التتار، هي التسمية التي أطلقها الروس والأوربيون على أثنية تركية، موطنها الأصلي هو السهول الأورو ـ أسيوية، وإلى هذه الأثنية تنتمي ما تسمى بالـ ((القبيلة الذهبية )) المقاتلة التي فرضت سلطتها في وقت ما، على أغلب مناطق روسيا الحالية، بما فيها العاصمة موسكو، وفي موسكو حتى الآن شارع شهير ينتهي أو يبدأ بمبنى وزارة الخارجية الروسية، أسمة شارع أربات، يقول البعض أن الأسم يتصل بأمير روسي يدعى أرباتوف، فيما يعتقد آخرون أنه يتصل بلفظ عربات، إي العربات التي حملت ذخيرة مقاتلي القبيلة الذهبية لدى اجتياحهم للعاصمة الروسية (( موسكفا )).

 دارت الأيام، ونفض الروس عنهم الاحتلال التتاري، وتحول التتار الى مواطنين روس تزيد أعدادهم عن 5 ملايين ونصف المليون، ويشكلون أغلبية في بعض مناطقها، ولعل أبرز مناطقهم هي مدينة قازان التي تخرج في جامعتها فلاديمير أيليتش أوليانوف، ذو الاسم المستعار ((لينين)) الذي قاد الثورة البلشفية في نوفمبر عام 1917 ((أكتوبر حسب التقويم الروسي الشرقي القديم)). تلك الثورة التي وضعت أسس الإتحاد السوفييتي، الدولة الأشتراكية مترامية الأطراف، التي قامت على أنقاض القيصرية الروسية.

بين المناطق التي شكل فيها التتار أغلبية سكانية في الإتحاد السوفييتي شبه جزيرة القرم، وهي موطن قديم لهم كان يسمى في لغتهم ((أق مسجد)) أي المسجد الأبيض قبل أن يطلق عليها الروس أسم ((قرم)).

 ((آق مسجد)) أو ((القرم)) التي هي الآن موضع نزاع بين روسيا وأوكرانيا. ظلت منذ زمن القياصرة الروس قاعدة رئيسية للأسطول الحربي الروسي، ثم السوفييتي، ويقع فبها منتجع يالطا الذي أحتضن في شباط فبراير عام 1945 أجتماع قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، روزفلت وتشرشل وستالين. وقد سبق أجتماعهم أي في عام 1944 قيام مفوض الأمن السوفييتي بيريه بعملية ترحيل قسري لنحو مليوني تتاري يحملون الجنسية السوفييتة، من القرم الى جمهورية أوزباكستان السوفييتية، بعد أن الأشتباه بتعاون جماعات منهم مع المانيا النازية التي كانت في حرب طاحنة مع روسيا، وأحل محلهم مواطنين سوفييت آخرون، غالبتهم من عوائل جنود الأسطول السوفييتي الذي كان يدافع عن شبه الجزيرة ذات الموقع الإستراتيجي على البحر الأسود.

في ستينات القرن الماضي الحق أمين الحزب الشيوعي الحاكم في الأتحاد السوفييتي آنداك، نيكيتا خروتشوف ـ وهو من أصول أوكرانية ـ ألحق القرم إداريا بجمهورية أوكرانيا السوفييتية، وظلت ملحقة بها حتى تفكك الإتحاد السوفييتي، حينها بدأ بعض التتار بالعودة الى موطنهم الأصلي في شبه الجزيرة وحسب احصاء سكان أجرته السلطات الأوكرانية هناك عام 2001، كان التتار يشكلون نحو 12% من السكان، والأوكرانيون 24% فيما الأغلبية التي تقترب من 58% هم من الروس.

بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانكوفيتش في شباط ـ فبراير 2014، واستلام تحالف من اليمين والنازيين الجدد السلطة في العاصمة الأوكرانية ((كييف)) وفي استفتاء محلي رفض غالبية سكان آق مسجد ـ القرم الخضوع لسلطة كييف، وأعلنوا استقلالهم عنها، طالبين الإلتحاق بالإتحاد الروسي برئاسة فلاديمير بوتين الذي لبى الطلب.