تعتبر الهندسة الانتخابية واحدة من الطرق الأكثر انتشارًا والأكثر شهرة في الوقت الراهن، وهي تعني التلاعب في الدوائر الانتخابية، حيث يتم رسم تلك الدوائر بالشكل الذي يؤمن التغيير المصطنع لتوازن القوى السياسية فيها، اذ يتم إنشاء دوائر انتخابية ذات عدد غير متساو من الناخبين، أو انشاء دوائر جديدة من خلال ضم، أو دمج الموجود منها بعضها بالبعض الآخر، الأمر الذي يؤدي الى انتهاك مبدأ التمثيل المتساوي. 

ويمكن أن يؤدي استخدام أساليب الهندسة الانتخابية هذه إلى نتائج إيجابية مختلفة، لكنها قد تكون غير فعالة في بعض الحالات وبالنسبة لجزءٍ من المرشحين المستقلين والاحزاب والتكتلات المساهمة في العملية الانتخابية. لذا يترتب على (مهندسي الانتخابات) حساب جميع النتائج المحتملة بعناية والتفكير في جميع الإجراءات المتخذة واحتمالات خضوعها للتغيير في أي مرحلة من مراحل العملية الانتخابية.

 ويمكن اعتبار الهندسة الانتخابية انتهاكًا مشرعناً لحقوق جمهور الناخبين، ذلك ان تفعيل الهندسة الانتخابية عادة ما يتم استنادا الى القوانين والسياقات التي تقرها القوى المتنفذة في الجهاز التشريعي للدولة (البرلمان).

وتشمل الهندسة الانتخابية ايضا الأساليب الرئيسية، التي تستخدمها النخبة الحاكمة للوصول الى السلطة السياسية، او الاحتفاظ بها، وتلك الاساليب هي ما يلي: اعتماد النظم الانتخابية المناسبة مثل (نظام الأغلبية، النظام المختلط، نظام الكوتا "ضمان التمثيل في البرلمان للمجموعات العرقية أو الاجتماعية الصغيرة")، تحفيز حركة وانتقال الناخبين من دائرة انتخابية إلى أخرى، اختيار الوقت المناسب للانتخابات(مواسم الزيارات الدينية وارتفاع مستوى المشاعر الدينية لدى الناخبين مثلا) اختيار اللجان الانتخابية الموالية للنخبة الحاكمة… إلخ.

وتجدر الإشارة إلى أن الأساليب المحددة للهندسة الانتخابية يجب أن تنعكس في قانون الانتخابات، الذي تقره الاغلبية البرلمانية، كما اسلفنا.

وتجدر الاشارة الى ان سجالات مثيرة وجدلا محتدما قد دار خلال السنوات الاخيرة بين العلماء والمتخصصين في الشأن الانتخابي، الذين يدعمون، في الغالب، فكرة تطوير النظام الانتخابي وفق آليات الهندسة الانتخابية الحديثة، بما في ذلك ادخال الاساليب الرقمية، وبين منظمات حقوق الإنسان، التي يعتقد ممثلوها بأن اعتماد الهندسة الانتخابية المستحدثة لا يساهم، بشكل عام، في عكس الصورة الحقيقية للتمثيل الشعبي ولا يعبر عن أسس الديمقراطية الحقيقية.

 انني ارى أن جهل بعض القوى بأساليب الهندسة الانتخابية الحديثة واعتمادها الطرق التقليدية في كسب جمهور الناخبين كان السبب الرئيسي في خسارتها خلال السباق الانتخابي الاخير في العراق.