ويرى مراقبون ان تكالب الكتل الحاكمة على الزعامة، يجري في وقت ضعف الهيمنة الايرانية و الاميركية على القرار العراقي، و شعور الأكثر تطرفاً منها بالضياع، بفعل مطالب المنتفضين الابطال و بفعل المخاطر الكبيرة الشاخصة التي تتطلب من الحكام تلبية مطالب الجماهير الأكثر الحاحاً و ضرورة، و خاصة الكادحة منها، لأنها العمود الاساسي لتنفيذ اية سياسة حكومية.
و يرون بأن التغيير السلمي للعملية السياسية الذي يطالب به المتظاهرون، يتطلب وقتاً و صبراً و مساراً متعرجاً و انه لا يجري بخط مستقيم، و انه قد لايتم بالإتيان بسياسيين ملائكة و انما بالأقل سوءاً و ممن له تصميم على التغيير( مع كل الاحترام لمطالب المنتفضين الشجعان و لمآثر الشهداء و الشهيدات، و رغم ما ادوّا بانتفاضتهم البطلة الى زعزعة اركان الكتل الحاكمة و ماحققوه بلمّ الشعب بأطيافه كقطب مقرر لتغيير الحكم) . . بقدر مايتم بالتأييد الشعبي لمن عُرفوا و شهدت و تشهد لهم الساحات بانهم يريدون التغيير و يضحون في سبيله، و بان يكون التأييد الشعبي مجسّداً بصيغة هيئات مراقبة و متابعة مكفولة دستورياً و تتوافّر لها حماية حكومية ميدانية مسلّحة، تستطيع حمايتها من انواع الميليشيات التحاصصية الحاكمة فعلياً.
و تلاحظ اوساط واسعة كيف تتهلهل و تنفرط المحاصصة و تتحوّل الى عامل تمزيق حتى لوحدة الكتل التحاصصية ذاتها بسبب الأنانية و الفساد الذي اشاعته، من خلال مقابلات ممثليها المتنوعين في وسائل الاعلام الداخلية و الدولية . . و يتساءلون الا يمكن ان يتوافق شباب الانتفاضة مع البرلمانيين الشباب الذين يصعّدون نشاطهم بنفس الاتجاه في وقتنا الراهن ليشكّلوا قوة فاعلة اكبر للتغيير، بدل تجمّد اقطاب التغيير على موقف الرفض الاصم لبعضهم البعض، و الذي لن يؤدي الاّ الى زيادة استكلاب الميليشيات وفق اختلاق انواع الاسباب و الفتن . . ؟؟
و فيما يطرحون اهمية اعادة بناء الدولة بمؤسساتها على اساس المواطنة و المهنية و النزاهة للقيام بدور ناجح يتطلّب خبرة و معرفة بما يجري في دهاليز الحكم المظلمة . . فإنهم يذكّرون بدور الزرفي، في السعي الجاد لتثبيت سلطة الدولة، من دوره كمحافظ النجف بين قوتين متصارعتين بالسلاح حينها و تسببتا بمقتل و جرح المئات، او دوره كمساعد نائب وزير الداخلية لشؤون امنية في مواجهة ارهاب داعش الإجرامية، ثم كنائب في البرلمان و عضو فاعل في اللجنة المالية فيه، التي جمّعت له خبرة في ادارة شؤون البلاد في هذا الظرف الصعب.
من جانب آخر، يرى كثيرون ان شخصيات معارضي تكليفه الاكثر تطرفاً المعروفون، تلقي اضواءً على ماهيته و درجة تصديق اقواله . . في حالة من زيادة النقاط الايجابية على السلبية في مواقفه كرئيس وزراء مكلف لسنة انتقالية واحدة حرجة تحقق : السيطرة على انتشار كورونا بدعم دول العالم، معاقبة قتلة المتظاهرين، حصر السلاح بيد الدولة و تهئ لإنتخابات مبكرة، ينتهي بعدها تكليفه، او ينتهي عند اخلاله بدوره . .
من جهة اخرى فانهم يستغربون من شدة الهجوم المبكر عليه من اولئك المعروفين بتشددهم الطائفي، و من اتهامه بالعمالة، ناسين مواقعه التي شغلها و ناسين انه عضو في مجلس النواب و كونه احد الاسماء المطروحة للترشيح في السباعية التي فشلت، و كانوا هم المقررين فيها، حتى وصلوا الى الهجوم على رئيس الجمهورية الذي يحاول السير وفق الدستور الذي صاغوه هم باغلبيتهم التحاصصية . . و ناسين انهم اساءوا للمكوّن الشيعي العراقي بافلاسهم في تحقيق قرار لما يقارب النصف عام في الظروف الخطيرة التي تمرّ بها البلاد ! بل و يعلنون تمسكهم باذيال و بفقرات ثانوية بالدستور الذي داسوه باقدامهم . . كل هذا الا يتطلب حلولاً استثنائية ؟؟
و يرى خبراء و مراقبون قانونيون دوليون، ان تلك السلوكيات اللادستورية المهددة بضياع العراق الذي سيتسبب بانتشار مخاطر ذلك الضياع الى عموم المنطقة، و انها لن تؤدي الاّ الى اجراءات استثنائية رادعة تعيد البلاد بظروفها القاسية، الى البند السابع و الى العقوبات الدولية وفق الاتفاقات المعمول بها منذ تأسيس العملية السياسية، تشارك فيها دول عظمى تسعى للحفاظ على اموالها و استثماراتها المتفق عليها بعقود قانونية و المدفوعة اثمانها، التي تهدد باجراءات قاسية لضمان حقوقها و التي لن يدفع اثمانها الاّ الشعب، اضافة الى المخاطر العالمية لإنتشار وباء كورونا الخطير الذي شلّ البلاد بسبب فساد و لاابالية حكامه، و شلّ العالم و حياته اليومية . . في وقت يذكّرون فيه بكيفية منع المالكي من مواصلة خدمته كرئيس وزراء في ظروف اقلّ قساوة و حدّة حينها !!
(انتهى)