أعلنت حكومة جبل طاريق عن إحتجاز ناقلة النفط الإيرانية العملاقة، والتي كانت متوجهة إلى ميناء بانياس السوري، بطلب من الإدارة الأمريكية، في عملية قرصنة بحرية ، كون السفينة كانت في المياه الدولية، مما أثار الإنتباه إلى الإستراتيجية الأمريكية في السيطرة على طرق التجارة العالمية ، وحقيقة أهدافها في مضيق هرمز، بعد الإعلان عن تشكيل تحالف عسكري بحري ، في مناطق الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عُمان وبحر العرب.

نشر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات، بتاريخ  2019.07.12 ، دراسة  أعدها  اللواء الركن المتقاعد الدكتور عماد علو مستشار المركز، سلطت الأضواء على أبعاد تشكيل هذا التحالف، وأنه يأتي ضمن إستراتيجية أمريكية للسيطرة على طرق التجارة الدولية، وهو موجه أساسا ضد الصين وروسيا والهند، ولضمان الهيمنة الأمريكية ومركزها الإمبراطوري، بعيدا عن القوانين والأعراف الدولية.

أشارت الدراسة إلى أن تشكيل التحالف من أجل مضيق هرمز، والذي تم الإعلان عنه على لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دانفورد ، يهدف إلى  مجرد الإستطلاع والسيطرة، ولكنه لم يتطرق للأسباب الحقيقية لتشكيله، والمتمثلة في سعي الولايات المتحدة لتفعيل سيطرتها الدولية على البحار والمحيطات والمناطق الحيوية.

فقد سبق للولايات المتحدة ، أن شكلت مثل هذا التحالف في 6 حزيران عام 2012 ، و يهدف إلى نشر قوة بحرية كبيرة ، بإتجاه المحيط الهادي بحلول عام 2020 ، ضمن إستراتيجية عسكرية جديدة تتمحور حول آسيا ، وترمي لتثبيت الدور والوجود الأمريكي في المناطق الحيوية ، لضمان هيمنتها العالمية كالقوة الأعظم على الصعيد الدولي.

تسعى الولايات المتحدة إلى رفع حجم قوتها البحرية في المحيط الهادي بنسبة 50% ، وذلك بتحويل ما نسبته 40%-60% من قوتها البحرية في المحيط الأطلسي لصالح المحيط الهادي.

ونقلا عن تقرير نشره معهد السياسة الإستراتيجي الأسترالي، أشارت الدراسة إلى سباق التسلح المحموم الجاري في آسيا، والتصاعد المتسارع للقوة البحرية الأمريكية حول الصين لتطويقها.

فيما يتعلق بمضيق هرمز، الممر البحري ل 40% من نفط العالم ، حيث يمر من خلاله قرابة 17.4 مليون برميل نفط يوميا ، عرضت الدراسة أنه يأتي ضمن هذه الإستراتيجية الأمريكية العامة، وهي إمتداد للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج العربي منذ عام 1991، وتشمل إحتلال العراق وما يجري في سوريا ، ولتأمين المصالح الأمريكية في مواجهة روسيا والصين، وضمن التنافس بين منتجي النفط ومنتجي الغاز.

ولإستمرار التحكم بالتجارة العالمية، صرح الأميرال مايك مولن، رئيس الأركان المشتركة الأمريكية،  عن تشكيل القوات البحرية " العولمية "، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وهدفها هو بناء أسطول من ألف بارجة، للتحكم بالمياه الدولية، وهو ما يعني إندماج القوات البحرية لحلف الأطلسي، وقوات البحرية للحلفاء الآخرين، في شركة بحرية عالمية.

ولعل من أكثر الشواهد على ما أشارت إليه الدراسة، هو ما نشهده منذ سنوات من تحركات في محيط البحر الأحمر، وما يجري في اليمن وحول موانئها، والقواعد العسكرية المنتشره في جيبوتي.

حسب الدراسة، بدأ العمل بتطبيق هذه الإستراتيجية العولمية، من منطقة الخليج العربي ومياه إفريقيا وبحر عُمان، وتعتبر القوة المنتشرة في الخليج ومياه الشرق الأوسط، والتي أطلق عليها لقب " القوة الواجب المشتركة 152 "،جزءا منها ، وتضم قطعا بحرية إيطالية وفرنسية وألمانية ، وهي عاملة في الخليج ومقر قيادتها في البحرين.

لعب جون بولتن ، مستشار الأمن القومي الأمريكي، دورا بارزا في بلورة هذه الإستراتيجية، منذ أن كان يشغل منصب المساعد في وزارة الخارجية الأمريكية، ومكلفا بمراقبة عمليات التسلح والأمن الدولي.

ومنذ 31 أيار 2003 ، أعد البيت الأبيض هذه الإستراتيجية ، وتضمنت السماح بإنتهاك القوانين الدولية، بما يعني إطلاق العنان للولايات المتحدة الأمريكية في إنتهاك القوانين الدولية ، وتفتيش وإستجواب السفن البحرية التجارية الأجنبية، والمتواجدة في المياه الدولية، تحت مسميات وحجج مختلفة ، منها مكافحة الإرهاب.

الجدير بالذكر أن جون روبرت بولتون، المحامي والدبلوماسي الأمريكي، والذي عمل سفيرا في الفترة ما بين أغسطس 2005  وديسمبر 2006 ، في ظل رئلسة جورج دبليو بوش، يُعتبر من المحافظين الجدد، وقد كان عضوا بارزا في العديد من الجماعات المحافظة الجديدة ، منها المعهد اليهودي الأمريكي (JINSA) ولجنة السلام والأمن في الخليج.

يُعد  جون بولت ، وهو مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، من أكثر الداعين لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، ومن المروجين لضرورة أن  تُعبر الولايات المتحدة الأمريكية عن قوتها بشكل عملي، ومن الذين لا يقيمون وزنا للمؤسسات والمواثيق الدولية، ساهم بنشاط في دعم غزو العراق، وكان من أهم االمدافعين عن شعار " دول محور الشر"، والتي ُعني بها في حينها :

العراق- إيران- كوريا الشمالية ، وثم أضاف إليها ليبيا- سوريا- كوبا، ويُلقب ب "مهندس "حروب الرئيس  ترامب ، ومن أصدقاء إسرائيل،  ومن أقواله:

"يجب أن تنهي السياسة الأميركية الثورة الإسلامية الإيرانية.. إن الاعتراف بنظام إيراني جديد في عام 2019 من شأنه أن يزيح العار الذي حدث عندما شاهدنا الدبلوماسيين الأميركيين رهائن لمدة 444 يوما. ويمكن للرهائن السابقين قطع الشريط لفتح السفارة الأميركية الجديدة في طهران"

(جون بولتون)