يكفي أن نضع عبارة «رائدات عراقيات» في خانة البحث على الإنترنت، لتنهال أمامنا البيانات عن نساء عراقيات، من مختلف مناطق ومكونات العراق المتعدد ثقافياً، واجتماعياً، ممن اقتحمن مجالات الريادة في كل شيء. في السياسة والنضال الوطني، في الأدب والثقافة، في المسرح والتشكيل، في التكنولوجيا والعلوم، في التعليم والتربية، في الطب والصيدلة، وغير ذلك من مجالات.
ريادة بعض هؤلاء النساء لم تكن على مستوى العراق وحده، وإنما على مستوى العالم العربي كله. يكفي أن أول امرأة عربية أصبحت وزيرة كانت العراقية نزيهة الدليمي في عام 1960. ليس ذلك غريباً. العراق بلد رائد في مجالات مختلفة. حين ننقب في تاريخ التحولات الاجتماعية والثقافية في بلداننا الخليجية ليس بوسعنا عدم ملاحظة ما أتانا من العراق من موجات الحداثة في الأدب والتعليم والثقافة عامة. وبعض من باتوا كوادر في مختلف المجالات في بلداننا مشهود لهم بالكفاءة، درسوا في الجامعات العراقية.
وفي مقال على موقع رابطة المرأة العراقية نقرأ أن مجموعة من النساء المتعلمات أسّسن أول ناد نسوي أطلقن عليه أسم (نادي النهضة النسائية) عام 1923. وأول مجلة نسائية (ليلى) صدرت عام 1933 وكانت رئيسة تحريرها بولينا حسون.
وفي عام 1939 عينت وزارة الصحة أول طبيبة عراقية، وفي عام 1943 تخرجت في كلية الحقوق أول امرأة عراقية لتمارس مهنة المحاماة. وبعد سنوات قليلة تخرجت فتاة أخرى في معهد الفنون الجميلة في مجال الرسم.
لا يمكن بالطبع أن ننسى نازك الملائكة، الشاعرة المجددة، التي تخرجت في دار المعلمين العالية عام 1944، قبل أن تسافر إلى الولايات المتحدة لمواصلة تخصصها في الأدب الإنجليزي. ولا ننسى أيضاً الأصوات النسائية العذبة الرائدة في مجال الأغنية: سليمة مراد، عفيفة اسكندر، زهور حسين، وغيرهن كثيرات.
رهام يعقوب الشابة البصراوية، التي عرفت بنشاطها البارز في الحراك المدني احتجاجاً على فساد النخبة المتسلطة، ليست رائدة. فإلى العمل السياسي والتطوعي سبقتها الآلاف من النساء العراقيات من مختلف الأجيال، لكنها سارت على خطاهن بكل شجاعة. المتاح من الفيديوهات يظهرها في مقدمة التظاهرات التي اجتاحت شوارع البصرة، وهي تقود الهتافات.
لم يمهل القتلة رهام لتعيش حياتها كما تطمح أي شابة في مقتبل العمر، وأدوا أحلامها انتقاماً من دورها، ونصرتها لبنات جنسها اللواتي يعانين التهميش والتمييز في عراق الميليشيات، الذي لا يشبه في شيء عراق الرائدات اللائي أتينا على أسماء بعضهن. رصاصات قاتلة انطلقت من بندقية غادرة أردتها قتيلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة “الخليج” البحرينية
22 /8 /2020

عرض مقالات: