تكرس الجدل السياسي مؤخراً حول اجراء " الانتخابات المبكرة ". في العراق. وذلك ما سلط الاضواء على مواقف الاحزاب والقوى السياسية، كما اسفر بجلاء عن رؤى هذه الاوساط بمختلف هوياتها حيال العملية الانتخابية، و مستقبل البلد. وفي خضم احتدام التجاذبات لاحت ملامح التوجهات لكل جهة من الاطراف السياسية وبخاصة المتنفذة منها. و كان اول غيثها مطر الاعتراضات على " الموعد " الذي حدده السيد رئيس الوزراء بغية اجراء الانتخابات. فأحدهم يريد تقريبه بهدف تقصير عمر حكومة الكاظمي خوفاً من اجراءاتها الاصلاحية التي قد تطال نفوذه. واخر يرغب بدفعه لوقت اطول لعل في ذلك تخفيف تاثيرات ثورة تشرين على مزاج الناس الذي تصاعد ضدهم. الا ان قوى التغيير وحراك الشارع تبدو انها قد اتفقت مع الموعد. غير ان جل اهتمامها منصب على تعديل قانون الانتخابات والتهيئة اللازمة العادلة لتنفيذه.

ان كل ما اشير وكتب عن الانتخابات،واشتراط تهيئة مقدمات ومستلزمات ضرورية من شأنها ضمان سلامة هذا الاجراء. الا ان مفاتيح الامور تبقى  اسيرة لارادة القوى السياسية المتنفذة الحاكمة المتكالبة. وما لم تنفك اذرعها الاخطبوطية ذات الاسلحة المنفلتة الماسكة بموقع القرار { البرلمان } الذي مازال هو الاخر معطِلاً لانجاز قانون الانتخابات. سيؤدي لا محالة الى طريق غير سالك لمرور قانون المحكمة الاتحادية ايضاً. وكذلك لم يُحرك مجلس النواب ساكناً معيناً ازاء خرق قانون الاحزاب المعطوب اصلاً. وعليه تدفع مقتضيات انهاء هذا الاشكال بالزام مجلس النواب لاستكمال التشريعات المطلوبة. ومن ثمة يتم "حله " لكي لن يبقى بمثابة وسيلة للمماطلة والتسويف وتعطيل اجراء الانتخابات وعدم اخراج القوانين الاخرى المركونة منذ امد بعيد رغم اهميتها.

ومن الموجبات ان نذهب الى كبد الحقيقة ، كما يقال، لنؤشر على ما يتوج جملة هذا السعي الطامح للتغيير، وذلك بتحقيق هيكله الحاكم وعنوانه الدائم. الا وهو ارساء العدالة الاجتماعية المعمدة بالروح الوطنية، والمنظومة الديمقراطية الطاردة لاية تبعية مقيتة ومتجاوزة على حق المواطنة من ابناء شعبنا بمختلف انتماءاتهم. فلا ضمانات لتطبيق سيناريو التغيير وفقاً لارادة ثوار الانتفاضة والقوى الديمقراطية والوطنية الخيّرة، الا بارساء العدالة الاجتماعية على قاعدة المواطنة. وقطع انفاس المحاصصة الطائفية والعرقية وملحقاتها المدمرة، والقصاص من سراق البلد، وقتلة ثوار الانتفاضة، وتغييب  وتهجير المواطنين بنهج ديموغرافي مريب.

وبما ان التغيير هو المراد، فمعيشة الناس تبقى مرهونة باصلاح الوضع الاقتصادي وعدالة توزيع موارد البلد. ودون ادنى شك ينبغي ان تحسب حياة المواطنين صاحبة السبق. كما لا تنفصل بل تأتي مرادفة لها مهمة اصلاح القوات المسلحة وترصين صنوفها وتمركز اسلحتها وضبط قيادتها، لكي تكون غاية في توفير الطمأنينة للناس وللناخبين وصيانة سيادة البلد المنتهكة. حيث دون ذلك لا ضمان لانتخابات نزيهة وعادلة. حتى وان توفر قانون انتخابات منصف، وتشكلت مفوضية مستقلة تماماً. رغم ذلك ستبقى طبيعة ظروف الاقتراع وحرية الناخب ونزاهة العد والفرز للاصوات وحراسة الصناديق، هي العامل الاكثر اهمية، لكي تجعل من المخرجات الانتخابية تتمخض عن برلمان يمثل الشعب العراقي بشرعية عالية.. و غدأ سنرى والغد لناظره قريب..

عرض مقالات: