ترجمة: حازم كويي

الآن، نجد أنفسنا في بلادنا وكوكبنا في نقطة تحول، فالعديد من الازمات تحوم حولنا والتي تشعرنا بالإرهاق والاكتئاب، ولكيلا نصاب باليأس ونجعله خياراً، اصبحت الحاجة الى فهم جيد للقوى السياسية والاجتماعية التي تحدد الحقبة التاريخية لكي نقف ونحارب الاوليغارشية وقوى الاستبداد ونبدأه اليوم والحاجة الى رؤية، لتوحيد مواطنينا في النضال من أجل العدالة والكرامة الانسانية.

تواجه الولايات المتحدة وبقية العالم في الوقت الحالي طريقين سياسيين مختلفين ، فمن ناحية هناك ميل متزايد نحو الاوليغارشية والاستبداد ، حيث يمتلك مجموعة من المليارديرية الاثرياء للغاية بسيطرتهم على جزء كبير من الاقتصاد وتاثير واسع على الحياة السياسية في بلدنا ، وفي المقابل هناك حركة مضادة ضد الاوليغارشية ، من الشبيبة وذوي الاجور الواطئة والذين يناضلون بشكل متزايد من اجل العدالة ،فالمعلمون يخرجون الى الشوارع من أجل الحصول على دعم مالي للمدارس وحصول الطلاب على تعليم جيد ،والعمال من شركات ديزني ،  أمازون ،وول مارت وصناعة وجبات الاكل السريعة ،الذين يكسبون اجرا قليلا ومطالبتنا ، أن لاتقل أجورهم عن 15 دولار في الساعة مع حقوق إنتسابهم وتنظيمهم في النقابات ،وكذلك الشباب المعارض لصناعات النفط والفحم والمطالبين بقوانين تحولٍ الى الطاقة البديلة ليحمي كوكبنا من الدمار الناجم من التغير المناخي ،والنساء اللواتي يرفضن السيطرة على أجسادهن ,الناس الملونون المطالبين بوضع حدٍ للعنصرية والظلم المنهجيين واصلاحات شاملة للهجرة.

وأسمحوا لي ان أوضح ما أعنيه بالاوليغارشية .في الولايات المتحدة تمتلك الآن ثلاث عوائل ثروات أكثر من نصف سكان البلاد ،اي مايقرب 160 مليون أمريكي وبأعلى معدل ومن أي وقت مضى منذ عشرينات القرن الماضي،ولهذا عندما أتحدث عن الاوليغارشية ،لاأعني الاثرياء الذين يزدادون ثراءً ،ولكن أيضاً عن عشرات الملايين الذين يعيشون المعاناة والمصاعب الاقتصادية واليأس والذين يكافحون من أجل البقاء، حوالي 40 مليون أميركي اليوم هم في فقر مدقع وينام في كل ليلة نصف مليون شخص في الشوارع وأكثر من نصف السكان يتحولون من عمل الى آخر لسد الحاجات ويتعرض الملايين منهم الى الحوادث والامراض ،أضافة الى حالات الطلاق ،والتسريح من العمل ،وتفتقر مدارس عديدة الى الموارد اللازمة للتعليم وعلى نحو كافٍ،وتعتبر أميركا من أكثر بلدان العالم المُكتضة سجونها.

وعلى مدار عقود شجعت سياستنا ودعمت الجشع غير المُقيد من أجل الارباح الكبيرة للشركات ،إقتصادنا مُخرب بالكامل وغير عادل رغم ارقام الناتج المحلي الاجمالي وسوق الاوراق المالية ومعدلات البطالة التي تعطي صورة جيدة ،لكن الملايين من الطبقة العاملة والطبقة الوسطى يجدون صعوبة في مواكبة الحياة ،فالاجور الحقيقية لم ترتفع بشكل كبير على الرغم من النمو الهائل في التكنولوجيا وأنتاجية العمل ،والملايين مُجبرون للحصول على وظائف متعددة في نفس الوقت للبقاء على قيد الحياة ،وهذه هي الحقيقة المدهشة التي يمكن قولها عن عواقب رأسمالية الليبرالية الجديدة.نحن جميعا نتمنى حياة طويلة ،مُرضية ومُنتجة ،مع ذلك يعيش الاثرياء في أميركا 15 سنة اكثر في المعدل من فُقراءه ،ففي مقاطعة ماكدويل ،فيرجينيا الغربية وهي واحدة من أفقر المقاطعات في البلاد بلغ متوسط العمر للرجال عام2014 ،(64 سنة) ،وفي مقاطعة فيرفاكس،فرجينيا الثرية التي تبعد500 كيلومتر فقط ،حيث يبلغ متوسط العمر للرجال 82عاماً تقريباً اي بفارق 18 سنة وبين النساء 12 سنة.

لهذا فأن مسألة الرأسمالية النيو ليبرالية ليست مجرد نقاش اكاديمي ،الفقر والصعوبات الاقتصادية واليأس هي قضايا وجودية لملايين اصحاب الاجورالواطئة ،الذين لاتتاح لهم الرعاية الصحية الكافية وبالكاد تجتمع كأسرة  ،في حين يصبح الاثرياء اكثر ثراءاً ،وهذا كله يعرض للخطر ،حلم اميركا نحوالتقدم الاجتماعي ،فلأول مرة منذ أزمة ثلاثينيات القرن الماضي سيعيش أطفالنا بمستوى أقل مما عاشه آبائهم والذي لايمكن القبول به.

من منظور عالمي تبدو الصورة واضحة  حيث يمتلك اليوم أغنى 26 ملياردير ثروة أكثر من (نصف سكان الارض )أي حوالي 4 مليارأنسان، فالاوليغارشية تبرز في جميع أنحاء العالم بتعزيزها الانظمة الاستبدادية في العديد من الدول ويجمع رؤساء بلدانهم كما هو مثلا جاير بولسونارو في البرازيل وفيكتور أوربان في المجر بين أقتصاد الشركات مع العنصرية والسلطوية ،وتحويل الاستياء العام من عدم المساواة وتدهور الوضع الاقتصادي الى غضب عنيف ضد الاقليات سواء كانوا مهاجرين أو أقليات عرقية أو دينية ويمارسون القمع مع الحد من الديمقراطية وحقوق الانسان ،والنسخة هذه موجودة بالطبع في الولايات المتحدة يقودها الرئيس ترامب وأنصاره الجمهوريون الذين يريدون تقسيم بلادنا ومهاجمة نفس هذه الاقليات والجماعات ،و ترامب صديق لروؤساء دول الاستبداد هذه والداعمين له.

هذه الاستراتيجية الاستبدادية ليست جديدة ،وهذا التحدي الذي يواجهنا اليوم وفي كل دول العالم لايختلف كثيراً عما قبل 100 عام أثناء فترة الكساد ،أي عام 1930 وبعده ،فاللامساواة الاجتماعية أدت الى صعود القوى اليمينية والقومية ،واستفاد الغوغائيون الدكتاتوريون في أوربا في ذلك الوقت من الغضب واليأس وعدم حل المشاكل الاجتماعية لانتعاش القوى القومية واليمينية والتي أدت الى تحطيم الديمقراطية ، قتل  فيها في النهاية الملايين من البشر(ومنهم من أفراد عائلتي)،هذه القوى الظلامية نراها هنا ونحن نشعر بالاشمئزاز تجاه النازيين الجدد وأعضاء كوكلس كلان وهم يسيرون في وضح النهار في فرجينيا ونشعر بالرعب حينما يتم أطلاق النار على أماكن العبادة من قبل أرهابيين متطرفين يمينيين. .

في شباط عام 1939 نظم 20 ألف من النازيين مظاهرة حاشدة ليس في برلين ولا في روما ،بل في حديقة ماديسون سكوير في نيويورك وبلافتة يبلغ ارتفاعها 10 أمتار مرسوم عليها الصليب المعكوف.

ومع ذلك لم يتمكن هؤلاء المتطرفون لحسن الحظ من تكرار ونجاح ماقام به اخوانهم الاستبداديون في الجانب الآخر من المحيط الاطلسي نظراً للازمة الاجتماعية والاقتصادية في ذلك الوقت، لأيديولوجية مختلفة عن هتلر وموسوليني في أوربا، والتي تمثلت في السياسة الشجاعة والمتبصرة للرئيس فرانكلين روزفلت، الذي ترأس الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، الى جانب الحركة العمالية والشخصيات الرائدة في المجتمع الاميركي الافريقي المؤيد لروزفلت داخل الحزب وخارجه، وأحدث تحولاً في الحكومة والاقتصاد في الولايات المتحدة.

وكما هو اليوم فقد عارضت الشركات الكبيرة،وول ستريت والمؤسسات السياسية والحزب الجمهوري والجناح اليميني في الحزب الديمقراطي للرئيس روزفلت وطموحه لتغيير عميق ،لكنه عمل على نفس اسلوب التخويف والتعامل الجارح بالتحريض ضد الشيوعية ،العنصرية ومعاداة السامية ،وتحدث في خطاب حملته الشهيرة عام 1936(كان يتوجب علينا محاربة أعداء السلام القدامى ,ضد الاحتكارات الاقتصادية والمالية وضد المضاربة والخدمات المصرفية المتهورة والاعداء الطبقيين ورابحي الحروب

والذين بدأوا بالفعل في رؤية حكومة الولايات المتحدة بأعتبارها ملحق لشركاتهم الخاصة ،وقد اصبح واضحاً لنا ،أن حكومة المال المُنظمة هي بنفس خطورة حكومة الجريمة المُنظمة ولم يحدث في تأريخنا ان تتحد هذه القوى ضد مرشح كما هو الحال الان،فهم يتفقون على كراهيتهم لي وأنا أُرحب بكراهيتهم )

واليوم نحتاج الى (الصفقة الجديدة) التي قام بها الرئيس روزفلت ،مثل الضمان الاجتماعي واستحقاقات البطالة والحد الادنى للاجور وحماية المزارعين وتنظيم(وول ستريت) والتحسين الهائل في البنية التحتية والتي تعتبر حجر الزاوية في المجتمع الاميركي ،مع ذلك لاننسى وقوف قلة من العوائل على أجراءاته وتدابيره السياسية الشائعة بأعتبارها (أشتراكية)،وتعرض ليندون جونسون ايضاً لهجوم شديد عند قيادته البلد في ستينات القرن الماضي عندا أقدم على سياسة الرعاية الطبية وغيرها الشائعة ،وفي هذه النقطة بالضبط لاأبالغ القول ،من ان سياسة روزفلت ساعدت حياة الملايين الامريكيين وكانت مساهمة منه للفوز على اليمين المتطرف في تلك الفترة.

اليوم تقترب الولايات المتحدة والعالم بأتجاه أستبدادي ،حيث أخذت نفس القوى اليمينية من الاوليغارشيين والنزعة القومية والعنصرية  بالتصاعد مرة أخرى لمحاصرتنا بأتخاذ خيار مدمر للغاية كما اختارته أوربا في القرن الماضي.

اليوم نتعامل مع حفنة من أصحاب المليارات بثروة وقوة اكبر من أي وقت مضى ،مع الاحتكارات الخاصة التي يمكنها التحكم بحياتنا تقريباً وصولاً الى اصغر التفاصيل وانتزاع الديمقراطية واثقال المواطنين ،دافعي الضرائب ومستفيدين كحرس على بوابة نظامنا في الرعاية الصحية والانجازات التكنولوجية والنظام المالي وكل مايتعلق بالاحتياجات الاساسية الضرورية المُسيطر عليها من الوول ستريت وشركات التأمين وشركات الادوية وصناعة النفط والفحم والمجمع الصناعي العسكري ومجمع السجن الصناعي والممتلكات الزراعية الضخمة ،فهي هياكل لديها ثروة غير محدودة تحيط بالكونغرس في واشنطن مع الالآف من جماعات الضغط ذوي الاجور الجيدة ،الذين لهم دور أساسي في صياغة القوانين التي نعيش تحت ظلها ،ويجلس اليوم في البيت الابيض ديماغوجي ،يحاول تحقيق فوائد سياسية محدودة يبعد أنتباه الشعب الاميركي عن مشاكلنا الحقيقية.وكما يفعل الديماغوجيون دائماً،بتقسيم السكان وينشر الكراهية ويكتبها كقانون ،الرئيس الذي يبني الجدران الحديدية بشكل وحشي مدافعاً عن ابعادهم عن أُسرهم ويوقف أعطاء تأشيرات الدخول للمسلمين .

اعتقد وبشكل راسخ ،أنه يجب على الولايات المتحدة الابتعاد عن الكراهية والانقسام وأن نبحث بدلاً منه عن النزاهة الاخلاقية وبطريقة افضل ،طريق الرحمة والعدالة والمحبة ، مُسمياً هذا المسار بالاشتراكية الديمقراطية ،وقبل اكثر من 80 عاماً ،ساعد فرانكلين روزفلت في تشكيل حكومة عملت من أجل تلبية أحتياجات أُسرالعمال والتي أحدثت تغيرات تحويلية .اليوم وفي العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين علينا أتمام هذه المهمة غير المكتملة للحزب الديمقراطي وتحقيق هذه الرؤية ،ولتحقيق هذا الهدف يجب أن نلتزم بحماية حقوقنا السياسية وحقوقنا المدنية،وكذلك الحقوق الاقتصادية ولجميع الناس في بلادنا،وكما قال روزفلت عام 1944 في خطابه عن حالة الامة (لقد أدركنا بوضوح أن الحرية الشخصية الحقيقية لايمكن أن يتمتع بها الفرد دون الامن الاقتصادي والاستقلال).

أن وثيقة الحقوق يضمن العديد من الحقوق السياسية المهمة للسكان الاميركيين ، التي ينص عليها الدستور ،وعلى الرغم من أن هذه الحقوق لم يتم أحترامها دائماً ومازال امامنا الكثير من العمل ،ونحن فخورون بأن دستورنا يضمن حرية الدين وحرية التعبير وحرية التجمع وحرية الصحافة ،ونعرف أن ذلك يأتي عندما تكون بلادنا خالية من الطغيان الاستبدادي.

وعليناالآن ان نتخذ الخطوة التالية لضمان حقوقنا الاساسية ،الحق في الرعاية الصحية الجيدة والحق في التعليم والحق في وظيفة لائقة تضمن العيش والحق بالسكن باسعار معقولة والحق في تقاعد آمن وفي بيئة نظيفة،وعلينا أن نفهم أن الحقوق الاقتصادية هي حقوق الانسان في أغنى بلد في العالم للقرن الحادي والعشرين،وهذا ماأعنيه بالاشتراكية الديمقراطية كما قالها مارتن لوثر كنغ (تستطيع أن تسميها ديمقراطية أو أشتراكية ديمقراطية ولكن يتوجب أن يكون هناك توزيع أفضل للثروة في هذا البلد وللجميع، ولتحقيق هذا الهدف يجب أن لانرى الولايات المتحدة كمجموعة من الافراد المنعزلين فقط ،بل كجزء من شبكة معقودة تتعامل مع بعض كرداء واحد ) وقال ايضاً (يجب أن نلتصق ببعضنا البعض ونرى أنفسنا جزءاً من أمة ومجتمع بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو الميل الجنسي أو الاصل،وهذا المثال للفكرة الاميركية مصكوك في عملتنا حرفياً (الفرد من الجميع) وهي بالمناسبة شعار حملتنا للرئاسة الانتخابية(نحن وليس أنا).

وبالنسبة لي والتقدميون الآخرون اصبح واضحاً في مواجهتنا لهجمات كبيرة من الذين يحاولون استخدام كلمة (أشتراكية) ككلمة قذرة ،وقد تعرضت لتلك الهجمات ومنذ عقود ونجوت منها ولم أكن الوحيد فيها.

ونتذكر عام 1932،عندما أدعى الرئيس الجمهوري هربرت هوفر أن صفقة فرانكلين روزفلت الجديدة هي (تمويهاً لدولة شمولية)وكذا قال الحاكم الديمقراطي السابق والمرشح للرئاسة عام 1936 في خطاب عن روزفلت في جلسة عشاء (عليك فقط أن تأخذ البرنامج الانتخابي للحزب الديمقراطي والحزب الاشتراكي ووضعه جنباً الى جنب على طاولة غرفة الطعام).

وعندما أقترح الرئيس هاري ترومان التأمين الصحي الوطني ،عينت الجمعية الطبية الاميركية رونالد ريغان وجهاً أعلانياً لها ووصفت تشريع ترومان (بالطب الاجتماعي) مُدعيةً أن موظفي البيت الابيض هم من مؤيدي (خط موسكو) .

وفي رسالة الى ريتشارد نيكسون عام 1960 كتب رونالد ريغان عن جون كينيدي مايلي(لايزال كارل ماركس القديم يعشعش تحت شعرهذا الرجل المضطرب).

ووصف عضو الكونغرس نيوت غينغيرتش في التسعينات خطة بيل كلينتون الصحية بأنها (أشتراكية بيروقراطية مركزية) ،ووصفت مؤسسة التراث المحافظ برنامج التأمين الصحي للاطفال بأنه (تحول الى الاشتراكية) ،وقال رئيس مجلس النواب السابق جون بوينر ،أن خطة التحفيز والميزانية وقانون الرئيس أوباما (مجرد مقدمة الدفعة الاولى لتجربة أميركية أشتراكية جديدة).

لذا كان الرئيس ترومان على حق عندما قال(الاشتراكية هي الكلمة القذرة التي ألقوا بها لأي تقدم حصل خلال السنوات العشرين الماضية ،فالضمان الاجتماعي بالنسبة لهم هي الاشتراكية وكذلك التأمين على الودائع المصرفية ،وأدَعوها أشتراكية عند ظهور النقابات الحرة والمستقلة وأصبحوا يُسمون كل شئ تقريباً أشتراكية ،عندما يتعلق الامر بالمساعدة السكانية).

ويجب علينا القول ورغم أن الرئيس ترامب والقلة من زملائه بأهانتنا كممثلين للاشتراكية الديمقراطية، فهم يكرهون الاشتراكية الديمقراطية لأنها مفيدة للعمال، لكنهم يحبون اشتراكية الشركات الكبيرة والتي من خلالها تجعل ترامب وغيرهم من أصحاب المليارات أثرياء.

ولاننسى النفاق الهائل في وول ستريت ،هذا الكاهن الكبير لرأسمالية الليبرالية الجديدة .

وبعد هذا الجشع من اجل الربح وعدم اللامبالاة والسلوك غير القانوني التي ادت الى أسوأ كارثة أقتصادية منذ الكساد العظيم ،فقد فيها ملايين الامريكيين وظائفهم ومنازلهم ومدخراتهم عام 2008 ، فقد وصلت الوول ستريت المتحمسة للراسمالية النيوليبرالية الى نهاية مفاجئة ،ففي ليلة وضحاها أصبحت تتوسل للحصول على  أكبر أعانة مالية حكومية في تاريخ الولايات المتحدة وبحوالي 700 مليار دولار من وزارة الخزانة وتريليونات من الاحتياطي الفيدرالي الاميركي.

ولكن الوول ستريت ليست الوحيدة التي تحب الاشتراكية عندما تستفيد منها ،هذا الاتجاه الشائع في عالم الشركات كله،ففي الواقع تتلقى الشركات الاميركية الكبرى مئات المليارات من الدولارات كدعم حكومي كل عام ،وفي نفس الوقت يريد هؤلاء الاشخاص أنفسهم قطع البرامج الاجتماعية التي من شأنها أن تفيد عامة الناس الاميركيين،فشركات النفط والفحم تدمر أرضنا بأنبعاثاتها الكربونية بتلقيها مليارات الدولارات كدعم حكومي،ولاسيما الاعفاءات الضريبية وأسعار التراخيص والدعم المالي الخاص للبحث والتطوير مستفيدة من العديد من الثغرات الضريبية. أو شركة صناعات الادوية التي تحقق ارباحاً كبيرة من براءات الاختراع، يتم تمويلها وتطويرها بأموال ضريبية، وكمثال لأكبر قوة أحتكارية مثل أمازون التي يمتلكها أغنى رجل في الولايات المتحدة الاميركية، تحصل على حوافز تبلغ ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب لبناء مستودعات وفي المقابل لاتدفع سنتاً واحداً من الضرائب.

عائلة والتون، أغنى عائلة ثرية في الولايات المتحدة الاميركية والمستفيد الكبير من الاعانات الحكومية لموظيفه والعاملين، كونهم يحصلون على أجور متدنية، يعتمدون على المواد الغذائية الرخيصة والمساعدات الطبية والسكن الاجتماعي من أجل البقاء على قيد الحياة.

وتتلقى عائلة ترامب مليون دولار من الاعفاءات الضريبية والاعانات لامبراطوريته السكنية والمملوكة لاسرتهِ والقائمة على العنصرية ،وأذا كان ترامب تزعجه الاشتراكية ،فلن يفلت من نفاقه امام الاميركيين،فهو يهاجم كل شئ ،الضمان الاجتماعي،الرعاية الطبية ومنها الرعاية الصحية للمحاربين القدامى،،المدارس العامة، المتنزهات ،الماء النظيف والهواء النقي،وعندما يهاجم الاشتراكية ، افكر بما قاله مارتن لوثر كنغ(هذا البلد هو أشتراكية للاغنياء ،قسوة وأنعزالية للفقراء).وهذا هو الفرق بيني وبين ترامب،فهو يعتقد بأشتراكية المالكين الكبار،أنا أومن بأشتراكية ديمقراطية للعائلات والعاملات والعمال في بلادي.وأومن بحصول الاميركيين على الحرية ،الحرية الحقيقية ،هذه الكلمة التي تستخدم كثيراً ،في وقت أصبح لزاما أن يكون واضحاً ،ماذا تعني حقيقة هذه الكلمة ،ولهذا أسألكم ،ماذا يعني أن تكون حقاً حُراً؟

هل الانسان حُر عندما لايستطيع أثناء مرضه أن يزور الطبيب ،أو الفرد الذي يتعرض الى إفلاس مالي ،وهل هو حُر عندما يغادر كمريض المستشفى ولايستطيع تحمل دفع أجور الدواء الذي يحتاجه ليتعافى ليبقى على قيد الحياة ،وهل الانسان حُر عندما يحاول بناء بيت له من مدخراته ويحتاج أضافة لذلك الى قرض بنكي بفائدة خيالية ؟هل الانسان حُر عندما يضطر للعمل وهو في عمر السبعين لانهُ لايملك تقاعداً ولم يستطع التوفير، أو الذي لايستطيع الدراسة في الجامعة كون عائلته لاتتحمل النفقات ، وكيف يكون حُراً عندما يضطر المرء العمل 60 ساعة او أكثر في الاسبوع لعدم وجود ما يكفيه لمعيشة طبيعية ،وأين هي الحرية عندما تضطر الام والاب الى العمل بعد ولادة طفل لهم لعدم توفرأجازة قانونية للأم ،أو عندما يتعرض صاحب محل صغير أو مزرعة عائلة صغيرة الى ضغوطات من الشركات الكبيرة ،أو الذين دافعوا عن البلاد لفترة طويلة وهم ينامون الآن في الشوارع.

الجواب لسؤالي ولأغنى بلد في العالم ،كلا المواطن هنا ليس حُراً.

أن وثيقة الحقوق تحمينا من طغيان الحكومة القمعية ،في حين أن  بعضاً من المؤسسات تريد من الاميركيين أن يذعنوا ويتعاملوا مع طغيان الاوليغارشيات والشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات وبنوك الوول ستريت والمليارديرية ،ولقد حان الوقت للشعب الاميركي للوقوف والنضال من أجل حقه في الحرية والكرامة الانسانية والأمن وهو جوهر سياسي ولهذا علينا تشريع قانون حقوق القرن الحادي والعشرين، تنصُ والى الابد ،على ان جميع الاميريكيين يتمتعون بالحقوق التالية.

الحق في عمل مستقل وبأجور يستطيع العيش بها،وحقه في رعاية صحية جيدة ،التعليم الشامل ،السكن بأسعار معقولة والحق في بيئة نظيفة وتقاعد مضمون .

وقدمت خلال حملتي الانتخابية مقترحات مفصلة للحقوق الاقتصادية التي لم تتحقق بعد،حيث يجري التشويش على حقوقنا المدنية وسنواصل ذلك رغم الهجمات اليومية  ضدنا ،لاجل ان يجري الفهم الصحيح لها ، فالاشتراكية الديمقراطية تعني لي،ضرورة تحقيق الحرية الاقتصادية لمجموع المجتمع ،و لايمكن تحقيق هذه الاهداف بوضوح الا من خلال ثورة سياسية ،يشارك فيها الملايين من الاشخاص لاستعادة ديمقراطيتنا ووجود الشجاعة لمعارضة مصالح الشركات الكبيرة المتنفذة ،الذين بجشعهم من أجل الربح يدمرون النسيج الاجتماعي لبلدنا وهم فقط 1%، أذن نحن 99% يمكننا تحويل المجتمع وللقيم التي أؤمن بها، ولهذه الاسباب أُسمي نفسي أشتراكياً ديمقراطياً والتي تعني الرخاء والعدالة الاجتماعية والحرية للجميع.

*كلمة القاها في جامعة جورج واشنطن أواسط عام 2019،المرشح للرئاسة الاميركية من الحزب الديمقراطي الاميركي.