تتبع روسيا تكتيكات جديدة في حرب أوكرانيا تختلف عن حروبها السابقة،
فهي  ربما تعتمد كتاب حرب الولايات المتحدة على العراق 2003، أي نموذج الحرب الشاملة، حرب "الصدمة والرعب" ، تدمير شامل وخلق صدمة وترويع للعدو،  عبر التكثيف  الناري المصحوب  بالحرب الإلكترونية،  والاستهداف النفسي  الممنهج،   والردع  النووي لأي خطوة تصعيدية يقدم عليها الناتو.
يبدو أن انسحاب الولايات المتحدة والقوى الاوربية من أفغانستان العام الماضي كان المفتاح الذي فهمه بوتين بان الغرب غير مستعد ان يدخل حربا، وان تكلفة تحدي الغرب اقل من مكاسبه،  فقد استغلت روسيا ذلك الضعف لإعادة ترسيم الخارطة الامنية لأوروبا.
ولطالما ان روسيا اليوم تحكمها ازدواجية التناقض: الحنين النوستولوجي للامبراطورية،  والرغبة ببناء دولة حديثة ذات طراز غربي،  مقابل تهافت الردع الغربي،  ستكون اوربا امام وضع امني جديد يتسم بالتخلخل المستمر عليها التعايش معه كاحد ملامح الجغرافيا السياسية لعالم ما بعد امريكا .
اذا قوبل الغزو الروسي لاوكرانيا، بغزو صيني لتايوان،  سيكون النظام الليبرالي الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية قد انتهى عمليا،  وعودة نظام ما قبل الحرب العالمية الثانية القائم على مبدا  تغيير الحدود  عبر القوة، فنكون عندئذ امام عالم  مليء  بالاضطرابات والحروب.
بالمحصلة سنكون امام ثلاثة سيناريوهات لنتيجة الحرب القائمة اليوم:
١.  أوكرانيا الدولة  الحليفة لروسيا على غرار الأنموذج البيلاروسي.
٢. أوكرانيا المحايدة ، التي توفر منطقة عازلة امام روسيا تجاه الغرب كانموذج  فنلندا.
٣. لن تكون هناك اوكرانيا  على الخارطة.
ربما نتفق بان ما تحققه روسيا اليوم يعد نصرا تكتيكيا يدور حول هوس بوتين الشخصي  بالمجد الإمبراطوري ، لكننا قد نختلف بان هذا النصر  ممكن ان يتحول إلى خسارة استراتيجية على المدى المتوسط  والبعيد ، طالما هو مخرج لقرار فردي لشخص بوتين، وان الدولة قد اختزلت تماما  بشخص بوتين وماتت فيها المؤسسات عمليا، وستكون روسيا هدفا لعقوبات قاسية تفكك ما تبقى فيها من ارث الدولة، وتخلق المزيد من البؤس  والتشرذم شعبيا،  فتكون انتصارات بوتين التكتيكية مخدرا لا يصمد طويلا امام المعاناة القادمة للروس،  مما يمهد لسيناريو اعادة تفكك الدولة الروسية على غرار "الكارثة الجيبولوتيكة للقرن العشرين بانهيار الاتحاد السوفيتي" كما يسميها بوتين.

عرض مقالات: