ضمت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من لقطات وصور النساء العراقيات المنتفضات والمشاركات في الانتفاضة وممن يقدمن الدعم اللوجستي والفني والطبي للشباب الثائر، وهذه الصور لم تقتصر على ساحة التحرير في العاصمة بغداد فحسب بل في مختلف المحافظات الوسطى والجنوبية المنتفضة.

من ضمن اللقطات التي استرعت انتباهي نساء محافظة النجف، فالمعروف عن المدينة طابعها الديني الواضح ، وبحسب تصورهم ومفهومهم المكان الطبيعي للمرأة هو البيت لا غيره، لكنني وجدت اليوم انها حاضرة وبشكل مبهر ومميز في ساحة الاحتجاج تهتف وتردد الشعارات بأعلى صوتها وتعبر عن رأيها بوضوح تام عبر القنوات الفضائية معلنة " اريد وطن، ونازلة اخذ حقي".

وفي محافظة كربلاء، كذلك من المدن الدينية، شدتني شجاعة المرأة التي ظهرت في مقطع الفيديو الذي تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، حين فتحت أبواب بيتها ليلتجئ المنتفضون فيه عندما لاحقتهم قوات مكافحة الشغب يوم 28 تشرين الأول، وقد تصدت للقوات الأمنية بكل عزم وقوة مع عائلتها.

في بابل، شمخت فتاة من مدينة الحلة كـ"عشتار" مرتدية زيها المدرسي على احدى السيارات ترفع العلم وتلوح به للمتظاهرين وتهتف اريد وطنا، ما شد من عزم الحشود الذين التفوا حولها وتحمسوا للهتاف.

احدى النساء في مدينة واسط، كانت تقف طيلة اليوم برفقة زوجها لتقدم الدعم من غذاء وطعام للمنتفضين الاحرار، ونساء ميسان لا يقل شأنهن عن اخواتهن في باقي المحافظات ومنهن من تطبخ وتوزع الطعام.

وفي البصرة ساندت المرأة الرجل ونزلت الى الشارع ضمن صفوف المنتفضين من طالبات وناشطات مدنيات وربات منزل وغيرهن الكثير يعجز اللسان عن وصفها والكلمات لا تفي حقها.

نعم انها المرأة ذاتها التي بقيت في المنزل تطبخ وتربي وتعلم الأطفال، هي ذاتها التي كانت تدبر أمور المنزل في وقت العوز والفاقة وتتحمل وتصبر على الجوع والتقشف، هي ذاتها التي تعبت وربت وضحت بزهرة شبابها وفلذات كبدها فداء للوطن.

المرأة اليوم حاضرة متواجدة في سوح الاعتصام تطلق صوتها وتقول كفى، وقت العبودية قد ولى وراح، تواصل الاحتجاج تتبرع بالمال وبالجهد ومن مختلف المناطق حتى المرأة في بلدان المهجر تساند وتدعم الثورة، الكثير منهن وبمختلف الفئات والاعمار الصغيرة والمسنة من الدكتورة الى بائعة الخبز والشاي البسيطة، المتعلمة والفنانة وحتى التي لا تفك رموز الخط من السفور والمحجبة والمدللة والدلوعة والشجاعة  وام الشهيد واخته كلهن ينظفن.. يهتفن.. يطبخن للثوار ويداوين الجرحى، و يساعدن، و ينظمن الصفوف اليوم، ويساهمن في التغيير، من اجل وطن للجميع.

عرض مقالات: