بعد تصنيف منظمة الصحة العالمية لفيروس أو مرض كورونا بالجائحة وبعد إعلان الأسبوعين القادمين بأنهما الأخطر يمكنني رسم الإطار العام لسلوك الأفراد القادم في ظل تزايد حالات الإصابة وإنتشار رقعة الوباء وإطالة مدة العزل المنزلي وحظر التجوال والأضرار اللاحقة بأصحاب الدخل المحدود والعاملين على كسب قوتهم اليومي وهم الأكثر تضرراً في هذه المرحلة التي ستفتح باب التمرد وعصيان التعليمات الصحية بالخروج إلى الشارع والأسواق والأماكن العامة والإختلاط ، فالعوز المادي يدفع الأهل إلى ترك المنزل بحثاً عن القوت، والجهل وإنعدام المسؤولية ونقص الوعي وخصوصاً في الأحياء الشعبية والقرى والأرياف سيشكل تهديداً حقيقياً واضعاً المجتمع على شفير الهاوية .

عندما صنفت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا بالجائحة فإنها قصدت بأن المرض خرج عن السيطرة وعن مستوى التحدي وإنتشاره دولياً بهذه السرعة الفائقة ليجتاح 180 دولة يعني أن للمرض تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية على نطاق عالمي هذا ما يعنيه مصطلح الجائحة. لذا علينا تدارك الأمر قبل خروجه عن السيطرة ومن نطاق السلوك الطبيعي الذي سيكون له إنعكاسات سلبية تضعنا أمام أزمة أخرى إن لم تتكاتف الجهود بشكل جمعي من قبل المجتمع والدولة لوضع الحلول الفورية وإتخاذ التدابير اللازمة قبل رفع صمام الأمان فسيؤدي إلى إنفجار الوضع مما يتوجب تشكيل فرق أكثر من المختصين في القطاع الصحي والأمني والمتطوعين من الأفراد من الفئة الواعية لأخذ الحيطة والحذر أثناء العمل لتوفير المواد الغذائية للعوائل الفقيرة والمعدمة وتقديم العلاج وأدوية الأمراض المزمنة للمرضى الملازمين لمنازلهم لغرض منعهم من مغادرتها لفترة أطول حفاظاً على سلامتهم وحماية المجتمع لأن الخطر يزول كلما قلَّ الإختلاط وزادت فترة ملازمة المنزل وعدم مغادرته ، ورغم إننا نلاحظ بشكل ملموس إستمرار حالات التكافل الإجتماعي بتوزيع سلال وأكياس المواد الغذائية ولكن الجهود محدودة وتعتبر بسيطة وغير كافية لسد إحتياجات الملايين من الفقراء ولسد حاجة هذا العدد لابدّ للحكومة من توفير كافة احتياجاتهم الغذائية والدوائية وإعفائهم من دفع الإيجارات وخطوط السحب من المولدات الأهلية ومنحهم أنترنيت مجاني ومبالغ مالية تكفيهم لحين إنتهاء الأزمة وبالتعاون المشترك مع الميسورين والأثرياء كجهد جماعي تلاحمي للسيطرة على الأفراد وإلتزامهم بالتعليمات الصحية والإجراءات الوقائية حتى نصل بهم إلى بر الأمان في خطوة إستباقية لإحتواء الأزمة ومنع تمرد الأفراد خوفاً أو سئماً أو إحتياجاً كي لا تزيد حالات الإصابة مع إستنفار جميع وسائل الإعلام لبث برامج التوعية والإرشاد وزيادة الوعي ورفع مستوى تضافر الجهود والتعاون لتفادي كل المعوقات والأسباب المؤدية إلى مشكلات إجتماعية تضر بالمجتمع بشكل خاص وبالدولة بشكل عام ومن خلال متابعتنا للأحداث اليومية لمعرفة آخر التطورات بخصوص الوباء الجائح لاحظنا العديد من الدول الكبرى المعروفة بتقدم قطاعها الصحي فقدت السيطرة على الوباء فكيف الحال بدولة كالعراق قطاعه الصحي يعاني من الضعف والهشاشة ومراكزه التي أعدت مسبقاً للحجر الصحي تفتقر لأساسيات ومعايير الحجر الصحي الموصى بها دولياً لمواجهة الوباء بالإضافة إلى إفتقاره إلى المستلزمات الطبية الأساسية ناهيك عن نقص الكوادر الطبية المختصة القادرة على التعامل مع الإوبئة على مستوى العراق والنقص الملحوظ في مواد التعقيم وقلة حملات تعقيم الأزقة والشوارع فهل بإمكان هذا القطاع من الصمود أمام تزايد حالات الإصابة وتسارع الإنتشار ؟ ... معطيات الواقع تجيب بالنفي . إذن يتطلب الأمر من وزارة الصحة تصعيد جهودها مع جهود المجتمع المدني والدولي لضرورة الإسراع في معرفة الإمكانية الحقيقية للقطاع الصحي في العراق وإمداده بكافة التجهيزات والتحضيرات الكافية لتمكينه من مواجهة الوباء فكل ما استطاعت توفيره وزارة الصحة إلى الآن من مستلزمات وكوادر طبية لا تشير إلى إستيعاب الوباء في حال تسارع إنتشاره لا قدَّر الله ، لذا علينا قدر الأمكان ولغرض التقليل من خطر تفشي الوباء والحد من سرعة إنتشاره أن نكون أكثر لحمة وتماسكاً وقدرة على مواجهة كل ما سيعترضنا والمساهمة الجمعية في زوال الضرر وسد حاجات المجتمع بالتكافل المطلوب وقت الأزمات لتخفيف حدتها على المواطن وحث الجهد الجمعي دون كشف العوائل والأفراد الذين يؤدى إليهم التكافل صوناً لكرامتهم ومنع تصوير المساعدات والمنازل المقدمة إليها ونشره على مواقع التواصل الإجتماعي لما لذلك من تأثير نفسي عليهم وخلق شعور بالنقص لديهم .فكل يوم يمر يزداد خوف وتوتر الفرد والشعور بخطر الموت المحتمل مما يدفعه ليكون أقل تقييداً بالتعليمات وبالتالي تسّول له نفسه بالتمرد والخروج عن التعليمات الصحية قبل أن يداهمه الموت فيقع في حالة من الضياع والقلق يسبب إرتباكاً وإضطراباً في السلوك الإجتماعي العام بحيث ينتقل السلوك المرفوض بين الأفراد في مجتمع مريض كالعدوى إلى أن يصبح على خطأه واقعاً يكتسب صفة الموافقة والقبول عليه من قبل العديد ممارسةً أو سكوتاً ومن هنا علينا أن نسبق حدوث هكذا أفعال تمردية تزيد الأزمة صعوبة ومنعها .