أثارت هيمنة الطائفية السياسية على سلطة الدولة العراقية الكثير من المصاعب السياسية -الاجتماعية لمنظومة الدولة الوطنية، وبهذا الإطار تشير الوقائع الراهنة الى ان بنية الطائفية السياسية العقائدية وركائزها الايديولوجية تميل الى توزيع سيادة الدولة العراقية على أقاليم طائفية وحصر تطور تشكيلتها الاجتماعية بمسارات غيبية وما ينتجه ذلك من أضرار على تطور الدولة الوطنية وبناء سلطاتها السيادية.

 - استنادا الى تلك التغيرات يتعين علينا تسمية المخاطر الناخرة في بنية الدولة العراقية والتي يمكن تحديدها بثلاث مفاصل أساسية -

 أولاً - تراجع سيادة الدولة الوطنية.

ثانياً -اقتسام أجهزة الدولة الإدارية.

ثالثا - نزاعات تشكيلة الدولة الاجتماعية.

اعتمادا على المنهجية المثارة أتناول محاورها المعتمدة بتكثيف بالغ؟

أولا - تراجع سيادة الدولة الوطنية.

تتعرض الدولة العراقية الى تراجع هيمنتها الاحتكارية على اجهزتها السيادية وما ينتجه ذلك من تفكك وحدتها الوطنية.

تفكك سيادة الدولة الوطنية على وظائفها الوطنية تتجسد بالمفاصل التالية-

- تقاسم الوظيفة الدفاعية.

بسبب تطور الروح الهجومية للإرهاب القاعدي على الدولة العراقية وتكاثر مخاطره على بنية الدولة السياسية استعانة الدولة العراقية بمليشيات الأحزاب الطائفية لغرض صد الهجوم القاعدي المتزايد.

- تنازل الدولة العراقية عن احتكار وظيفتها الدفاعية تمثل بمشاركتها مليشيات الطوائف السياسية بوظائفها الدفاعية وبهذا السياق نشأت قوتان مسلحتان للدولة الوطنية أحدهما تمثل بالمؤسسة العسكرية الوطنية، وثانيهما تجسد بالفصائل الحزبية المسلحة الامر الذي أفقد المؤسسة العسكرية وحدانية قرارها السياسي وتنفيذ أوامرها الانضباطية.

- تقاسم الوظيفة الأمنية-

لم تكتف الدولة العراقية مشاركة المليشيات الطائفية بوظائفها الدفاعية، بل شاركتها بالوظائف الأمنية حيث استطاعت المليشيات الطائفية ممارسة الوظائف الأمنية ضد الاجندة الوافدة، ناهيك عن اضطهاد القوى الوطنية – الديمقراطية ومحاولة كسر احتجاجاتها الشعبية، معتمدة -المليشيات الحزبية- الاغتيال السياسي والاعتقال التعسفي والتعذيب فضلا عن إقامة السجون السرية متخطية بذلك سيادة الدولة الوطنية.

-اقتسام الأجهزة الإدارية.

 بات معروفاً اتسام أجهزة الدولة الادارية بوحدة فعاليتها الوطنية لكنها وبسبب اقتسامها بين الأحزاب الطائفية باتت مصدرا من مصادر قوة الأحزاب الطائفية السياسية واتساع قاعدتها الاجتماعية.

-تراجع الوظيفة الاقتصادية.

ان تفكك هيمنة الدولة على وظائفها السيادية لم يستثني قطاع الدولة الاقتصادي بعد اعتمادها النهج الليبرالي في بناء اقتصادها الوطني الامر الذي شجع الشركات الخاصة ورؤساءها بالاستحواذ على قطاع الدولة الاقتصادي.

-ازدواجية العلاقات الخارجية

رغم تمثيل وزارة الخارجية للمهام الدبلوماسية مع الدول الأخرى الا ان بعض الاحزاب الطائفية وطدت علاقاتها مع دول الجوار الإقليمي وأصبحت انشطتها الداخلية صدى لسياسة بعض دول الجوار الطائفي وبهذا المنحى لم تعد الدولة الوطنية جهة احتكارية لأنشطتها الخارجية، بل تشاركها قوى حزبية طائفية وما انتجه ذلك من تناقض بين توجهات السياسة الخارجية للدولة الوطنية وبين سياسة المليشيات الحزبية الموالية.

 استناداً الى ما جرى استعراضه يمكن التأكيد على ان –

 الدولة الوطنية لم تعد سلطة وحيدة محتكرة لأجهزتها السيادية، بل تتقاسمها أحزاب وقوى طائفية وما يشترطه ذلك من تبدل سمتها الوطنية الى دولة المحاصصة الطائفية.

-- أخطار تفكك الدولة العراقية.  

- ان اقتسام الوظائف السيادية بين الدولة العراقية وبين المليشيات الطائفية أنتج أخطاراً كثيرة على مستقبل الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية نتوقف عند أهمها --

أ – انهيار مؤسسات الدولة السيادية.

- استمرار التناقض بين هيمنة الدولة الوطنية على أجهزتها السيادية ومشاركة الأحزاب الطائفية في فعاليتها الوطنية يقود الى التناحر بين السيادة والمشاركة ويفضي الى صراعات أهلية وما ينتجه ذلك من تحويل أجهزة الدولة السيادية الى أجهزة فاقدة لروحها الوطنية.

ب - توزيع الدولة الى أقاليم طائفية.

تهدف المليشيات الحزبية الى اقتسام الدولة بين الأحزاب الطائفية وبهذا المسار تطمح قوى المحاصصة الى تفكيك الدولة وسلطتها السياسية الى سلطات إقليمية طائفية تشدها المصالح الطائفية والفتاوي المذهبية.

ج – هيمنة الطبقات الفرعية.   

ان توزيع سلطات الدولة الى سلطات أقاليم طائفية وتحويل تشكيلتها الطبقية الى كتل طائفية يصب في مصلحة الطبقات الفرعية وسياسة الدول الرأسمالية المعولمة.

 ثالثا - نزاعات تشكيلة الدولة الوطنية.

ان ضعف سيطرة الدولة على ابنيتها السياسية وأجهزتها الإدارية ومشاركة الأحزاب الطائفية في السيادة الوطنية يتيح الفرصة الى نشوء أخطار جدية على مستقبل الدولة وتشكيلتها الاجتماعية عبر الموضوعات التالية –

1 - نشوء نزاعات اجتماعية.

تهدف القوى الطائفية الى تحويل الصراعات الطبقية الى نزاعات طائفية وبهذا المعنى تصطبغ الصراعات الاجتماعية الطبقية بألوان طائفية هادفة الى تفكيك التضامن الطبقي وشد الطبقات الفرعية ونهوجها الانقسامية.  

2- حروب طائفية.

تقسيم وحدة الدولة الوطنية على أقاليم طائفية تفضي الى تحويل النزعات الاجتماعية الى نزاعات طائفية وما يجره ذلك من سيادة الأعراف العشائرية وخراب بنية التشكيلة الاجتماعية.

3 -تدويل النزاعات الوطنية.

تتحصن الطبقات الفرعية بالتحالفات الخارجية ساعية الى مشاركة الدول الكبرى في النزاعات الوطنية ساعية بذلك الى ترسيخ هيمنتها الطائفية.

إزاء هذا الأوضاع المتفجرة والملتبسة وما تنتجه من دمار وخراب أرى ان مهام القوى الوطنية الديمقراطية ترتكز على الرؤية التالية –

أولاً- صياغة برنامج وطني -ديمقراطي هادف الى صيانة وتطوير الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية بما يضمن مناهضتها لقوانين التبعية والتهميش.

ثانياً- بناء دولة وطنية عراقية على قاعدة الوطنية الديمقراطية التي تعني ديمقراطية النظام السياسي ووطنية نهوجه السياسية -الاقتصادية.

ثالثاً– تحالف القوى الوطنية – الديمقراطية وتحالف قواها الاجتماعية العاملة على أساس الديمقراطية السياسية والتوازنات الطبقية.

عرض مقالات: