لعب العراق منذ قيام دولته المستقلة الحديثة ادواراً هامة في امن و استقرار المنطقة حتى صار استقراره و امنه مقرراً للامن و السلام فيها، و قد عاش و استمر على اساس الهوية الوطنية المتساوية الجامعة لمكوناته التي اعتزت و تعتز لإنتماءها للعراق بلاد الخيرات و الثروات المتصاعدة بلا انقطاع، من ثروات ارضه التي تزداد تنوعاً و الى مياهه و موقعه الستراتيجي، اضافة لثقافته و فكره و انحياز دياناته الى حقوق الفقراء و المعدمين . . الموقع الذي يزداد اهمية في عالم اليوم و صراعاته الدولية الكبرى اضافة الى المحلية منها.

و يشير خبراء الى الأهمية الكبرى لما تعوّدته البلاد على التعايش بين امنها و استقرار حياة مواطنيها بمكوناتهم، و على توالفها عموماً مع السياسات الدولية و الإقليمية و الداخلية على اساس المنافع المتبادلة التي لم تعلن جميعها او لم يستطاع كشفها في حينها، الاّ بعد مرور عقود و عقود بعد ان فقدت الشعارات التي رفعتها الانظمة المتعاقبة بريقها او لم تعد تتوافق مع الصراعات الإقليمية و الدولية و مصالح القوى العالمية اليوم، التي تبني توازناً جديداً . .

 نعم سقطت الدكتاتورية بالاحتلال في لحظة تأريخية زاد فيها ظلمها و اعداماتها و غاب فيها البديل الذي تمنّاه الشعب بمكوناته، بعد ان صارت غالبية اطراف معارضة الدكتاتورية بيد القوى الفاعلة في العالم و في المنطقة و تحت قرارها و خططها و الاّ . . !! بعد ان لعبت تلك القوى الفاعلة و من ناب عنها ادواراً كارثية في البلاد خرجت عن التعايش على اساس المصالح المتبادلة.

و ظهر التدخل الخارجي علناً و في رابعة النهار و في رمضان، في انقلاب 8 شباط 1963 ، الإنقلاب الدموي الذي واجهته الجماهير باطيافها العراقية ببطولة في مدن العراق سعياً منها لإيقافه و قدمت آيات البطولات و التضحيات منها في محلات بغداد، من عقد الاكراد الى الشاكرية و الكاظمية و عقد النصارى و و و   الإنقلاب الذي ادانه بعد سنوات انفضاضه و انكشاف عدم آهليته للحكم لإدانة اوسع الاوساط الشعبية باديانها و طوائفها و قومياتها له و عدم تعاونها معه، و ادانة الرأي العام العالمي له . ادانه قائد الانقلاب و البعث العفلقي ذاته (علي صالح السعدي) حين قال : (جئنا بقطار اميركي ويا ليتنا لم نفعل).

 و بعد عقود و حين اشتد ساعد معارضة الدكتاتورية التي اتبعت انواع الحيل لإحتوائها سواء في كردستان العراق او في الجنوب . . ظهرت مشاريع البيوتات الحاكمة في البلاد و المنطقة مستغلة الضغوط العالمية على دكتاتورية صدام، فدعت الى لبننة العراق حين كانت الحرب الأهلية اللبنانية في اوجها حين تقاسمت تلك البلاد . . لبننة العراق على اساس الطوائف و الانتماء القومي و العرقي، فرصدت اموالاً فلكية و اسلحة و مجموعات مسلحة و اعلام لذلك . .

و اعلنت خططاً . . من خطط احتلال تركيا للموصل و كركوك، و خطط تقدّم ايران الإسلامية ـ سواء من الشرق او من الغرب عبر سوريا ـ وفق شعارها آنذاك ( طريق القدس عبر كربلاء)، اضافة لشعار دكتاتورية صدام (طريق القدس عبر عبادان) . . و غيرها من محاولات خطيرة لتمزيق الشعب العراقي، للمرور الى بلاده و اقتطاع اجزاء منها ان لم يكن كلّها . . في محاولات خائبة لم تلق الاّ الصدود و الاستهجان من اوسع الجماهير العراقية . .

بل و حتى الإحتلال الاميركي الذي عبّر عنه وزير خارجية بوش الاب جيمس بيكر بانه سيرجع العراق الى زمن ما قبل عصر الكهرباء . . الاحتلال الذي وظّفته دوائر ايرانية بشكل خاص بغض نظر او غباء اميركي، لتتسلل الى اجهزة الدولة العراقية و لتشدد قبضتها على الاحزاب و القوى الاسلاموية الحاكمة (شيعية) ثم (شيعية و سنية) التي اثبتت السنين بانها لا تبالي بحقوق و اوضاع و معاناة طوائفها و لاتهتم قياداتها و المقرّبون منها الاّ بمصالح افرادها الأنانية الضيقة، و لاتبالي بتمزق البلاد او ببقائها موحدة قادرة على مواجهة الحياة الشاقة التي تواجهها اوسع الاوساط العراقية و خاصة الشبابية منها، و مواجهة تحديات الواقع القائم بإعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة. (يتبع)       

عرض مقالات: