إلى اخوتنا الاعزاء في داخل الوطن وخارجه، نعزي أنفسنا وكافة العراقيين حادثة حريق مستشفى الامام الحسين والكرافانات الملحقة به. الرحمة والمغفرة للشهداء الأبرار والشفاء العاجل للجرحى.

لا يسعني الا ان اسمي هذا الحادث ب "انتحار وطن" لأنني كغيري من المهنيين قد بُحّت أصواتنا من كثرة المناداة بضرورة تفعيل قانون جديد للسلامة العامة يقوم بتقييم صلاحية المنشآت المشغولة حاليا وتدقيق مواصفات المنشآت الحديثة حسب ما يطلق عليه مجموعة الضوابط البنائية Building Regulations.

لقد مَلَلنا اسلوب بعض المسؤولين الذين يدّعون المعرفة المطلقة ويوصدون الأبواب أمام اهل الخبرة من داخل الوطن أو خارجه لغرض المباشرة بخطة عمل وطنية شاملة تبدأ بالتشريعات القانونية مرورا بتشكيل هيئات مستقلة وتنتهي بدورات للتدريب لتخريج مراقبين مجازين.

كتعليق سريع على موضوع الألواح العازلة sandwich panels فان صناعتها قد بدأت منذ سبعينات القرن الماضي وقد تم تطوير المواد العازلة في داخلها insulation foam على مدى السنوات الماضية للاستجابة إلى الشروط البيئية والصحية ومنها:

١- عدم تطاير غبار العازل الحراري الذي يؤثر على الجهاز التنفسي.

٢- عدم انصهار العازل في درجات الحرارة العالية بما يسمح أن يتحول اللوح إلى وسط ناقل للهيب النار بما يسمى بوسط المدخنة chimney effect.

٣ - تأمين ربط ميكانيكي آمن بين الألواح والمنشأ الحامل للأثقال لأن الروابط قد تتعرض للانهيار بفعل الحرارة العالية.

٤- وضع مسافات أمان فاصلة بين الكرافانات المسبقة الصنع لغرض منع انتشار الحريق.

٥- ابعاد أسلاك الربط الكهربائي عن كافة أنواع ألواح العزل الحراري وفي حالة خرقها للربط تستعمل عوازل خاصة لهذا الغرض.

أود أن أؤكد للجميع أن موضوع ألواح العوازل الحرارية يستأثر باهتمام حكومات الاقتصاديات المتطورة وبالخصوص شركات التامين.  كما وأؤكد ان هناك مجالا كبيرا للفساد المالي في شراء أو استعمال أو بناء هذه الألواح وقد تصل فروق الأسعار إلى حدود خمسة أضعاف المواصفات المتدنية لأن الموضوع يتعلق ب:

أ- تصميم الربط بين الألواح والمنشأ.

ب- سمك الحديد المطاوع الذي يغلف مادة العزل.

ج- مواصفات المواد العازلة من ناحية التماسك بوجه الحرارة.

اضافة إلى ما تقدم فقد وضّحت في مقالاتي السابقة ان اندلاع الحرائق يتعلق بسلوك الأشخاص من عاملين وزائرين ومرضى. فمثلا ابعاد مناطق خزن قناني الاوكسجين عن الردهات، ومنع عمليات الطبخ في الردهات، توفير اجهزة الإنذار المبكر للحرارة الصادرة، توفير مواد عازلة خاصة حول التأسيسات الكهربائية، وغير ذلك كثير.

أن كل نفس بشرية تزهق في مثل هذه الحوادث المأساوية هي مسؤولية المجتمع بكافة شرائحه ويجب ان تأخذ الحكومة العراقية نصيبها من هذه المسؤولية وتبدأ خطوات عملية بدون تصريحات صحفية خاوية.

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

 *همام الشريفي معماري استشاري في بريطانيا

عرض مقالات: