكراهية، والجدير بالذكر أنّ التشريعات الدولية لم تنفِ كون خطاب الكراهية جريمة، وهو ما تذكره المادة (20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والتي تدعو إلى الحظر القانوني لأية دعوة إلى الحرب أو إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة، كذلك المادة (4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي تحرم التعبير بواسطة أفكار تنم عن تفوق أو دونية الأشخاص المصنفين عنصريًا، وإعتبار كل نشر للأفكار القائمة علي التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض علي التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو التحريض علي هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق معين أو أية جماعة من لون أو جذر أثني آخر، وكذلك كل مساعدة للأعمال العنصرية التمييزية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون(7).
كما يعطي القانون الجهات القضائية إمكانية إصدار أوامر إلى مقدمي الخدمات أو أي شخص آخر لتسليمها أيّة معلوماتٍ أو معطياتٍ تكون مخزنة باستعمال وسائل تكنلوجيات الاعلام والاتصال، أو بالتحفظ الفوري على المعطيات المتعلقة بالمحتوى أو بحركة السير أو بسحب أو تخزين المحتويات التي يتيح الاطلاع عليها أو جعل الدخول إليها غير ممكن عندما تشكل جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون، أن خطاب الكراهية يتنافى مع احترام الكرامة الإنسانية ، التى هى القيمة الأم التى تنبع منها القيم الإنسانية الأخرى، فإذا وجد احترام الكرامة الإنسانية وجد الصدق والعدل والأمانة والمحبة والحرية وتقبُّل الاختلاف والحوار والإبداع والمشاركة والمحاسبة والجمال والتسامح ونصرة المظلوم وما إلى ذلك من قيم إنسانية وإذا غاب احترام الكرامة الإنسانية غابت هذه القيم كلها، ومن ثم تظهر العديد من آفات المجتمع منها خطاب الكراهية ،وخطاب الكراهية يؤدى هواجس مخيفة تؤثر على كرامة الإنسان وحريته ؛ لأن هناك ترابط وثيق بين كرامة الفرد وحريته، وانتهاك قوانين المجتمع لا يُنقص من كرامة الشخص واحترامه لذاته فحسب، بل من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى الحرمان من الحرية ،و لم ينفصل موضوع الدين عن الدولة منذ عهد الديمقراطية الاثينية، وكان الفلاسفة المسيحيون المؤمنون ، حتى خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر حيث انطلقت الافكار الكبرى عن الحرية والحقوق، يسعون الى نقد الدين في سلوكه ضد الحريات والحقوق وينتقدون علاقة الحكم الاستبدادي المطلق بالتفويض الالهي ، كثير منهم كان يسعى الى التوفيق بين السياسة وبين الميتافيزيقا، وفي القرون الوسطى تصاعدت حدة الجدل الفلسفي حول الدين والدولة بعد تفشي نظام الحق الالهي والسلطة المطلقة في اوربا، كان الربط بين الدين والدولة يوجد لدى كثير من الفلاسفة العقلانيين لان الدين عقلاني وفق تصوراتهم، وكان المفكر والسياسي الفرنسي جان بودان (١٥٣٠١٥٩٠) قد كتب (كتاب الجمهورية) ولم يبعد الخالق عن جمهوريته بل وضع مكانا مميزا له في الدولة، لان الجمهورية لديه (هي الاستقامة في الحكم) ، وهي الجمهورية التي طالما نادى بجوهرها ، اي الاستقامة في الحكم، فلاسفة اخرون واديان واتجاهات ،ولابد ان تكون هذه الاستقامة مستمدة من التعاليم المسيحية لديه، من الحقائق الثابتة أنّ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية هي قدرات علي العمل يمتلكها الأفراد بحكم الطبيعة و تظهر كتجسيد لسيادة الفرد ، ومن هذه الحقوق و الحريات "الحق في التظاهر السلمي"، الذي يعتبر حق مكفول ومعترف به في كافة الدساتير العربية و المواثيق الدولية والدول على إحترام الإنسان في التعبير عن نفسه وأهم مظهر من مظاهر الممارسة السياسية الصحيحة ، وهو الأمر الذي يكرّسه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان بموجب المادة الثانية منه.
إنّ الأفراد في المجتمع مهما تنوعت فئاتهم ومستوياتهم إنما يجمعهم المصير المشترك ُبطرق مختلفة ، إما والمصلحة العامة ، و يُعَبرون َعن آرائهم أما تأييدًا أو إستنكاراً وتنديدًا عن طريق تكوين جمعيات أو عقد اجتماعات ، او القيام بمظاهرات وإحتجاجات للمطالبة َبحقوقُهم المشتركة ، حيث تجد تحقيق رغباتهم، بما قد يتعارض و مصالحهم و فرض عليهم واجبات، فالدولة الدستور وهو اسمى قوانين الدولة قد اعطى للأفراد الحقوقً التي تكفل لهم الحماية هي المسؤولة عن أمن الأشخاص وممتلكاتهم ، و تصونهم من كل ما يهدد حياتهم، فحين يضعف حكم القانون، يصبح الأمن العام مهددًا ويشعر المجرمون بالقوة، ويؤدي مثل هذا الوضع إلى تقويض الجهود الرامية إلى استعادة احترام حقوق الإنسان وإرساء الديمقراطية والمجتمع المدني، ويغذي الجريمة والفساد، ويُهدد بتجدد الصراع، وهكذا فإن العدالة القائمة على أساس حقوق الإنسان لا غنى عنها لتحقيق السلام وديمومته، أن المجتمع الدولي بذل تقدمًا كبيرًا في تحديد قواعد حقوق الإنسان، وخلق آلية للعمل الدولى لإنفاذها، والتأكد من أن أصبحت حقوق الإنسان المعترف بها دوليًا جزءاً من خطاب السياسة الداخلية فى العديد من البلدان ،ومن ثم يعلـن ميـثاق الأمـم المتحدة أن أحد مقاصد الأمم المتحدة هو تعزيز وتشـجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع ،وقد تبلور عن هذه الدعوة أول تعـبير عمـلي بإصدار صك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جانب الجمعية العامة للأمم المـتحدة في عـام1948 ،
وكان هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي اعتُمد في ضوء خلفية تتمثل في فظائع الحرب العالمية الثانية، هو أول محاولة من جانب جميع الدول للاتفاق، في وثيقة واحدة، عـلى سـرد شامل لحقوق الشخص البشري ولم يكن الإعلان، كما يوحي اسمه بذلك، قد فُكِّـر فـيه كمعاهدة بل بالأحرى كإعلان لأبسط الحقوق والحريات الأساسية يحمل القوة الأدبـية لاتفـاق عالمي وهكذا، وُصف القصد منه على أنه يحدد المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم وبصورة عامة، يحدد الإعلان العالمي فئتين عامتين مـن الحقـوق والحـريات الحقـوق المدنـية والسياسية من ناحية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من الناحية الأخرى(8)، وفي هذا الصدد، فُسرت عدة أحكام في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنها تجيز للدول التدخل لحظر خطاب الكراهية أو الخطاب الذي يعد استفزازياً أو محرضاً على الكراهية ، وإن كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يتـناول بشـكل صريح مسألة التحريض على الكراهية أو الدعوة إليها ، وبالتالي فإن السلطة القانونية لحظر خطـاب الكراهـية مفهومـة ضمنياً من المادة الأولى من الإعلان العالمي، التي تنص على ميلاد "جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق" ومن المادة الثانية التي تنص على :"المساواة في التمتع بالحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعـلان "دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس،" ومن المادة (7) التي تنص بشكل صريح أكثر على الحماية من التمييز والتحريض على التمييز، من ناحية أخرى تشير المادة (29) من الإعلان العالمي إلى الواجبات التي يتحملها كل شخص إزاء الجماعة، وتقـر بـأن فـرض بعض القيود على الحقوق قد يكون لازماً ومشروعاً من باب الحرص على جملة أمور منها "الاعتراف الواجب بحقوق الغير وحرياته واحترامها" ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)،أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيستعمل لغة أكثر تقييداً ذلك أن الفقرة الثانية من المـادة (20) من العهد تنص على أن "تُحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تُشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف.
إنَّ منع الارهاب يتأتى في ظل النظام العالمي الجديد من خلال نشر الديمقراطية وحماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية، فبالرغم من ان ممارسة افراد الشعب للديمقراطية وتمتعهم بالحريات الاساسية مسألة داخلية، فانه يقع على الدول التزام حماية حقوق الافراد في الفكر والمشاركة في الحياة السياسية والتعبير عن الرأي من اجل تحقيق الامن والاستقرار في المجتمع الدولي ومكافحة موجات الارهاب التي تتنامى بسبب القيود المفروضة على حريات الافراد وانكار حقوقهم الاساسية، واخضاعهم لاساليب الحكم الاستبدادي في وقت تزايد فيه وعي الشعوب وتصاعدت مطالبهم بالديمقراطية التي تتمركز في حق الشعب في اختيار حاكمه والاستغناء عنه في مواعيد محددة وكراهية الانظمة الاستبدادية وعداء الحكم الدائم،
--------------------------------------------
1-انظر تفصيلات اكثر في المقابلة الصحفية التي اجرتها صحيفة الزمان العراقية مع الدكتور عبد الحسين شعبان –رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان-فرع لندن،
2-انظر تقرير منظمة العفو الدولية (نقض العهود واهدار حقوق الانسان) شباط،1995
3-راجع في ذلك ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان
4- الدكتور محمد عزيز شكري، الارهاب الدولي، دار العلم للملايين، الطبعة الاولى،1992 ،ص12ومابعدها،
5- أ مصطفى دبارة، الارهاب الدولي، منشورات جامعة قاريونس، الطبعة الاولى سنة1990 ،ص36 ومابعدها
6-منال مروان منجد :جرائم الكراهية: دراسة تحليلية مقارنة مجلة جامعة الشارقة للعلوم القانونية المجلد 5 – العدد 1 رمضان 1438ھـ / یونیو 2017م- ص 174
7-7-راجع الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965تاريخ بدء النفاذ: 4 كانون الثاني/يناير 1969
8-الأمم المتحدة – الجمعية العامة – اللجنة المعنية بحقوق الإنسان : الحقوق المدنية والسياسية: صحيفة الوقائع رقم ١٥التنقيح سلسلة تصدرها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بمكتب الأمم المتحدة في جنيف، - جنيف-نيويوك 2004 - ص1