- يدور سجال سياسي صاخب حول الانتخابات النيابية القادمة في العراق باعتبارها فرصة جديدة لإبعاد الدولة الوطنية عن الهيمنة الطائفية وتجنب تشكيلتها الاجتماعية النزاعات الداخلية.
- تفاؤل القوى الوطنية بأهمية الدورة الانتخابية ودورها في تغير الواقع السياسي يبدو للكثيرين ليس بالسهولة المفترضة بسبب كثرة من العوائق السياسية الكابحة يتقدمها غياب قانون انتخابي معتمد من جميع القوى السياسية فضلا عن ارهاب المليشيات المسلحة في الحياة السياسية وغيرها من الثغرات السلبية في حياة العراق السياسية.
استنادا الى تلك الثغرات نتوقف عند ثلاث محاور أساسية يمكن تسميتها بالآتي -
أولا –التيارات السياسية المتنافسة في الدورة الانتخابية.
ثانيا –الدولة الوطنية في البرامج الانتخابية المتنافسة.
ثالثا –التحالفات السياسية والتنافس الانتخابي.
انطلاقاً من تلك المحاور السياسية نحاول التقرب من مضامين المحور الأول المتمثل ب-
أولا –التيارات السياسية المتنافسة في الدورة الانتخابية.
تخوض الانتخابية النيابية في الدولة العراقية كثرة من القوى والتيارات السياسية يتحكم بعضها في مفاصل الدولة السياسية. ورغم ذلك التداخل يمكننا فرز التيارات السياسية والقوى الاجتماعية المشاركة في العملية الانتخابية على أسس فكرية وطبيعة قواها الاجتماعية.
1 - مواقع التيارات الاجتماعية في الدورة الإنتاجية.
- تكافح الطبقات الاجتماعية الفاعلة في العملية الإنتاجية من اجل ضمان مصالحها الطبقية وسيادة بلادها الوطنية وتشكل--الطبقة العاملة - البرجوازية الصغيرة - أجزاء من البرجوازية الوطنية تيارا مناهضا للطائفية السياسية؟ بيمنا تصطف فصائل الكمبورادورية - القوى العشائرية والرأسمال الربوي تحت ايديولوجية الطائفة السياسية ومعاداة التحولات الاجتماعية.
2 -- بنائها الفكري -السياسي
- تنحصر القوى السياسية المتنافسة في الدولة العراقية بين تيارين أساسيين أولهما تيار فصائل الإسلام السياسي والآخر تيار القوى العلمانية مع وجود قوى أخرى تتباين رؤاها السياسية بين التيارين تتمثل بالمستقلين والناشطين بأسماء سياسية مختلفة.
3-- مضامين برامجها الانتخابية.
تستند التيارات والقوى السياسية المتنافسة في الدورة الانتخابية على برامج سياسية - اجتماعية مع التأكيد على ان الى ان تيار الإسلام السياسي تتداخل انشطته السياسية مع مواقعه الإدارية في الدولة الوطنية.
- استنادا الى ذلك تثير البرامج السياسية – الاجتماعية للتيارات السياسية المتنافسة كثرة من التساؤلات والتوجهات يمكن الإشارة الى أهمها --
- ما هو موقف القوى المتنافسة من الدولة الوطنية؟ وماهي مستلزمات وطرق بناء أنظمة التوازنات الطبقية؟ هل تستند التوازنات الطبقية على الضمانات الاجتماعية التي تكفلها الدولة الوطنية؟ وما هو الموقف من تدخلات الدول الإقليمية في الشؤون الداخلية؟ ما هو الموقف من سياسيات الهيمنة الخارجية؟ وأخيرا ما هي توجهات القوى السياسية المتنافسة من الطائفية السياسية ودورها في الحياة الاجتماعية؟
- يحتدم حول تلك الأسئلة المفصلية صراع اجتماعي- سياسي تنخرط في آتونه الطبقات الاجتماعية وقواها السياسية وتشكل السلطة السياسية وطرق الاحتفاظ بها اليها أهم القضايا الأساسية في الصراع الانتخابي المرتكز على ابعاد البلاد عن التبعية والوصاية الخارجية.
ثانيا – مضامين البرامج الانتخابية المتنافسة.
- تتباين البرامج السياسية والاجتماعية لكلا التيارين الإسلامي والعلماني من مختلف القضايا الوطنية تبعاً الى المرجعيات الفكرية التي تعتمدها القوى السياسية المتنافسة في الدورة الانتخابية.
- انطلاقاً من تباين المرجعيات الفكرية للتيارات السياسية المتنافسة نتوقف عند قضيتن أساسيتين أولهما الموقف من الدولة الوطنية وثانيهما الموقف من الطائفية السياسية.
أ- الموقف من الدولة الوطنية
تعيش الدولة العراقية مستويات متدنية من سيطرتها الوطنية ويعود ذلك الى ضعفها وعدم سيادة قراراتها على التيارات السياسية الفاعلة في تشكيلة العراق السياسية وذلك الى -
-ازدواجيه القوى العسكرية متمثلة بوحدات المؤسسة العسكرية الوطنية والمليشيات المسلحة التابعة للأحزاب الطائفية.
- تتجلى ازدواجيه القوى العسكرية بازدواجية ولائها السياسي حيث تسعى المؤسسة العسكرية الوطنية الى سيادة وظائفها العسكرية على كامل التراب الوطني بينما تسعى المليشيات المسلحة الى تحويل ولائها الوطني الى ولاء لأحزابها السياسية.
-اضعاف وظائف الدولة الوطنية يتأتى من اعتبار الدولة ومؤسساتها الإدارية- الأمنية مجالا للمنافسة بين أحزاب الطائفية السياسية، الامر الذي جعل طاقمها الإداري - الامني متعدد الولاءات السياسية.
- ازدهار علاقات العراق التجارية مع الجوار الإقليمي افضى الى نمو طبقات اجتماعية طفيلية وما انتجه ذلك من ترابطات تبعية للخارج الإقليمي.
- اعتبار الدولة الوطنية وأجهزتها العسكرية مجالاً للمنافسة الحزبية حولها الى مراكز علنية للفساد الإداري – الاقتصادي.
- اتساع دائرة ترابط الدولة العراقية مع الخارج الرأسمالي جعلها مسرحا للصراعات الدولية – الإقليمية.
ب - الموقف من الطائفية السياسية.
على الرغم من مواكبة الطائفية السياسية لنشوء وتطور الدولة العراقية الا انها- الطائفية السياسية - اتخذت في السنوات الأخيرة مديات كبيرة لأسباب عديدة أهمها ترابط قوى الطائفية السياسية وأجهزة سلطة الدولة السياسية.
- الترابط الطائفي - الإداري حوٌل النظام السياسي للدولة العراقية الى مسرح للمساومات السياسية بين قوى الطائفية السياسية وما نتج عنه من ازدواجية السلطة السياسية متمثلة بسلطة الدولة الوطنية وسلطة الطائفية السياسية التي تبدت ب-
-- حيازة الأحزاب الطائفية على مليشيات مسلحة تعتمد اجندة سياسية – طائفية.
--تحكم الفصائل المسلحة بسجون سرية للمعارضة السياسية المطالبة بسيادة قوانين الدولة وتوجهاتها السياسية.
- ترابط السجون السرية مع هيئات تحقيقية غير شرعية لاستجواب المعارضين ومحاكمة الخصوم السياسيين.
-- وجود قيادات طائفية - حزبية تشرف على فعالية المليشيات العسكرية المتعددة بعيدا عن رقابة الدولة الوطنية وأمنها السياسي.
- تعدد أنشطة المليشيات المسلحة العسكرية – الامنية وعدم سيطرة الدولة على فعاليتها السياسية يضع البلاد على حافة الحروب الاهلية.
ان اللوحة المشار اليها تضفي تشوشاً سياسياً على الشرعية الانتخابية وتجعلها شرعية طائفية معتمدة على الوعي الطائفي لمراكزها السياسية.
ثالثا – التحالفات السياسية والتنافس الانتخابي.
-- رغم العوامل الكابحة لسيادة الشرعية الديمقراطية في الانتخابات الوطنية الا ان القوى العلمانية مطالبة بتأكيد حضورها في الانتخابات القادمة وطرح برامجها الاقتصادية - السياسية لغرض حشد قواها الوطنية المطالبة بدولة وطنية راعية لجميع مواطني تشكيلتها الاجتماعية بغرض النظر توجهات وميول أحزابها الطائفية.
-- خوض الانتخابات العامة يتطلب بناء تحالفات سياسية بين القوى الوطنية – الديمقراطية وشرائح القوى الدينية الراغبة في صيانة البلاد من التبعية والتهميش وفق دالات فكرية سياسية تتلخص بالآتي –
أولا-- اعتماد الشرعية الديمقراطية للحكم على أساس قانون انتخابي معتمد من قبل جميع الأحزاب السياسية الوطنية.
ثانيا – توحيد مؤسسات الدولة الوطنية على أساس الولاء الوطني للدولة الوطنية.
ثالثاً-- حل المليشيات المسلحة كونها أداة للحروب الاهلية وتوحيد الولاء الوطني للمؤسسة العسكرية.
رابعاً-- مكافحه الارهاب السياسي وإدانة الاغتيالات السياسية وتفكيك السجون السرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
خامساً- اعتماد الولاء الوطني للدولة وقوانينها الوطنية بديلا عن الانتماءات الطائفية والولاءات الإقليمية.
سادساً- تشريع قوانين وطنية تعتمد روح المواطنة والمساواة في اشغال الوظائف الحكومية.
ان الآراء والأفكار المشار اليها تعني انتقال البلاد من شرعية الطائفية السياسية الى الشرعية الديمقراطية وصينة أمن البلاد السياسي - الاقتصادي من الإرهاب والتبعية والتهميش.