في الفاتح من شباط العام 1998 توقف قلب المناضل الشيوعي جورج الياس طوبي (أبو الامير) عن الخفقان، وبذلك انتهت حياة إنسان قضى عمره مكافحًا في صفوف الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، قابضًا على جمرة المبادئ التي آمن بها حتى النخاع، وفي الدفاع عن مبادئ السلام والتآخي والمساواة بين شعبي هذه البلاد والمنطقة، وظل حتى آخر رمق في حياته في خدمة المثل العليا التي ذاد عنها وسعى لأجل انتصارها، فكان شيوعيًا وجبهويًا نشيطًا ومقاتلًا لأجل قضايا شعبه، وفي سبيل سلام الشعوب والتآخي بين جميع الديانات، ولم يتوانَ عن ذلك حتى عندما داهمه المرض.

جورج طوبي من مواليد حيفا العام 1929، أنهى دراسته الابتدائية في المدرسة الابتدائية التابعة للطائفة الارثوذكسية بحيفا، وأكمل دراسته الثانوية بكلية صهيون في القدس، وشارك في النشاطات الطلابية الوطنية والمظاهرات ضد الانتداب البريطاني، وكان يقوم بتوزيع مجلة الشبيبة الشيوعية "الغد"، ثم صحيفة " الاتحاد " في الكلية.

وبعد أن انهى تعليمه في القدس عاد إلى حيفاه، وعمل في مصانع تكرير البترول. وفي أواخر العام 1948 انتسب للحزب الشيوعي، وبدأ نشاطه في صفوف الحزب، وأقام أول نواة للشبيبة الشيوعية، وكان له مساهمة كبرى في بناء منظمة الشبيبة الشيوعية في البلاد، لتصبح منظمة يهودية عربية قوية وجماهيرية.

أنتخب جورج طوبي عضوًا في اللجنة المركزية خلال عدة دورات أخرها في المؤتمر العشرين للحزب، وأشغل عضوًا في سكرتاريا اللجنة المركزية للحزب، وفي سكرتارية منطقة حيفا الحزبية، والمحرر المسؤول لمجلة " الغد " الشبابية.

ومثل جورج طوبي الحزب في براغ كعضو في هيئة تحرير مجلة " قضايا السلم والاشتراكية "، ثم ممثلًا للحزب في موسكو. وعلى امتداد سنوات كان سكرتيرًا للجنة العلاقات الخارجية للحزب، وشارك في الكثير من اللقاءات ومؤتمرات الاحزاب الشيوعية الشقيقة، وكان شخصية معروفة لدى قيادات هذه الاحزاب.

وعرف جورج طوبي كأحد النشيطين في مؤسسات الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وكان عضوًا بمجلسها القطري، وفي ادارة فرع حيفا.

اقترن جورج طوبي بالمناضلة والناشطة والنقابية المعروفة المرحومة تسيبورا شاروني، بعد أن تعارفا في صفوف الشبيبة الشيوعية، وبقيت رفيقة  حياته ودربه حتى وفاتها في العام 1997.

جورج مناضل شيوعي أصيل وعنيد ومبدئي، وقائد أممي بارز وصادق أعطى لشعبه وحزبه أكثر مما اخذ، كرس حياته في خدمة القيم والمبادئ التي حملها، وكان رسول السلام والتعايش بين الشعبين، وتركت وفاته فراغًا في صفوف الحزب.

عاش جورج طوبي سياسيًا معطاءً في ميادين وساحات الكفاح والنضال والتضحيات، وقضى وهو لا يزال يزخر بالتجربة الكفاحية الغنية، دفاعًا عن حقوقه الوطنية والطبقية والمصيرية، وعن القضية الفلسطينية المحقة.

وفي ذكرى جورج طوبي نحني هاماتنا احترامًا وتقديرًا لمسيرته التاريخية الكفاحية، ولمواقفه السياسية والوطنية التي لم يحد عنها أبدًا. فطاب ثراه وعاشت ذكراه خالدة في ثقافتنا وتاريخنا النضالي وفي قلوب المناضلين لأجل الحرية والعدالة الاجتماعي والتقدم العصري.

عرض مقالات: