مما لاشك فيه ان العدالة التوزيعية في العراق التي تمثل الوجه الاخر للعدالة الاجتماعية التي وضعها العراقيون في اولوية مطالبهم المستمرة والتي قدموا من اجلها ولا زالوا التضحيات الجسام على مر العقود وتخليص البلاد من القلة القليلة في المجتمع التي استحوذت على الثروة بشتى طرق القوة والتحايل والالتفاف على المبادئ الدينية والدنيوية.
وما هو معلوم بالنسبة للمهتمين بالشأن الاقتصادي على تنوع اهتماماتهم ان العدالة التوزيعية تركز على ما يصل الاسرة من الدخل المولد من الانتاج وان هناك علاقة بين الدخل وحقوق الانسان فكيف اذا كانت حقوق الانسان في بلادنا مؤجلة الى اشعار غير معلوم فعلى سبيل المثال ان 47 في المائة من السكان ممن يقبعون تحت خط الفقر وان معدل دخلهم اليومي اقل من دولار وان العراق حسب تقديرات الامم المتحدة يحتل التسلسل 108 من بين 122 دولة مضافا الى ذلك ان سوق العمل في العراق مختلة اذ تنتشر البطالة بنسبة تزيد على 30 في المائة حسب التقديرات الرسمية زائدا قلة مشاركة الشباب في سوق العمل للأعمار بين 15 - 24 وان البطالة في المحافظات الغربية زادت على الضعفين مع تفاوت كبير في الدخل والثروة بين المناطق والمحافظات وبين الريف والمدينة.
وارتباطا بما تقدم فان بعض المصادر البحثية تؤكد ان سياسات الدولة بعد عام 2003 سعت لتخفيف ضغوط البيئة السياسية والتوافق والاسترضاء الى استيعاب جزء كبير من الموارد البشرية في اجهزة الدولة رغم جمود النشاط الاقتصادي ارتفعت نسيتهم من مجموع السكان الى ضعف ما كانت عليه في نهاية الثمانينات من القرن الماضي وهذا ما تسبب في غلبة الطابع الاستهلاكي على الاقتصاد العراقي وفعلت الشيء نفسه حكومة عادل عبد المهدي بتعيين عشرات الالوف في اجهزت الدولة باليات غلب عليها الرشا والابتزاز بالرغم من غياب التخصيصات المالية بهدف امتصاص زخم الانتفاضة الجماهيرية.
ان العدالة التوزيعية في المجتمع العراقي لا يمكن ان تأخذ طريقها ما لم تعيد الدولة النظر في سياساتها الاقتصادية بوجهة التنمية الشاملة بما فيها مراجعة مقاييس تشغيل العمالة العراقية على اساس تعميق مفهوم الدخل من خلال التأكيد على الدخل الحقيقي الذي لا يقتصر على الرواتب والاجور وانما لابد من شموله الخدمات التي تقدمها الدولة للأسرة والافراد ونقترح بهذا الخصوص ما يأتي:
1. التعجيل بوضع قانون مجلس الخدمة الاتحادي موضع التنفيذ وابعاده عن نظام المحاصصة سيء الصيت وتعيين الكفاءات المؤهلة.
2. تمكين القطاع الخاص من لعب دوره في العملية الانتاجية من خلال التركيز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تتصف بكثافة العمل وتنشيط فاعليتها عبر الدعم الحكومي المباشر من خلال تقديم التسهيلات المصرفية وحماية انتاجها من منافسة المستورد.
3. تفعيل مشاريع السكن واطئ الكلفة وتخليص الشرائح المهمشة من السكن في عشوائيات لا تصلح حتى للحيوانات والاهتمام الجاد بتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والكهرباء ومياه الشرب وسواها.

عرض مقالات: