1.وصف لينين بناءً على بعض ملاحظات ماركس، الانتقال الثوري للدولة الى ـ اللاـ دولة من خلال وحدة الاضداد، تمكنَ فيها من تحديد عملية متناقضة، عملية تعزيز سلطة الدولة من أجل تحطيم سلطة البرجوازية، والشروع للانتقال الى المجتمع الشيوعي، وبالاشارة في ذلك الوقت الى (مجالس السوفيتات) أو مجالس العمال في جميع أنحاء أوربا.
حتى لو لم يكن منطق لينين ساري المفعول، يمكننا أن نفترض أن فكرة الدولة ـ اللاـ دولة تُشير الى أساسيات وصعوبة كل أنتقال لخلفيات هياكل الهيمنة الاجتماعية.
في جميع المراحل الثورية اللاحقة، ولكن أيضاً في تجارب التنشئة الاجتماعية في القرن العشرين، والتي لم تُشكل في الإطار الرأسمالي على هذا النحو، فإن مشكلة "الانتقال" تؤثرأيضاً على الوحدة المتناقضة للسوق ـ اللاـ سوق. وبعبارة أخرى، فإن التقييد الدائم لاستقلالية السوق لصالح سياسة لا تجعل الرأسمالية تختفي، لكنها "تدفعها الى الوراء".
وأخيراً، وفي سياق الكارثة البيئية الحالية، يجب أن نفكر أيضاً في التناقض بين الصناعة ـ اللاـ صناعة، والذي يمكن أن نُسميه "أنحطاط".
كل التناقضات المذكورة غير متكافئة وهي تواجه السلطة بقوة مضادة وبممارسات وطرق مختلفة، وهي فرصة تكمُن فيها مجازفات التجارب الثورية.
2.مع ذلك، فإن التناقضات الثورية المذكورة ليست منفصلة أو مستقلة عن بعضها البعض. على سبيل المثال يمكننا أن نفترض، أن السوق غير موجود بدون تدخل ودعم حكومي، والذي يجب أن يتم عن طريق التخطيط، الامر الذي يتطلب والمفترض مسبقاً سلطة وتشريعات.
مثل هذا التخطيط ضروري للغاية أذا لم يكن القصد من التنظيم تسريع التنمية الصناعية، بل عقلنة المؤسسات، كي لايؤدي الى أنهيار الظروف المعيشية، أضافة الى ذلك فإن تجارب التخطيط في القرن العشرين أثرت بالكاد على الهياكل المالية للاقتصاد الائتماني والنقدي، كما تتغير مشكلة الانتقال من المستوى الوطني الى المستوى العالمي.
ولكن ماهي الاشكال المقابلة للمشاركة الديمقراطية أو التعبئة الجماهيرية؟
وكإجابة على السؤال، يمكن الاشارة الى ذلك في فكرة "المجتمع المدني العالمي" من خلال شبكاته وحملاته التضامنية.
3.السياسة لايمكن التنبؤ بها، ويعتمد في ذلك على المواقف التي ترتبط فيها إجراءات مختلفة جداً لكل منها زمانه الخاص به، يمكن للنظرية في أفضل الاحوال وصف وتقييم الفاعلين الذين يساهمون في التغيير.
في نظرية اليوم، تم فهم هذه المشكلة على أنها واحدة من علاقات المصالح المختلفة وقرارات الهيمنة المختلفة، حيث ينسق كل منها هذه المصالح. هذه الفكرة ذات الدلالة الفارغة تعبر عن الشعبوية المأخوذة من القومية.
على أية حال،فإن السؤال الحقيقي لايتعلق بالمصالح الاجتماعية فقط،ولكن أيضاً بطرق العمل السياسي التي يجب أن يتشكل فيها المشروع الاشتراكي بالاشارة الى عناصرالبرنامج،التنظيم،الانتفاضة،واليوتيبا.
وأود أن أوضح أن هذه الاجراءات تختلف نوعياً وفقاً لمستواها المحدد وشكلها المؤسسي و"مواضيعها".
4.من خلال القول بأن الكارثة البيئية قد حدثت بالفعل بطريقة لارجعة فيها،نقول وداعاً لفكرة معينة عن التقدم،وهي النسخة الاكثر ديناميكية التي تطورت منها الاشتراكية، ومع ذلك،فإن "السقوط" لايختبر فكرة أن هناك تقدماً يجب إحرازهُ،ولكن فقط فكرة أن هذا التقدم يتناسبُ مع التطور الكلي الذي يتزامنُ في النهاية مع مسار التأريخ نفسه.
ونحن مع ذلك لانستبدل هذه الايديولوجية بآلية الانهيارمما يؤدي الى نهاية التأريخ كنسخة عدمية لما أتبعته الليبرالية بالنسبة للبعض.
وبدلاً من ذلك نطرح سؤلاً، عن البدائل المتاحة في عملية سلبية لايمكن إيقافها عن فكرة الانتصارالنهائي للاسواق ذاتية التنظيم، لكنها يمكن أن تأخذ شكلاً أكثر أو اقل تهديداً.
أن إمكانية البديل تعتمدعلى أذا ماكانت السياسة العالمية سوف تميل في السنوات القادمة بهذا الشكل أو بآخر الى الاشتراكية، لانه يعتمد على إعادة تنظيم المجتمعات وكذلك فرصة فرضِ أولويات أخرى غير زيادة وتعظيم الارباح الرأسمالية.
هذا يعني أن التغيير المعتدل في العلاقة بين الناس والطبيعة يفترضُ تسريع التغيير في العلاقة بين الناس.
*إتيان باليبار: مفكروفيلسوف ماركسي فرنسي، استاذ في العديد من الجامعات العالمية، وله العديد من المؤلفات.