يثار تساؤل حول ما يحصل من تزامن بين الحوار الاسترتيجي الدائر بين الحكومة العراقية واالادارة الامريكية الذي يلازمه الصمت عن مخرجاته، التي ادعى رئيس الوزراء بانها قد انجز منها  60%  دون ملموس يذكر .. وبين وصول اكبر بارجة حاملة طائرات بريطانية الى الخليج العربي متجهة الى الموانئ العراقية. فاذا ما استمر تدفق الجيوش الاجنبية من جانب وتواصل اطلاق الصواريخ داخلياً من جانب اخر. ولا صدى له سوى صمت عن ما يتمخض من الحوارالدائر، فذلك ما يؤكد الاستمرار على بقاء الحال على ماهو عليه . واتساقاً معه استمرارالبحث متواصلاً عن حقيقة الدعوة التي اطلقها الكاظمي تحت عنوان " الحوار الوطني " كمفصل مكمل لثلاثية " الحوار والصمت."

كان وما زال الجدل ينصب باتجاه سحب القوات الامريكية من العراق على اثر القرار الذي اُتخذ في البرلمان، والذي جاء مثلوماً بسبب عدم مشاركة الكتل البرلمانية الكردية وكذلك كتل المنطقة الغربية من البلاد، غير ان المفارقة تشير الى عكس ذلك حيث اعلن حلف" الناتو " بان عديد قواته سيرتفع الى خمسة الاف جندي في العراق. ومما لا شك فيه ان يكون معظمه قتالي. وقد ظهرت طلائعه في وصول اكبر بارجة بريطانية " حاملة طائرات " ضخمة من طراز متقدم. و قد توجهت الى منطقة الخليج كبديل عن حاملة الطائرات الامريكية التي انسحبت قبل شهر تقريباً.

 الرؤية المجردة تكشف احتمال صحة الرأي القائل بان الحوار الدائر يستهدف اخراج القوات الامريكية فحسب.. ويمكن ان تحل مكانها قوات من البلدان الاوربية " حلف الناتو" و اذا ما صح هذا التوقع فالصمت سيد الموقف تجاه مشاركة القوات الامريكية ضمن جيوش " الحلف " المزمع ايجادها في العراق. ويعزى ذلك الى ان الولايات المتحدة هي زعيمة الحلف.. لذا ستُلحق في هذا السيناريو، تفسيرات وتوصيفات مختلفة. منها و اقربها ان واشنطن سوف لن تترك العراق قطعاً، طالما لا توجد  فيه حكومة قوية قادرة على حماية مصالحها اولاً وقطع الطريق على النفوذها الاقليمي والدولي . حيث مازل التوجس متزايداً لدى الدوائر الغربية من الهيمنة الايرانية والامتداد الاقتصادي والعسكري الصيني والروسي  على العراق،  وهذا هو بيت القصيد في محركات الصراع.

ان الحوار الاستراتيجي الدائر الآن في العراق يتزامن مع الحوار النووي الجاري في " فيينا " بين واشنطن و بين طهران . ومن المنطق تماماً ان تلقي نتائجه سوى كانت ايجابية ام سلبية بظلها على الوضع  داخل البلد. الذي ما زال محاصراً بالصواريخ، ولم يعط اي متنفس، وعليه من الجائز ان يصح اعتباره حواراً يراد منه تحقيق غايات عاجلة تتصل بالصراعات موضع الحوار.. والا ستسقط " الكاتيوشا " على الغرفة التي يجري في داخلها .. فهل سيبقى الأمر مرتهناً  بنتائج تفاهمات الولايات المتحدة وايران، التي من غير المعلوم ما هو مداها الزمني. الذي على الاكثر يميل الى الاطالة. نظراً لعدم ارجحية التنازلات المتقابلة بفعل انعدام الثقة بين الطرفين.

ان الشعب العراقي قد مل من الترقب المستنفر المعلق على توافق الاطراف الخارجية لكي يحظى بالاستقرار والاستقلال الكامل، لا سيما وان خلافات هؤلاء لاتعنيه بل فرضت ولا زالت تفرض عليه. وهنا يعلو الصوت الوطني : الى متي يبقى الصمت التاكتيكي الحكومي عن التجاوزات على مصالح العراق والتلاعب بمقدرات شعبه. هذا وناهيك عن الخشية من عواقب الخلافات بين الحكومة وبعض الفصائل المسلحة التي ما انفكت عن تحدي هيبة الدولة واستمرارها باغتيال الناشطين واخرهم وليس اخيرهم الناشط الشهيد " ايهاب الوزني " زد على ذلك تهديداتها  بـ { احتلال المصارف } اذا لم تلب مطالبها بحسم الامور المالية المتعلقة بالمفسوخة عقودهم من منتسبي " الحشد الشعبي " التي لم تأت عليها بنود الميزانية في صيغتها الاخيرة.

عرض مقالات: