مرّت قبل ايام الذكرى الاولى لإنطلاقة ثورة تشرين البطولية، و لابد من القول في هذه المناسبة .  . لقد انفجرت جماهير الشباب و الشابات من مختلف الأطياف العراقية مطلع تشرين 2019 بوجه الطبقات الحاكمة، بسبب حياة لم تعد تطاق و بسبب الفقر و انواع الحرمانات التي وصلت ذروة غير متوقعة، و هي تلاحظ الثراء الفاحش و انواع الحاشيات من ميليشيات مدججة حتى الاسنان الى انواع الخدم و الحشم و التابعين، لأوساط كانت في الامس القريب فقيرة حافية .  .

انفجرت بهبّة كبرى ايّدتها و شاركت فيها كل الفئات الشعبية و النقابات و الاتحادات المهنية رجالاً و نساء و اطفالاً و برز فيها الطلبة و النساء و خاصة الشابات، اثر سلسلة من التظاهرات السلمية المتواصلة و الاحتجاجات المطالبة بالخبز و العمل و الحرية و الدولة المدنية، منذ عام 2011 و التي تفاجأت في بداياتها بمواجهتها بالرصاص الحي الذي لم يفت عضدها بل استمرت و تواصلت و تطورت في ساحات البلاد، في مواصلة حق الشعب الذي كفله الدستور.

في زمن تصورت فيه الكتل الحاكمة و انواع اجهزتها القمعية بأنها تتمكن من اسكاتها و انهائها بالعنف، فمارست انواع العنف و الارهاب، من الرصاص المتنوع المحرّم دولياً، الى القناص و قذائف الغاز الخارقة للعظام من قناصين محترفين من مجاميع بقيت طي الكتمان تحت مصطلح (الطرف الثالث) الذي اطلقه رئيس الوزراء السابق سئ الذكر عادل عبد المهدي .  . الاّ ان الاحتجاجات لم تتوقف بل ازدادت بانضمام اوساط جديدة و جديدة اليها.

و مارست الفئات الحاكمة خططاً منظمة لإنهاء الناشطين و الناشطات بالاختطاف و تضييع اخبار المختطفين، بالاعتقالات و بممارسة اخسّ انواع التعذيب بحق الشابات و الشباب و بانواع الارهاب الفردي، و الارهاب الجماعي بالمذابح الجماعية كما حصل على جسر الزيتون في الناصرية و في الخلاني في بغداد او بالاغتيالات و ملاحقة عوائل الناشطين و تدمير منازلهم، بجداول و اساليب اعدّها متخصصون باعمال قمع الجماهير، يرجّح كثيرون بانهم مستوردون من (الارجنتين). 

                 و يرى كثيرون بأن الاوساط الحاكمة لا تفهم او تتصنع عدم المعرفة بأن، شباب العراق تفتّح على حكم ( دولة مؤسسات دستورية)، في عصر الانترنيت و تطبيقاته التي لاتتوقف عن التطور حتى صار الانترنيت لايمكن ايقافه مهما استخدم الحكام من فلترات .  . شباب صار يطّلع على مايجري في العالم و كيف تعيش شباب و شعوب الدنيا و تصوّر ماهية الحقوق الانسانية الطبيعية، و هو يعيش في ظروف ادنى من ظروف مجتمعات مجاهل افريقيا .  .

                 و اوساط حاكمة لاتعرف انها تواجه اجيالاً تخطّتها في الثقافة و وعي اليوم و فتحت اعينها على ان الحكم يفترض فيه ان يقوم على الدستور الذي صُوّت عليه (رغم ثغرات يمكن اصلاحها بسرعة) و على مؤسسات اعلنت عن كونها ديمقراطية و انها تلتزم بالدستور، و هي لاتعيش ذلك بل تئنّ مما يجري و الذي يزداد سوءاً، حتى رفضت اجيال الشباب مؤسسات الحكم التي قبضت عليه الكتل، و اعلن كبير عرابيها انها لاتسلّمه، بعد ان وصلوا اليه بحيل قانونية !

بل رفضت الاحزاب الحاكمة التي لم تعد ترى فيها من معاناتها الهائلة، الاّ تجمعات منظّمة لناهبين و ميليشيات ارهابية تحميهم، و وصلت تجمعات من الشباب الى انها ترفض فكرة الأحزاب القائمة على ايديولوجية لكونها من الماضي و لكونها لم تحقق تغيير، و لكون لاجدوى و فائدة منها (*)، لإصلاح حياتهم الآن في وطن كباقي اوطان العالم !

و اثبت الشباب و يثبتون بانهم في هذه الظروف القاسية التي اضيفت لها مخاطر كورونا و الازمة الاقتصادية المدمّرة ، اثبتوا بانهم الجيل الذي لا يهاب الارهاب من جهة و انه يجد الحلول في دستور معدّل لصالح الشعب كطريقة حكم و يجد في التغيير السلمي كسبيل دستوري. (يتبع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) ان لم تحقق تغييرات كبيرة فيها .  .

عرض مقالات: