ناضل الشعب الكردي عندما كان تحت الاحتلال العثماني من أجل حقوقه القومية وحقه في تقرير مصيره، وعندما سقطت الدولة العثمانية وجرى تقسيم المنطقة إلى دول، جرى تجاهل مطالب الشعب الكردي بتقرير مصيره بنفسه، وقسمت كردستان بين عدة دول في المنطقة، ولهذا أصبح النضال من أجل الحقوق القومية للشعب الكردي في نطاق كل دولة على المدى المنظور والنضال من أجل حق تقرير المصير على المدى البعيد. وعلى ضوء ذلك نشأت الأحزاب والحركات الكردية في كل دولة كما إنها دخلت في علاقات ومساعدة متبادلة فيما بينها وكذلك دخلت في تحالفات وعلاقات مع القوى الديمقراطية والتقدمية والحركات الوطنية لشعوب كل بلد. وحققت الأحزاب والحركات الكردية نتائج متباينة في نضالها حسب قوة الحركة الكردية والظروف المحيطة بها في البلد المعني وكذلك تأثير التطورات والمواقف الدولية من المسألة الكردية ومن قضية البلد المعني. 
وهكذا نشأ حزب العمال الكردستاني PKK في كردستان عام 1978 ، ونظرا للحكم الديكتاتوري في تركيا والانقلابات العسكرية ومعاداة الشعب الكردي وحرمانه من حقوقه القومية الطبيعية ، التجأ الحزب الى الكفاح المسلح وحرب الأنصار وكون له قاعدة جماهيرية وشعبية مساندة لنضاله، ومن الطبيعي أن تكون جبال تركيا خير حاضنة له ولنضاله المسلح ولم تضطر بعض فصائل الحزب لعبور الحدود العراقية الى كردستان العراق إلا بعد الانقلاب العسكري التركي في أيلول 1980، الذي قمع الشعب الكردي في تركيا وأغلق منطقة الحدود التركية بوجه الأهالي ومنع الحركة على الشريط الحدودي مع العراق وسوريا .
كانت لحزبنا الشيوعي العراقي قاعدة أساسية للأنصار في قاطع بهدينان في گلي كومانه وكنت هناك في تموز1981 ، وتقع المنطقة على الحدود التركية وهي منطقة هجر سكانها النظام البعثي ودمر كل شئ فيها ولم يبق أي أثر للحياة فيها بعد انسحاب الجيش العراقي منها ، وفي تلك الفترة وصلت الى المنطقة مجموعة مسلحة من أكراد تركيا واستقرت غير بعيد عنا ، وعلمنا انهم من حزب العمال الكردستاني PKK وكانت أغلبيتهم شبيبة مثقفة ويدعي قسم منهم تبنيهم للفكر الماركسي ، ونشأت علاقة طيبة بيننا . عند الربيع وذوبان الثلوج كانوا يتوجهون الى كردستان تركيا لأداء مهامهم السياسية والأنصارية ليرجع بعضهم الى گلي كومانه قبل الشتاء وتساقط الثلوج وليعاودوا النزول الى المنطقة الكردية في تركيا في الربيع مرة اخرى ، وهكذا استمر تواجدهم في الشريط الحدودي العراقي الى أن تم الإتفاق بين قائد حزبهم اوجلان السجين عند السلطات التركية وبين السلطات التركية في آذار2013، ويقضي الإتفاق على اعلان حزب العمال الكردستاني وقف اطلاق النار وسحب مقاتليه الى كردستان العراق مقابل اعطاء وعد بتحقيق بعض الحقوق القومية والعمل السياسي . وفعلا استقرت قوات حزب العمال في جبال قنديل وفي بعض مناطق بهدينان في كردستان العراق. ولم يستمر هذا الإتفاق طويلا، فكعادة الأنظمة الدكتاتورية عملت السلطات التركية على استغلال الوضع وكل فرصة لإضعاف حزب العمال، ولهذا جرى خرق هذا الإتفاق عام 2015 بقصف القوات التركية لمواقع حزب العمال المتواجدة في كردستان العراق. وطبيعيا ان يعود حزب العمال الى الكفاح المسلح، ولكن هذه العودة أثقلتها سنوات البقاء في المقرات في كردستان العراق ومحاولة ايجاد مواقع قدم ونفوذ هنا وهناك في كردستان العراق وسوريا والدخول في صراعات في المنطقة، وممارسة أشكال من السلطة والتحالفات خارج منطقة نضاله الحقيقي وجماهيره من أكراد تركيا، مما أعطى مجال لاستغلال تركيا الوضع وقصف مقرات حزب العمال والمناطق الحدودية وبالدخول الى الأراضي العراقية وإلحاق الضرر بسكان هذه المناطق وخلق وضع محرج للسلطات في كردستان والحكومة العراقية. الآن وسط هذه الظروف ألم يحن الوقت ليبادر حزب العمال الكردستاني الى تغيير اتجاه بوصلته الحالية، ويرجع الى منابع قوته وصموده وسط أهله وناسه في كردستان تركيا.

عرض مقالات: