تذكرنا حوادث التاريخ، أن جلادي الأمس واليوم ما هم ألا يد الطبقة الحاكمة وسوطها، على حد تعبير الحجاج حين حاسبه الخليفة عبد الملك بن مروان على الإيغال في القسوة في عقوبة المخالفين من جند الامارة.
وجاءت مجازر عادل عبد المهدي وحكومته وإسرافه في قمع المنتفضين لإرضاء حيتان الفساد، وإظهار الأمر للذين نصبوه من قوى الداخل والخارج، أنه شخصية قوية على طريقة (إنما العاجز من لا يستبد).
وكما يقول شكسبير (إنّ أي مركز مرموق كمقام ملك ليس إثماً بحد ذاته، إنّما يغدو إثماً حين يقوم الشخص الذي يناط به ويحتله بسوء استعمال السلطة من غير مبالاة بحقوق وشعور الآخرين).
وإيغالا في طمس الحقائق والتستر على هذه الجرائم المعلنة، وضعت قضية محاسبة قتلة شهداء الانتفاضة على الرف. وبدلا من ذلك اعطتنا حكومة خلفه، وعودا لذر الرماد في العيون ثم الحقتها بعمليات قتل أخرى وجرح واختطاف عدد من الناشطين، وحتى لا نستمر في الشكوى، أضافت لنا وعودا أخرى ومبررات أكثر قبحا من فعلها.
ولكي تكتمل الصورة القبيحة، أضاف (المحتفلون) في الذكرى الأولى لحادثة المطار، إساءة أخرى في تلطيخ صور شهداء الانتفاضة، كأن هؤلاء الضحايا مسؤولون عن النزاع الأمريكي الإيراني على الأراضي العراقية.
وحمل بعض قادتهم، انتفاضة الشعب الجائع والمحروم من كافة حقوقه، المسؤولية واعتبار حركتهم (فتنة)، وكأنه يقول يا ضحايا.. يا من سفكنا دمكم ..اعتذروا لنا لأننا قتلناكم بدم بارد مستخدمين رصاص القناصة، والقنابل المسيلة للدموع، والرصاص الحي، والطعن بالسكاكين والاغتيالات. وربما أراد أيضا على طريقة النظام السابق أن يطالب أهالي الضحايا بدفع ثمن الطلقات التي اخترقت أجساد أبنائهم.
واليوم مازال مسلسل موت المنتفكي، مستمرا بجزئه الكاظمي، فكاتم الصوت يأخذ كل يوم ضحية جديدة، وطلقات قوى القمع تسيل الدم في الشوارع، وعصابات الاختطاف تعتقل وتسجن وتعذب وتصفي بدون رادع، والعجيب في الأمر أنها تهدد الكاظمي نفسه، لبث الرعب في نفوس الأخرين.
وعلى هامش القمع، تنشط عصابات داعش هنا وهناك في عمليات القتل والإرهاب، وأصبح العراقي ما بين ناري مليشيات مدعومة ومليشيات مارقة.
فمن ينتصر للشهداء؟ ومن ينتصر للشهداء القادمين؟ ومن يوقف حمام الدم؟