تتواصل في فنلندا، ردود الأفعال، حول قضية احتجاز النائبة الفنلندية اليسارية آنا كونتولا (42 عاما) يوم 13 كانون الثاني الجاري في إسرائيل لمدة عشر ساعات، بتهمة التحريض على أعمال غير قانونية. وكانت النائبة أفادت بأنها توجهت مع مجموعة ناشطين دولية لتنظيم تظاهرة عند حدود غزة، تهدف الى لفت الانتباه الى الوضع البائس وانتهاكات حقوق الإنسان هناك.
ويُعرف عن النائبة نشاطها الدؤوب في مناصرة القضية الفلسطينية، ومعارضة صفقات السلاح ما بين إسرائيل وفنلندا.
منذ عام 2007، حين حاصرت إسرائيل قطاع غزة، نشأت هناك ازمة إنسانية واجتماعية واقتصادية راحت تزداد سوءا تبعا للمراقبين، هذا إذا عرفنا بأن 97 في المائة من احتياطيات المياه الجوفية في غزة غير صالحة للشرب، ويعيش في القطاع حوالي مليون شخص، 70 في المائة منهم لاجئين ونصفهم من الأطفال. ويعيش أكثر من نصف السكان في فقر شديد، ويعتمد 80 في المائة على المساعدات الإنسانية ويعيش حوالي 70 في المائة في حالة من انعدام الأمن الغذائي.
وتشير المعلومات بأنه بسبب سوء التغذية، يعاني 31 في المائة من الأطفال في سن ما قبل المدرسة في غزة من فقر الدم، يقابل ذلك نقص خطير في الأدوية الأساسية.
بعض أحزاب اليمين الفنلندية انتقدت نشاط النائبة كونتولا، وانضمت لهم السفارة الإسرائيلية في فنلندا ببيان احتجاج أرسل الى وسائل الأعلام، وكذلك ناطق باسم الجالية اليهودية في فنلندا، اعتبر نشاط النائبة معادياً للسامية.
من جانبها ردت النائبة، بان "اليهودية والصهيونية امران مختلفان، وان انتقاد الحكومة الفنلندية لا يعني معارضة للديانة اللوثرية". ويذكر ان رئيسة حزب أتحاد اليسار ووزيرة التعليم لي اندرسون، ثمنت نشاط النائبة آنا كونتولا واعتبرته منسجما مع سياسات وقيم الحزب في دعمه للقضية الفلسطينية.
واعادت هذه القضية للأذهان موضوع تجارة الأسلحة ما بين فنلندا وإسرائيل فالمعلومات الرسمية التي تابعناها ومن عدة مصادر، تشير الى ان فنلندا اشترت اسلحة من إسرائيل بقيمة وصلت الى حوالي 400 مليون يورو، منها أنظمة راديو ميدانية، وصواريخ سبايك المضادة للطائرات، بل وتفيد المعلومات بأن شركات سلاح فنلندية ساهمت في عامي 2006 و2007 بتوفير قطع غيار لهذه الصواريخ المرخصة للتصدير الى العديد من دول العالم.
وتبعا لمنظمات حقوق الانسان العالمية ان بعض أنواع هذه الصواريخ استخدم في الهجمات ضد المدنيين في غزة. حددت وزارة الدفاع الاسرائلية في نهاية عام 2019 فنلندا باعتبارها واحدة من الدول الست التي كانت صادراتها اليها من الأسلحة واسعة النطاق وذات أهمية خاصة.
من هنا أهمية وحساسية نشاط النائبة اليسارية، التي احرجت الحكومات السابقة المسؤولة عن كل هذه الصفقات. فهي تعارض التبادل التجاري في مجال الأسلحة، انطلاقا من معاهدة تجارة الأسلحة للأمم المتحدة وقوانين الاتحاد الأوربي، التي تقيد هذا النشاط في الدول التي تخوض حروب وتسجل فيها انتهاكات لحقوق الانسان. والنائبة اليسارية صريحة في اتهام السلطات الإسرائيلية وشركات السلاح بكونها تروج لمنتجاتها مستخدمة الاراض الفلسطينية المحتلة كمجال واقعي لاختبار وتطوير انظمة أسلحتها. وقد ادلت بتصريح مباشر لوسائل الاعلام اشارت فيه الى "أن استمرار تجارة الأسلحة ما بين فنلندا وإسرائيل يبعث رسالة بان انتهاكات إسرائيل الخطيرة والمتواصلة للقانون الدولي ليس لها أي عواقب "
يذكر ان العلاقات بين فنلندا وإسرائيل تشهد نشاطا متواصلا في المجالات الدبلوماسية والتجارية والثقافية، ويقدر عدد الفنلنديين الذين يزورون إسرائيل كل عام بحوالي 10 آلاف شخص. وكانت فنلندا اعترفت رسميا بإسرائيل في 1949، وأقامت العلاقات الدبلوماسية عام 1950. ومواقف فنلندا من القضية الفلسطينية، متوازنة وتتبع طبيعة الحكومات التي تدير دفة البلاد، فقد أيدت فنلندا اتفاقية أوسلو وهي تناصر حل الصراع في الشرق الأوسط على أساس الدولتين، وتنسج سياستها بهذا الشأن مع سياسة الاتحاد الأوربي، وهكذا افتتحت ممثلية لدولة فلسطين دون الاعتراف الرسمي بها، كما أدانت فنلندا، مع الاتحاد الأوروبي ، الحصار الإسرائيلي ضد قطاع غزة ، وسجلت فنلندا العديد من المواقف الإيجابية والمشهودة في الأمم المتحدة وكان اخرها التصويت لصالح تجديد تفويض وكالة الأونروا ومواصلة عملها في توفير اساسيات الحياة للاجئين الفلسطينيين، إضافة الى الدعم المباشر المتواصل للقطاع الصحي والتعليمي في مناطق مختلفة من فلسطين.