يعرف الفقر بحسب الموسوعة الحرة بكونه (حالة العوز المادي حيث يعيش الانسان دون حد الكفاف المتمثل بسوء التغذية والمجاعة حتى الموت وما ينتج عن ذلك من انخفاض المستوى الصحي والتعليمي والحرمان من امتلاك السلع المعمرة والسلع المادية الاخرى وفقدان الضمان لمواجهة الحالات الطارئة كالمرض والاعاقة والبطالة والكوارث والازمات).
وانطلاقا من البيانات الاحصائية التي تصدرها المؤسسات العراقية والعالمية كمنظمة يونيسيف التابعة للأمم المتحدة فهناك 4،5 مليون من العراقيين المهددين بالفقر والحرمان اغلبهم من الاطفال نتيجة لتداعيات جائحة كورونا التي اجتاحت العراق واخذت تنتشر بأسرع مما كانت عليه في بداية دخول هذا الوباء المتوحش. كما ان نسبة الفقر حسب احصاءات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد ازدادت من 22 في المائة الى 34 في المائة وقد ذهبت الاحصاءات النيابية بان نسب السكان تحت خط الفقر وصلت الى 48 في المائة من مجموع السكان ومصادر أخرى تقول بان العدد الاجمالي للفقراء اكثر من 11 مليون عراقي.
وانطلاقا من هذه الارقام يمكن ارجاع ظاهرة الفقر الى طائفة من الاسباب تقف في مقدمتها السياسات الحكومية بمختلف عناوينها الاقتصادية والاجتماعية والمالية والنقدية، والتدفق السكاني غير المنضبط، وتأثره بعولمة الاسواق والانفتاح المنفلت على المستورد الاجنبي على حساب الانتاج المحلي، وضعف الاستقرار السياسي والامني. ويعلو جميع هذه الاسباب الفساد اللعين المدعوم من القوى السياسية المهيمنة. ولم تستطع الاستراتيجيات الثلاث التي وضعتها وزارة التخطيط للتخفيف من الفقر، وتحقيق الاهداف المرسومة لها لغياب الواقعية في تقدير الظروف المثالية لنجاحها بفعل فشل عمليات التنمية الاقتصادية وتعطل مشاريعها.
ان الحكومات العراقية وهي تعلن باستمرار عن توجهات متفائلة، شعاراتية بعيدة عن الواقعية مطالبة بقلب معادلاتها والتخلص من الصيغ الدعائية لتوجهاتها المستقبلية عبر مراجعة شاملة لسياساتها وخططها وتصفية منظومة الفساد وابعاد العناصر الفاشلة عن مراكز القرار. وهنا أقترح الاتي:
• اعادة النظر بقوانين الحماية الاجتماعية من خلال تفعيل التنسيق بين اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة البرنامج الحكومي والتخطيط الاستراتيجي مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة التخطيط، لمتابعة الخطط والبرامج الاستراتيجية بما فيها خطة التخفيف من الفقر للفترة 2018--- 2022 ودعمها ماليا وتشريع القوانين التي تسهل وتلزم تنفيذها.
• مراجعة السياسيات الاقتصادية المتعلقة بعمليات التنمية المستدامة، وايلاء الاهتمام الكافي بقطاعات الانتاج الحقيقي الحكومي والمختلط والتعاوني والخاص، من اجل تهيئة فرص التشغيل للعاطلين عبر تفعيل المشاريع الصناعية والزراعية والخدماتية المتوقفة والشروع بإنشاء صناديق سيادية للاستثمار وصناديق سيادية خاصة بالتخفيف من الفقر لمواجهة الظروف الطارئة شديدة العسرة .
• الى جانب ذلك ضرورة العمل على تخفيض نسبة التضخم النقدي الذي يستحوذ على معظم مدخولات الأسر العراقية ومدخراتها، وهذا يتطلب مراجعة حازمة للسياسة النقدية في مجال التضخم وسعر الصرف وتنشيط دور الجهاز المصرفي في عملية التنمية الاقتصادية.

عرض مقالات: