كان عمري حينها 14 عاما، إي انني كنت أصغر نزلاء معتقل الفضيلية في بغداد ومضى على إعتقالي أكثر قليلا من عام.
أعصاب الجميع كانت مشدودة، وتكونت من المعتقلين مجموعة إنصات يتابع كل عضو فيها محطة إذاعية لرصد الأخبار عن تطور المعركة عبر راديوات ترانسيستر صغيرة هربت الى المعتقل. ثم تقوم المجموعة بتلخيص ما جمعته في نشرتين إخباريتين يوميا، تتلىان علينا صباحا ومساء مع تحليل للمعلومات المستخلصة من نشرات الأخبار يعده بعض  الضباط المعتقلين، بينهم الرائد عريبي فرحان والملازم فوزي فتح الله.

بعد يومين من دوامة تناقض المعلومات، وأختلاف التحليلات، في السابع من حزيران – يونية 1967 دخلنا في دوامة من الشك بسبب ما كانت تذيعه إذاعة BBC والإذاعة الإسرائيلية، باللغة العربية، رغم اننا كنا نطمئن أنفسنا بإدراج أخبارهما في دائرة الحرب النفسية،
شكوكنا بامكانية ان تكون أخبار العدو حقيقية، جعلنا نتساءل:

ــ هل يليق بنا البقاء متفرجين على ما يجري من خلف أسوار المعتقل ؟
= كلا. ذلك، بالطبع، لا يليق!
وكان الإتفاق: توجيه مذكرة مشتركة الى وزير الدفاع العميد شاكر محمود شكري، نطالب فيها بنقلنا فورا الى جبهات القتال كمتطوعين للمشاركة في أي جهد، وأن تحمل المذكرة اليه مجموعة من أمهاتنا.
الشاب الجميل، علي حسن - الذي أعدم وزوجته لاحقا في زمن صدام حسين – زخرف بخطه الجميل المذكرة، التي لم يتخلف أحد في وضع إمضائه عليها.

لم يرفض الوزير مقأبلة وفد الأمهات اللواتي نقلن اليه المذكرة، بل رحب بهن وأبدى إعجابه بجمال الخط الذي كتبت به المذكرة، وطلب اليهن أن ينقلن جوابه لنا:
ــ  قلن لأولادكن .. لن يفرج عنهم حتى وإن دخل موشيه ديان ( * ) بغداد!

ــــــــــــــ
* موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك