التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي المنعقد للفترة 4-7 من شهر حزيران الماضي خلص بعد نقاش مستفيض وتحليل لطبيعة الازمة الاقتصادية المستعصية، من بين العديد من الاستنتاجات، الى ان الاقتصاد العراقي يعاني من اختلالات عميقة في البنية الاقتصادية التي انعكست في النمط الاستهلاكي الذي طغى على الانفاقين الحكومي والخاص على حساب الادخار والاستثمار.
ولكي لا استغرق في البحث في ما لا تحتمله المساحة المحددة لكتابة هذا المقال سأكتفي بالتعرض لبعض المفردات الواردة في التقرير المذكور ومنها الانفاق الحكومي والخاص واتجاهات هذا الانفاق. فالبيانات المتوافرة تشير الى ان مجموع الايرادات للعملة الاجنبية للفترة من عام 2005 والى عام 2017 قد بلغت أكثر من 706 مليار دولار، أنفق منها أكثر من 703 مليار دولار في القطاعين الحكومي والخاص، وتشير بعض البيانات ان إنفاق القطاع الخاص يربو على 350 مليار دولار تم شراؤه من نافذة البنك المركزي.
ومن الواضح ان الانفاق الحكومي قد ذهب بمعظمه الى الانشطة التشغيلية في عمل الحكومة ولم يكن نصيب الانفاق الاستثماري الا النزر اليسير، فلم يزد خلال عشر سنوات أكثر من 360 مليار دولار منها 222 مليار دولار على مشاريع استثمارية لم تنفذ، ومن ذلك يتبين ان النفقات الاستثمارية كانت مخيبة للآمال.
ومن جانب اخر فان تنامي الاستهلاك وتحوله الى طابع اجتماعي لا يضعف الا مستوى الادخار الداخلي بمرور الوقت، كما ان تدفقات العملة الاجنبية الى الداخل لا تقوي سوى الطلب الداخلي الكلي لسد احتياجات الاستهلاك وفي ذات الوقت تؤدي الى تآكل فرص الادخار وتدهوره أكثر فأكثر. والى جانب ذلك فان السياسات النقدية للجهاز المصرفي تسهم وبدرجة كبيرة في هذا التآكل الأمر الذي قاد الى تعاظم ظاهرة الاكتناز الذي يشكل 41 تريليون من الكتلة النقدية المتداولة في السوق.
ونرى ان امام الحكومة المؤقتة مهمة وضع الأسس المتينة لعملية اصلاح اقتصادي جذري ينقذ الاقتصاد الحالي من ظاهرة الاختلالات التي تفتك به وفق رؤية علمية واقعية بعيدة عن التنظيرات التي لم تثبت صحتها على ارض الواقع وفق تشريع يلزم هذه الحكومة والحكومات اللاحقة بالتنفيذ، ونقترح في هذا المجال ما يلي:
- اعادة النظر في السياسة الإنفاقية لتأخذ في الاعتبار التوجه لعملية تنمية مستدامة تقوم على اساس تنويع اقطاعات السلعية والخروج من شرنقة السياسة الريعية.
- السير في تعظيم الموارد المالية التي استهلتها الحكومة بعدد من الخطوات وتقليص سياسات الاقتراض الى أدنى حدودها في حال الضرورة القصوى ولأغراض التنمية حصرا.
3. الانتهاء من حالات التردد في مكافحة الفساد ومحاصرة رموزه وايقافهم من الاستمرار في مصادرة الثروة والتلاعب بقوة الشعب وتهريب الأموال بمختلف اساليب غسيل الأموال.