ما ان اقترب موعد اطلاق حملة الانتخابات البرلمانية، حتى قفز الى مواقع التواصل الاجتماعي، بيادق الكتل المتنافسة على مقاعد البرلمان العراقي، بيادق بأعداد كبيرة، جرى اختيارها بعناية شديدة من قبل رؤساء الكتل المتنفذة، العناية التي اقصدها ليس لها علاقة بالجودة والكفاءة، انما بيادق تحقق لرؤساء الكتل اهدافاً شخصية.
على الفيس بوك صفحة باسم (المرشحون لانتخابات البرلمان 2018 في العراق)، قامت باستضافة عدد من المرشحين لقبة البرلمان العراقي، ومن خلال احاديثهم يمكن لنا ان نفهم، بان النزر القليل منهم من يفهم حقيقة مهام البرلماني، اما الأغلبية العامة فقد وقعوا في مطبات كثيرة، أولها انهم اعلنوا عن بوستراتهم الانتخابية برقم الكتلة وتسلسله الانتخابي، قبل سماح مفوضية الانتخابات المستقلة ببدء الحملة الانتخابية (على ارض الواقع جرى ما هو اسوأ)، ما يعني عدم احترامهم للقانون، ولن يلتزموا بما سيشرعوه، وهذه مشكلتنا منذ البرلمان الأول بعد السقوط الى اليوم.
حرصت الكتل المجربة على حشرِ عددٍ كبيرٍ من الأسماء الجديدة (ممن لا يعرفهم احد) داخل قوائمها في بغداد والمحافظات، هذا الاجراء لم يكن صدفةً، بل هو يضمن للزعامات المجربة، ان الناخبين سينتخبوهم بأعداد كبيرة على حساب المرشحين الجدد داخل القائمة، ما يحقق لهم التحكم بالكتلة البرلمانية، فهم أصحاب فضل على اولائك الجدد، ممن لم يحصل على عدد كاف من الأصوات، كما سيضمن للرؤساء عدم اعتراض النواب الجدد على ما يقرروه باسم الكتلة، فهم عديمي الخبرة.
كيف جاء هذا الاستنتاج؟ من المنطقي ان المرشح للانتخابات يحتاج ان يكون معروفاً في المجتمع حتى يضمن عددا جيدا من الأصوات في حملته الانتخابية، ليكون إضافة حقيقية للكتلة، يأتي هذا من النشاطات الثقافية والاجتماعية، التي يقوم بها المرشح طوال حياته، وصولا الى فترة الترشيح للبرلمان وتقديم نبذة تاريخية تشفع له لدى جمهور الناخبين، لكن ما يحصل على العكس من ذلك، اذهبِ عزيزتي وعزيزي القارىء وتصفحوا مواقع ودعايات المرشحين الجدد، ستجدها خالية من تلك النشاطات الثقافية والاجتماعية على مدى اربع سنوات مضت على اقل تقدير، باستثناء المرشحين الذين سطروا نشاطات وجوائز حصلوا عليها بمكرمة الهية، مثل رجل العام من معهد امريكي او ناشطة حضرت 150 مؤتمرا خلال سنتين او أستاذ جامعي في جامعة إيرانية، او شيخ عشيرة قام بأخذ فصلية أربع نسوان.
لنتساءل ما الذي جعل من الترشيح الى قبة البرلمان فكرة سهلة الى هذا الحد؟ الجواب يكمن في تاريخ البرلمان العراقي منذ مجلس الحكم لليوم، فالنقاط المضيئة في تاريخ البرلمان تكاد تعد على أصابع اليد، والسبب يعود الى الأحزاب الحاكمة، فقد قدمت نوابا اساءوا الى العملية السياسية بتعمد، وسرقوا البلد في وضح النهار، ظهروا على الفضائيات بصورة سيئة ومقيتة، اتفقوا على مصالحهم، واختلفوا على ما سرقوه، هددوا بعضهم بملفات الفساد دون ان ينال القانون من احدهم، حتى من القي القبض عليه جرى تهريبه او تبرءته والسماح له بالذهاب للعيش في الخارج متنعما بأموال العراقيين، القائمة طويلة ويعرفها جميع العراقيين. هذا الأداء السيء للأغلبية العامة، جعل من كل المنتفعين ان يستسهلوا فكرة الترشيح للبرلمان من اجل المنافع الشخصية لا غير.
من الملاحظات المبكية في صفحة المرشحين لانتخابات البرلمان 2018 في العراق، ان هذه البيادق عندما حضرت للتعريف ببرنامجها الانتخابي، انشغلت بالدفاع عن رؤساء كتلها اكثر من تقديم البرنامج، لم يجيبوا عن مصادر تمويلهم فقد ادعوا جميعا انهم فقراء ويعتمدون على انفسهم في تمويل الحملة الانتخابية، في حين شوارع المدن العراقية تقول غير ذلك، لم تقدم تلك البيادق برامجها الانتخابية كما يجب، انما تحدثوا عن منجزات ستتحقق بدون رؤية واضحة، لم اسمع احداً منهم يقول، انه سيعمل في المعارضة، فكل البيادق تتوقع انها ستكون من صناع الحكومة القادمة وبأريحية كبيرة، لم يتحدث احد من تلك البيادق التي انضمت الى أحزاب تأسست بأموال الفساد وبتوجيه من الأحزاب الحاكمة، تحت مسميات مدنية، ما هي نشاطاتهم الاجتماعية والثقافية خلال السنوات الأربعة الماضية على اقل تقدير.
بيادق لن نراها بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، ان صعدت الى البرلمان او لم تصعد، لان مهمتها ستكون قد انتهت.