أرغمت الاطماع التركية بعض حكومات بلدان منطقة الشرق الأوسط والأحزاب التي تتمتع بمكاسب السلطة في كردستان العراق، إذ قامت بنشر أفكارها وسياستها التوسعية التي يقع في مقدمتها الرغبة باحتلال بعض محافظات تلك الدول. بجانب ذلك يعم المنطقة دور إيراني متصف بطابع تخويفي، وبعوامل تهديد يومية للدول التي تتواجد فيها أحزاب وميليشيات ترتبط بوثاق طائفي متماسك وإياها، ناهيك عن محاولات العمل على تطويع بعض بلدان المنطقة للإرادة الأمريكية، التي بدأت ملامح شرارتها تنطلق بشكل مسموع في المنطقة، منذ مجيء جو بايدن على راس الإدارة السياسة فيها، وتصريحه الغير متوقف بمساعدة شعوب المنطقة والقضاء على داعش، التي راحت تتصاعد حظوتها لدى بلدان ذات مصلحة سياسية واقتصادية بالمنطقة. ومع ازدياد الوتائر المؤثرة في المنطقة، بطرق خطيرة، بما فيها الأطماع التركية في بناء قواعد عسكرية في كردستان العراق، في أجواء صمت ودعم علني من داخل المنطقة ومن خارجها، بحجة محاربة حزب العمال التركي، مما ألزم ما يشبه الاتفاق بينها وبعض منفذي أجنداتها في المنطقة
إن ما فات ذكره سيعرض مستقبل بلدان المنطقة للمخاطر، وهذا ما دفعها للوقوع في حضن أمريكا، ظننا منها أنه ستخلصها من تبعات ومخاطر تهديد داعش اليومي وإيران، الذي يعتبر حجر عثرة، أمام تحقيق الرغبة المشتركة لشعوب دول المنطقة في العيش بأمن وبسلام فيما بينها، من خلال فتح قنوات وآفاق جديدة من الصلات الاقتصادية والتجارية والسياسية وعدم التدخل بالشأن الداخلي لحكومات تلك البلدان.
لقد أمست العلاقة بين العراق وبعض دول الجوار الرامية لاحتواء قراره السياسي بشكل تدريجي، مما سيعرض كيانه السياسي المستقل للخدش ولن يطول ذلك عاجلا أم آجلا، سيصحو العراقيون بعد سنوات انهم تقسموا بين دول الجوار، وهذا أمر قد يكون ممكنا جدا، إذ هو لا يجد معارضة من الكثير من الاحزاب الإسلامية التي تعتمد المحاصصة الطائفية والإثنية في حكم البلاد. حيث ما تسعى له هذه الاحزاب بالإضافة الى الحزبين الكورديين، ضمان فرصة المحافظة على "بقايا هيبتهم". ولا يضيرهم إرغام العراق على قبول ما يمر به من مآسي وويلات، سيما وإن عوامل انشطاره أصبحت تقترب رويدا رويدا، وأحزابه الطائفية الفاسدة تسعى زيفا وبشعارات فارغة، لإظهار أنها مترابطة، لكن عوامل الفرقة والتناحر المذهبي والقومي وسيطرة الميليشيات والجماعات المسلحة المرتبطة بإيران والمطامع التركية التي تقف وراء السيطرة على مقدرات الحكومة، تجعل نيران الحقد والاحتراب، (يستعر أواره بين الرماد). إذ يقوموا بعرقلة نوايا تنمية العراق وجعلة يعتاش حياته اليومية على ما تمنحه تلك الدولتين للشعب العراقي ليواصل حياته اليومية وخدمة مصالح وأجندات دول المنطقة القريبة والبعيدة
كل ذلك قد يشوه البيئة الانتخابية التي تطمح الجماهير الشعبية العراقية لرفع مستوى جودتها، لتكون الانتخابات نزيه وديمقراطية، ويشارك فيها جميع فئات جماهير الشعب خلافا لرؤيا الكتل المسيطرة على مقاليد الحكم. حيث يسود المجتمع العراقي الجدل بشأن حقوق المواطن العراقي، الذي يسعى في الانتخابات القادمة تحقيق عهدا أفضل يقوم ببناء مجتمع مدني ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية والاستقرار، يُنجيه من هيمنة الأحزاب ذات اللون الواحد من الطائفية ونهجها المحاصصاتي الطائفي الإثني. ويقيمون حكومة مستقبلية تعامل العراقيين على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، ويكون بمقدور من يحكم، مستقبلا المحافظة على بقايا "وحدة العراق" فدول الجوار مع أمريكا، لا يضمنوا تحقيق مثل هذا الطموح
ولكيلا يضطر العراقيون الى قبول الخيار المر مرغمين، ببقاء الأوضاع على ما علية يٌدعم ذلك أن الانتخابات القادمة ربما ستصعد لقبة البرلمان نفس الوجوه بأشكل مختلفة. إذ حينها ستستمر الأحزاب الطائفية بنهجها، فتواصل نهجها الطائفي والفساد، خالقة ظروفا تعيق وقوف القوى الشعبية بوجه إرادة الدول الطامعة بثروات البلاد، فاذا لم يتم التصدي لهذا المشروع، بوحدة وطنية تُغلب مصلحة البلد على كل المصالح الذاتية، وبالاعتماد على أدوات الجماهير الشعبية، كون ذلك وحده كفيل بتجنب البلد ما لا تُحمد عقباه،