نحن لسنا دعاة فوضى ومشجعي اضطرابات، انما نحن عراقيين مسحوقين، تفحمت اجسادنا عبر هذه الحقبة المظلمة والقاسية من حكم الفاسدين والمرائين والمنافقين الذين ببلادتهم يظنون أنهم على قدر من الذكاء والضحك على الذقون لتمييع الحراك المبارك وافراغه من محتواه وبالتالي الانقضاض عليه، كما حدث في السابق، حين هدد المتظاهرون فلول اللصوص واعداء الوطن في عقر دارهم "خضرائهم السوداء" وبالتالي خدروا المتظاهرين وافرغوا مطالبهم من محتواها، لتعود الجرة كسابق عهدها، مليئة بالفتن والطائفية والمحاصصة القذرة وكل أنواع التآمر المفضوح، قصد كسب الوقت والتكالب على الامتيازات وتبييض الأموال وتكبير الكروش النتنة، لتعود دار لقمان على حالها. وكان الخاسر الأكبر هو الشهيد الذي ذهب دمه الطاهر سدىً، وهؤلاء الشباب المنتفض وجرحاهم الأبطال،  ليتمادى أنصاف البشر في غيّهم وتعود العجلة الى الوراء ابعد مما سبق، لتتفاقم محن الشباب وفواجع العراقيات والعراقيين والبلاد تواجه اهمالا متعمدا لا نظير له، والفساد يزداد تفاقما وشراسة، بعد أن تحول الى ظاهرة واضحة ومكشوفة للعيان، ذلك أن العراقيين ممن يرصدون تسرب الأموال الى جيوب الحرامية ممن يعيشون بين ظهرانيهم، ليتحول الجائع بالأمس الى ثري مفضوح، بامتلاكه العقارات والأطيان والأرصدة، والمصيبة أن هذا الفاسد، لا يغلق فمه يوما عن التحدث عن الفساد وسرقة أموال الشعب ليغطي لصوصيته وقذارته بإطالة الأذرع لنهب ما يمكن نهبه، اعتقادا غبيا منه، بأن المواطن لا يعلم بمصدر ثرائه الفاحش بعد أن تحول من سائل ذليل على أبواب دول الجوار مقابل بيع شرفه وكرامته، الى وطني أجوف، يعلم القاصي والداني بأن ثروته غير المشروعة هي من أموال جياع العراقيين.

هذا التجاوز الخطير، والذي يعد من أخطر الملفات وهو أساس كل الكوارث التي لحقت وتلحق بالشعب العراقي الجائع والمحروم من ابسط وسائل العيش الكريم.

والمصيبة أن شلة الفاسدين ورعاع السياسة أخذوا على عاتقهم افلاس خزينة العراق بشكل متعمد وسافل وتوزيعها على كلاب حراستهم وماسحي احذيتهم بشكل مخيف لم يأبهوا أبدا لما يحتاجه البلد من إعادة بناء تتطلب أموالا طائلة، كان ينبغي أن تخصص لإعادة الاعمار في كافة مجالات الحياة لبلد مخرب ومنهك ومدمر، فلا مدارس ولا مستشفيات ولا سكن لائق ولا تشغيل العاطلين وإيجاد فرص عمل للشباب ولا تغطية اجتماعية للفقراء ولا تغطية صحية ولا إعادة البنية التحتية المخربة، ولا ماء ولا كهرباء ولا كرامة ولا... ولا...

لنصبح ونمسي على خراب ما بعده خراب، فكيف اذن للبطرانين أن يطلبوا من الأفواه الجائعة العودة الى التعقل والرزانة والتخلي عن المطالبة بحقوقهم المهدورة والاتيان الى مقرات العار والرذيلة، لفتح حوار مع من يريد ابقائهم على ما هم عليه، ربحا للوقت وسرقة ما يمكن سرقته، ولا من يفكر منهم بأن الحساب العسير قريب جدا، وإن ثورة الجياع عبر التاريخ وحقب زمنية بعيدة وقريبة، لا يمكن ايقافها أو إطفاء جذوتها بعد أن تتحولت الى حراك وجود وكرامة واسترداد حقوق مسلوبة.

فوجئنا صباح هذا اليوم السبت بغياب الشباب عن سوح الكرامة بشكل اثار استغرابنا، ولا نعرف سببا له، لعل السبب يكون تمرير حيل الساسة الفاسدين، بوضع الحلول السحرية لكافة المشاكل، كما حدث قبل ذلك وبالتالي الالتفاف على المطالب المشروعة، ومن ثم هجوم غيلان الفساد من جديد بعد أن تخفت جذوة الثورة، التي لا نظن أبدا بأنها ستخبو أو تنطفئ جذوتها أبدا ما لم يتم انتزاع الحقوق كاملة، إن في استمرار الحراك المبارك رغم التضحيات الجسيمة التي يقدمها الشباب الثائر، او عن طريق فتح حوارات جادة وبشروط تقيد تلاعب الفاسدين بنتائجها. السبيل الوحيد من الخروج من نفق المحاصصة والفساد.

نبارك لكم حراككم المقدس وتحديكم الشجاع ووقوفكم بوجه رصاص جبناء المنطقة الخضراء الذين أغرتهم أطماع السلطة وزيفها ونهب الثروات واعمت عيونهم وحجّرت عقولهم وقلوبهم، لينتظروا قريبا مصيرهم المحتوم، إن هم بقوا هكذا وبهذا العناد البليد مختبئين في بروجهم العاجية.

وما يوم بزوغ الفجر العراقي الجديد ببعيد.

مجدا وخلودا لشهدائنا الأبرار ودعاء صادقا للجرحى الأبطال

وليستمر حراككم حتى نيل كرامتكم المهدورة

 

 

 

عرض مقالات: