عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي اجتماعها الاعتيادي في 4 - 7 حزيران 2020 وتناولت فيه العديد من القضايا الهامة التي تتعلق حياة الحزب الداخلية والتوجه لعقد المؤتمر الوطني الحادي عشر، والأزمة العامة الشاملة وانسداد افق نظام المحاصصة الطائفية والحراك الجماهيري وسبل تفعيله واستمراريته، والعلاقة بين المركز وإقليم كوردستان وسبل التسوية السياسية، الاوضاع الاقليمية والدولية.
لقد حاولنا الخروج عن شكل التبويب الوارد في التقرير لكي نستدل على أهم القضايا المطروحة للنقاش والحوار الذي يصب في مجرى التجديد والديمقراطية وتطوير عمل الحزب وتعزيز الشفافية والمكاشفة وتقوم الخطاب الفكري والسياسي للحزب.
اولا : لقد سبق عقد الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية، عقد العديد من الاجتماعات الحزبية والإشراقات وعقد اللقاءات التشاورية واجتماعات للجان الاختصاص ، و الاطلاع على مجريات الانتخابات الحزبية في المحليات والفرعيات والاساسيات والتقارير الخاصة في تقييم سلبيات وايجابيات الانتخابات ونتائجها ، لقد توفرت للجنة المركزية معطيات كثيرة عن واقع العمل الحزبي وإمكانية النهوض بيه ، وتعزيز دور الحزب في العمل الديمقراطي والجماهيري والنقابي، وتطوير ادائه وعمله للتوجه نحو التحضير للمؤتمر الحادي عشر المقبل.
وفات التقرير الاشارة الى تقييم اداء العمل القيادي للجنة المركزية والمكتب السياسي في اطاره العام، لتكون التجربة الاولى على صعيد العمل السياسي والحزبي في العراق، تعكس الشفافية وروح المكاشفة في أطار التجديد والديمقراطية •.
ثانيا: لقد أكد التقرير على عمق الازمة العامة الخانقة في بلادنا والتي شملت مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولابد من الاشارة هنا الى ان مخرجات الازمة ومسبباتها هي ناتجة عن سياسة اقتصاد السوق الحر، سياسة الاقتصاد الريعي وحيدة الجانب التي ينتهجها تحالف البرجوازية الطفيلية والبرجوازية البيروقراطية المتحالف مع الرأسمال الاحتكاري المعولم.
وان الاعتماد على السياسة النفطية الريعية الوحيدة الجانب ادى الى تحطيم الاقتصاد الوطني وتبديد ثرواتنا الطبيعية والمادية في ظل فقدان التخطيط الدوري والطويل الامد (التنمية المستدامة)، وأسهم ذلك في إشاعة الفوضى والفساد والفقر والبطالة والإرهاب والمافيا والمليشيات الخارجة عن القانون، ودفع البلاد الدولة الفاشلة وسيطرة الدولة العميقة على المفاصل الاساسية للدولة الوطنية العراقية، وساهم في تعاظم التدخل الاقليمي والدولي في الشؤون الداخلية العراقية.
كل تلك الاشكالات والإرهاصات أدت الى تصاعد الحراك الجماهيري واتساع رقعته ليشمل فئات وطبقات اجتماعية مختلفة تضررت مصالحها الطبقية الاجتماعية من هذه السياسية الخاطئة، مما دفعها للنزول العفوي للشارع وتنظيم نفسها في لجان وتنسيقيات لقيادة الحراك في المدن والحواضر، وقد تمت مواجهتها بالحديد والنار وبمختلف والوسائل الارهابية التي تمتلكها السلطة وأحزابها الطائفية وميليشياتها الارهابية الخارجة عن القانون.
ثالثا :حدد التقرير موقف الشيوعيين المنحاز الى جانب الحراك الجماهيري ، وأكد على استمرار العوامل التي أدت الى الحراك بالإضافة الى عوامل جديدة ممكن ان تسهم في تجدد الحراك وتنوع اشكاله وانضمام قوى جديدة له مع الاشارة الى العوامل المعرقلة للحراك الجماهير المتمثلة في تشتته وعدم وجود قيادة موحدة لقيادته ، ووجود بعض الشعارات الخاطئة التي تقف في الضد من جميع الاحزاب وعدم التميز بين القوى الداعمة للحراك والمعادية له ،كما جرى التأكيد على اهمية دعم الحراك ومشاركة الشيوعيين فيه والذين بذلوا التضحيات من الشهداء والجرحى والمفقودين .
وربط الحزب موقفه من حكومة الكاظمي بمدى استجابتها لمطالب المتظاهرين وكشفها عن قتلتهم وتحقيق برنامجها السياسي الاقتصادي الاجتماعي المعلن والداعي للتغير ومحاكمة الفاسدين والانتخابات المبكرة النزيهة وفق قانون انتخابي عادل.
وأكد التقرير أيضا بأن ضمان نزاهة وعدالة الانتخابات المبكرة مرهون في تعديل قانون الانتخابات، وتطبيق قانون الاحزاب الذي يتضمن عدم مشاركة الاحزاب ذات المليشيات والأذرع المسلحة، والحد من ممارسات المحاصصة الطائفية والاثنية للقوى المتنفذة المعرقلة والمعارضة للانتخابات المبكرة.
رابعا: يطرح التقرير تساؤلا هاما وحارقا، هل يمكن حدوث التغيير في ظل نظام المحاصصة الطائفية والإثنية المقيتة!!!؟؟؟
لقد جاء في التقرير إشارة الى عدم حدوث ذلك من دون تغير في الموازين لصالح القوى المدنية الديمقراطية، وإحداث نقله نوعية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لحلحة الازمة العامة وبناء أسس الدولة المدنية الديمقراطية.
خامسا: التحالفات السياسية والانتخابية: لقد عرض التقرير موجز الاسباب الموجبة لانسحاب الحزب من تحالف سائرون، والتي تمحورت في سببين اساسين الاول، باعتباره تحالفا انتخابيا أنتهى باستقالة نواب الحزب من البرلمان، والثاني لم يجر العمل والتنسيق الاكمل بين اطرافها وفق قواعد عمل التحالف المتفق عليها.
وأشار التقرير أيضا الى ايجابية تحالف سائرون، باعتباره اول تحالف بين الشيوعيين والمدنيين وقوى اسلامية على الصعيد الوطني، وأستطاع ان يكسر حاجز العداء للشيوعية والقوى المدنية والديمقراطية من قبل العديد من الاحزاب السياسية الاسلامية، وفتح ايضا صفحة جديدة من العلاقات والتحالفات بين القوى الوطنية على أسس برنامج التغير الديمقراطي.
ان التقييمات الاولية لتحالف سائرون لم تشر الى حقائق سبق وان تم تداولها من قبل المخالفين والمعارضين لتحالف سائرون في حواراتهم ونقاشاتهم، الا وهي أن تحالف سائرون جاء سريعا وفي لحظة زمنية فارقة وانه لم يرتق الى مستوى التحالف التاريخي، وأن محاولة البعض تصويره وربطه في مفهوم الكتلة التاريخية لغرامشي وتجربة امريكا اللاتينية في التحالف بين اليسار والكنيسة لم تكن موفقة وتصب في إطار التطبيق الميكانيكي للتجارب.
وطرح التقرير ايضا اهمية العمل لبناء تحالف للقوى المدنية الديمقراطية وتفعيل التيار الديمقراطي منطلقا من موقف الحزب الواضح حول النقاط المشتركة في إطار المشروع الوطني الديمقراطي.
سادسا: الموقف من التدخلات الاجنبية والتواجد العسكري الاجنبي: يرفض الحزب كل التدخلات الاجنبية والتواجد والقواعد العسكرية الاجنبية، ويرى الحزب ان يقتصر الوجود الاجنبي على المستشارين الاجانب لحاجة القوات المسلحة إليهم لغرض التدريب والتأهيل، ويشدد التقرير على اهمية تدريب وتأهيل القوات المسلحة العراقية وجعلها جاهزة للامساك في الملف الامني والدفاعي.
سابعا : تناول التقرير بعض القضايا الاقليمية والدولية وعبر عن استنكاره للسياسية العدوانية الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، والتضامن مع الشعب اللبناني والسوداني في نضالهم من اجل التغير والديمقراطية ، واستنكر سياسية الحصار والتجويع ضد الشعب الايراني ،كما تطرق التقرير الى جائحة كرونا وتأثيراتها المستقبلية على جميع الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية في العالم ، وأكد على ان هذه الجائحة اثبتت فشل النظام الصحي في العالم وجشع النظام الرأسمالي العالمي المعولم، كما تناول الوضع الكارثي للنظام الصحي في العراق ، فيما ظهرت الكثير من البوادر الايجابية في التضامن والتكافل الاجتماعي الفردي والجماعي .
واختتم التقرير بتحديد اولويات الشيوعيين ونضالهم المستقبلي من اجل التغيير الديمقراطي المنشود والتحضير لعقد المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتوضيح واعمام الفائدة نقتبس المقطعين التاليين من التقرير ذاته:
وناقش المجتمعون باستفاضة تقارير عدة عن العمل القيادي للحزب، وعن أداء منظماته ورفاقه ولجان الاختصاص المركزية ولجنة الرقابة المركزية، وكذلك التقرير الإداري- المالي للحزب ، وعن توجهات الحزب بشان الانتخابات البرلمانية المبكرة” .
وإذ جرى تقييم المنجز المتحقق والتطلع الى تعزيزه وتطويره في المجالات كافة، فقد تم التوقف عند الثغرات والنواقص، وتطوير اليات العمل في ظل الظروف المستجدة، ومواصلة الارتقاء بالعمل القيادي وتعزيز دور الحزب ومنظماته ورفاقه في الحياة السياسية، ومد الجسور مع المحتشدات الجماهيرية وتبني مطالبها العادلة والمشروعة والدفاع عن مصالحها والاهتمام بالعمل مع الطلبة والشباب والنساء، والاستمرار في تعزيز المساهمة الفاعلة في الحركات الاحتجاجية السلمية”.

عرض مقالات: