بلا شك أن المتنفذين ومن بيدهم ناصية القرار ، المتحكمين برقاب شعبنا والجاثمين على صدور الناس من 2006 م وما زالوا كذلك .
هؤلاء قد أعماهم المال ومغانم السلطة ووجاهتها ومغرياتها ، فأصبحوا لا ينظرون أبعد من أرنبة أُنوفهم ، ولا يسمعون صرخات الملايين ، وهم يشكون البؤس والظلم والجوع والحرمان على أيدي هؤلاء الفاسدون .
رغم كل تلك المناشدات والاستغاثة والصرخات المدوية والتي تصل الى عنان السماء ، رغم ذلك فهم لا يسمعون ولا يريدون أن يسمعوا ، حفاظا على سلطتهم وما هم عليه من نعيم ، ولا يهم إن مات كل الشعب !.. المهم أن يكونوا هم بخير .
أقول للنظام السياسي والقوى المستفيدة من المحاصصة والفساد وغياب الدولة !.. سوف لن تحصدوا من سلوككم المدمر غير الخذلان والندم !..
ولن تفلحوا في مسعاكم البقاء على رأس السلطة ، مهما حكتم في الغرف المظلمة من خطط ومشاريع ومؤامرات لإنهاء وتصفية الانتفاضة ورموزها وقادتها ، مهما امتلكتم من قوة، ومهما حصلتم من دعم ومساندة من إيران ومن يسير في ركب السياسة الإيرانية ، هذه السياسة المدمرة لحاضر العراق ولمستقبله ومستقبل شعبه .
إن تبعية وولاء أغلب قوى وأحزاب الإسلام السياسي الشيعي لإيران معروفة ولا تحتاج الى أدلة وبراهين ، والتدخل الإيراني في العراق تدخلا سافرا ، وكأن العراق ضيعة تابعة لإيران ، بالرغم من رفض قواعد وجماهير أحزاب الإسلام السياسي لتلك السياسات ، التي كانت تدين بالولاء لهذه الأحزاب الطائفية الفاسدة حتى فترة غير بعيدة .
الانتفاضة التي بدأت شرارتها يوم 1/10/2019 م كشفت حقيقة موقف الملايين من هذا النظام ومن الأحزاب الحاكمة ومن طبقة اللصوص الحاكمة .
كانت انتفاضة الشعب في الوسط والجنوب ، استفتاء شعبي على رفض للنظام القائم برمته، وطرحوا شعار لا لهذا النظام الفاسد ، نريد وطن نعيش فيه بأمن ورخاء وسلام ، نتمتع بخيراته ونشارك في بنائه ، نريده مستقلا من دون تدخلات وإملاءات ووصاية أجنبية ، كما هو العراق اليوم ، فاقد لاستقلاله الوطني منذ عقد ونصف .
الملايين خرجت في عدد من محافظات الوسط والجنوب ، في اليوم الأول من أُكتوبر المجيد ، وما زالت معتصمة في سوح التحرير والاعتصام والتظاهر حتى اليوم .
ما يميز هذه التظاهرات ليس فقط طابعها السلمي ، وإنما كانت عابرة للطوائف والقوميات والمناطق ، كانت وطنية وتهتف للعراق وحبهم للعراق ، والعلم العراقي كان الأسمى ، ترفعه هامات الشباب والشابات ، ومرسوم على خدود الصبية والصبايا ، وتصدح الخناجر بالتغني بالوطن وحبهم له ، واستعدادهم للتضحية في سبيله بالنفس والنفيس ، يريدوه سعيدا مستقلا عزيز .
هتف هؤلاء الثائرين ومنذ أربعين يوما !...
ارحلوا أيه الفاسدون ، نريد وطنا نظيفا ، خال من الفساد ومن الطائفية والمحاصصة ومن الميليشيات والسلاح المنفلت ، نريد تحقيق العدالة والمساواة وتوفير حياة أمنة وعيش كريم.
هذه المطالب هي من شروط المواطنة ، والدولة ملزمة في توفيرها ، ومن حقوق المواطن على ( الدولة ! ) تحقيقها !!..
لم تستطيعوا أيه اللصوص الفاسدون ، لم تستطيعوا تحقيقها وليس لكم الرغبة ولا النية في تحقيقها .
كل ما يتم تسويقه اليوم لا يعدوا كونه ، كذبا ورياءا ونفاقا وتظليلا وتسويفا .
هذه الملايين تهتف بسقوط ورحيل النظام السياسي وأحزابه والميليشيات التابعة لهذه الأحزاب ، تطالبهم بالتنحي ومغادرة السلطة والى الأبد .
هو استفتاء بعدم شرعيتكم ، ورفض تسلطكم وفسادكم ، احملوا حقائبكم وغادروا العملية السياسية وإلى الأبد ، لا مكان لكم في عراق اليوم .
قدمت هذه الصفوة من الثائرين ، من الفتية والفتيات الكريمة الشجاعة ، الواعية والمتبصرة لما تريد وماذا تريد .
قدم هؤلاء الثائرون أكثر من 300 شهيدا ، والعدد أكثر من ذلك بكثير ، وأكثر من 20000 ألف جريح ومصاب ، وأعداد كبيرة من المعتقلين ، وعدد من المغيبين والمختطفين .
ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الناشطة المدنية صبا المهداوي ، التي مر أسبوع على اختطافها وما زال مصيرها مجهولا ، وهو أمر يدعو الى القلق الشديد على مصيرها .
قبل ثلاثة أيام تم اختطاف الناشط المدني على هاشم ، ولم يطلق سراحه حتى الساعة ، ونجهل مصيره حتى الأن ، وهناك أعداد أخرى لم تحضرني أسمائهم ، وما زال جميع هؤلاء مصيرهم مجهولا .
الحكومة لم تكلف نفسها وتخرج علينا وتخبرنا عن مجريات التحقيق لنطمئن وأهليهم وأحبتهم على مصيرهم .
رغم كل تلك التضحيات الجسام وما قدمته هذه الجموع الكريمة في سبيل الوطن والمواطن، هناك ما زال من يحاول تسويف نضال وتضحيات هذه الملايين ، من السلطات الثلاث .
نوايا الالتفاف حاضرة في أذهان هؤلاء الفاسدون ، وما يمارسه النظام السياسي المتنفذ والمستفيد من الإبقاء على هذا النظام المتخلف والجاهل .
يحاول هذا النظام اجراء بعض الترقيع ، الذي لا يمس جوهر النظام والعملية السياسية والفاسدين ، هذا النظام القائم على المحاصصة ، ويحاولون تحسين وجهه القبيح ، بعملية تجميل وتحسين صورته عند الرأي العام العراقي والدولي .
كما هو معروف فإن الحمقى والمتجبرين والفاسدين ، تستهويهم السلطة ومكاسبها ويستهويهم الكرسي وما يعود عليهم من مكاسب جراء ذلك !..
هذا الكرسي لن يتركهم يهنؤون بميزاته !.. حتى يأتي عليهم ويفقدوا حياتهم وحياة عوائلهم ومن هو في دائرتهم ، نتيجة جشع وطمع وسرقات المال العام ، التي أصبحت واضحة ، كما الشمس في ظهيرة تموز في عراقنا ، وما ارتكبوه من جرائم بحق هذا الشعب .
هؤلاء ينفع معهم النصح إن نصحتهم ، هكذا هم المتجبرون والمتسلطون وحمقى السياسة ومفسديها ، حتى يصلوا الى نهاية لا ينفع حينها ندمهم وأسفهم .
كما بينت بأن هناك ما يحاك خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة من قبل المتسلطين والمنتفعين وتجار السياسة ، تسريب أخبار عن اتفاق بين أغلب الكتل الشيعية ربما باستثناء كتلة النصر ، في نيتهم إعادة إنتاج [ التحالف الشيعي الطائفي ! ) بمباركة وتأييد الكتل ( السنية والتحالف الكردستاني ! ) !!...
بالتأكيد لهذا التأييد والمباركة ثمن ، على التحالف الشيعي أن يدفعه للأطراف السنية والكردية كمكافئة على هذا التأييد ، والثمن معروف ومفهوم !.. بوعود .. حصولهم على الامتيازات من خريطة النظام ( السياسي الجديد ! ) !..
ربما سائل يسأل .. هذه الفاتورة من الذي سيدفعها ؟..
الجواب ومن دون تردد :
ستدفعها الانتفاضة والمنتفضون ودماء وأرواح الضحايا إن نجحوا في مسعاهم هذا ، في محاولة لإعادة العربة الى الخلف ، وتأجيل عملية التغيير لقيام نظام جديد قديم !!.. على نفس القواعد القديمة ، وبتحسينات للمظهر الخارجي ، والإبقاء على جوهر النظام القديم .
أقولها مخلصا وصادقا لهؤلاء ، وللشعب والوطن ولمسيرة عملية التغيير ، التي تسير الى الأمام مهما وضعت أمام هذه المسيرة من عقبات ، وبما يخدم ويطور هذا الوطن الذي مزقته الحروب والطائفية السياسية والمحاصصة والفساد بكل أشكاله ، وتغييب للدولة وقيام بديل عنها دويلات طائفية وعرقية وحزبية وعلى أساس المنطقة والعشيرة !..
أقول للجميع ، وعلى وجه الخصوص [ للساسة المحسوبين على الطائفة السنية الذين يدعون تمثيلهم للسنة العرب كذبا ، ولمن يدعي تمثيله للأكراد من أحزاب ومنظمات وجمعيات ! ] ..
أقول لهؤلاء جميعا ، إن حلفكم وتحالفكم المزمع الدخول فيه ، حلف غير مقدس ، هذا الذي تنون عقده مع الإسلام السياسي الشيعي وتأييدكم المدفوع الثمن ، وما ينون فعله ، بدفع وتخطيط ومباركة وتأييد من قبل ولاية الفقيه والنظام القائم في جمهورية إيران الإسلامية .
هذه الشراكة أو هذا الحلف المشبوه والذي يتنافى مع مصالح العراق وشعبه ، سوف لن يعود عليكم إلا بالويل والثبور ، وستخسرون كل شيء !!..
أقول كل شيء ، ستخسرون انتمائكم الوطني للعراق ، وتخسرون ثقة من تعتقدون بأنكم تمثلونهم من قواعدكم وجماهيركم ، ناهيك عن كونه خيانة للوطن ولشعبكم وللضمير وللأخلاق والقيم ، وستلاحقكم اللعنة على امتداد التأريخ .
أنتم تعلمون بأن قانون الحياة عادل ومنصف ، وفي أخر المطاف لن يصح إلا الصحيح ، وستعاود عجلة الحياة مسيرتها ولن تتوقف في سيرها لخلق التغيير المنشود أبدا ، عاجلا كان ذلك أم أجلا .
ثورة شعبنا ستستمر مهما حاولتم إيقاف مسيرتها ، أو تسببتم في تأخير حركتها ، لكنها ستنتصر لا محال ، إن لم يكن اليوم فغدا ، وإن غدا لناظره قريب .
المجد كل المجد لشهداء ثورة تشرين المجيدة ، ولهم الذكر الطيب والخلود الأبدي .
كل الأماني الطيبة بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين ، ليعودوا لأهلهم ومحبيهم يرفلون بثوب العافية ، ويعاودوا الانضمام الى شبيبتنا وفتياتنا لدعم ثورة الشعب المظفرة الباسلة .
نرفع القبعات ونقف متسمرين أمام ما يسطرونه من مأثر وبطولات ، هذه الكواكب المتلألئة المنيرة التي تصنع المجد والبطولة في كل محافظات العراق المنتفضة .
تنحني الهامات لهذه اللبوات والأشبال ، الذين يتسمرون في سوح الشرف والشجاعة لرسم معالم مستقبل زاهر سعيد في العراق الجديد .
يا جماهير شعبنا الأبي ، دعم الثائرين بكل ما نستطيع ، لشرف وواجب وحق على كل عراقي وعراقية فلا تبخلوا في عطائكم واستبسالكم لدعم الثورة وثوارها .
على الجميع أن لا يتخلفوا عن المشاركة الفاعلة ، والنزول الى سوح التظاهر ، إن دعمكم ومساندتكم ومشاركتكم ، شرط لتحقيق أهداف هذه الثورة العظيمة .
العار والخزي والموت يلاحق كل من أصدر أوامر القتل بشكل مباشر وغير مباشر ، ومن أفتى وحرض على عمليات القتل والترهيب والاعتقال والخطف والتغييب .
نطالب بإحالة المجرمين القتلة الى القضاء لينالوا جزائهم العادل ، والكشف عن هوياتهم ومن أصدر تلك الأوامر .
تحميل رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ، مسؤولية ما جرى وما سيجري بحق الأبرياء السلميين ، ونطالب بإحالتهم الى محكمة الجرائم ضد الإنسانية في لاهاي كمجرمي حرب .
النصر حليف شعبنا وثورته المظفرة الباسلة ولجنودها وقادتها الأوفياء .