بعد ثلاثة أعوام على (بيان) النصر على تنظيم داعش الارهابي وتحرير الموصل، لم يلمس الشعب العراقي تغييراً ايجابياً في مناهج السلطات، قياساً لما قبل الكارثة، باعتبارها الدرس الاكبر لسوء الاداء، الذي كلف الشعب التضحيات الفادحة بالأرواح والممتلكات والثروات، ناهيك عن التأثيرات الاجتماعية والنفسية المهولة على الافراد والكيانات والتجمعات البشرية والعمرانية، وعلى الذاكرة العراقية الخاصة والجمعية، التي ستستمر لسنوات طويلة قادمة.
لقد كان السقوط المفاجئ والسريع للمدن الكبرى تحت سطوة التنظيم خلال أيام معدودة، مؤشراً واضحاً على، أن سيناريو الاحداث (في مرحلته الاولى) كان مقرراً من جهات دولية وليس من أفراد وعصابات، وكانت مراحله اللاحقة تتغير وفق مستويات ردود الافعال، التي جاء توقيت ومحتوى اعلان فتوى (الجهاد الكفائي) حاسماً في منع سقوط العاصمة وانهيار النظام، وهي فضيحة تتحمل مسؤوليتها أحزاب السلطة، التي فشلت في بناء مؤسسات امنية ومدنية وطنية ورصينة طوال السنوات الماضية، على الرغم من التخصيصات المالية الهائلة طوال السنوات الماضية .
لقد أثبتت الاحداث ان الفاسدين وأتباعهم لا يحق لهم الاحتفال بذكرى الانتصار على داعش، لأنهم الشركاء الاصلاء للتنظيم الظلامي الدموي ولعموم قوى الارهاب، والممهدون لاجتياحه المدن العراقية، بسياساتهم ومناهجهم الطائفية، المعتمدة قاعدة اشاعة الفوضى لتسهيل نهب الثروات، وقد نجحوا فيها بامتياز مشهود، بالأرقام والتواريخ والأسماء، في ملفات صفقاتهم السرية المغلقة بالاتفاق، والمكدسة في دواليب التوافقات على المناصب والامتيازات.
في معارك التحرير، دافع الأبناء الشجعان عن تأريخ بلدهم المهدد حاضره ومستقبله من مرتزقة القوى النافذة في المنطقة والعالم، وخاضوا ملاحم خالدة في البطولة والأقدام والتضحية والفداء، وكتبوا أسمائهم في سجلات الابطال المدافعين عن القيم الانسانية بمداد عراقي غير قابل للاستنساخ والتزوير، في واحدة من صفحات النضال الوطني العراقي المجيد، الذي وقف له العالم باحترام وتبجيل.
هؤلاء المدافعون الافذاذ عن العراق والعراقيين، شهداء وجرحى ومفقودين، ومقاتلين لازالوا يؤدون واجباتهم في الجبهات، هم وعوائلهم الكريمة، ومعهم كل العراقيين الوطنيين المخلصين، وحدهم الذين يحق لهم الاحتفال بيوم النصر على داعش، لأنهم وحدهم المستهدفين بنيران الارهاب والفساد والفوضى، بضائع السلطة في العراق.